كرامتك أهم من لقمة عيشك…….كيف نُعيد الموتى للحياة؟……..

خواطر وقصص بقلم: رانية مرجية

تاريخ النشر: 11/06/25 | 5:59

كيف نُعيد الموتى للحياة؟

بقلم: رانية مرجية

لا أحد يعود كما كان، لا أحد يُبعثُ إلينا بجسده، لكننا نملك قدرةً خارقة لا يعترف بها العلم ولا المنطق، اسمها: المحبة.

نُعيد موتانا للحياة حين نحبّهم أكثر، لا بالرثاء، بل بالوفاء.

حين نذكرهم لا لأنهم رحلوا، بل لأنهم تركوا أثرًا لا يمكن أن يُمحى.

نُعيدهم حين نُمسك فنجان القهوة كما كانوا يفعلون،

نُعيدهم حين نطبخ طعامهم المفضّل، ونضحك لأننا فشلنا في تقليد نكهتهم.

نُعيدهم حين نعلّم أولادنا أسماءهم، ونخبرهم أن هذا الجد أو تلك الجدة كانت شمس البيت، وكان له أو لها قلبٌ لا يتكرر.

نُعيدهم حين نحمل رسالتهم، ونمشي على خطاهم، لا كعبء، بل كامتداد.

حين نكتب، حين نغنّي، حين نبني، حين نزرع، لأنهم كانوا يحلمون بذلك ولم يمهلهم الوقت.

نُعيدهم حين نُكمل الحلم عنهم.

الموت لا ينتصر على الذين نحبهم.

نحن من نمنحه الشرعية حين نكفّ عن الذكر، وحين نخجل من البكاء، وحين نتظاهر أن الحياة تمضي كما كانت.

أما نحن، فلا، لا نخجل من وجعنا.

نحن من نؤمن أن كلّ ذكرى هي قبلة على جبين من رحل، وكل دمعةٍ صادقة هي صلاة حبّ خالدة.

نُعيد الموتى للحياة…

حين نصير نحن، الحياة التي تمنّوها.

————————————————————
كرامتك أهم من لقمة عيشك

بقلم: رانية مرجية

في بلادٍ نُهبت فيها الأرض، وسُرقت السماء، وصارت الكرامة تُباع بالقطاعي على أرصفة المنظمات –

يأتيك من يُقنعك أن “العيش بكرامة” ترفٌ لا يليق بالفقراء.

فيقول لك: “اصبر… خذ المساعدة… وقع الاستمارة… بس لا ترفع صوتك.”

ولأنك جائع، وربما لأنك خائف،

تمدّ يدك للخبز، وتخفي فمك عن السؤال.

لكن، يا عزيزي المنهك،

هل جرّبت أن تبلّ رغيف الخبز بالذل؟

هل شعرت كيف يتحوّل اللقمة إلى حجرٍ في الحلق،

عندما يأتيك طعامك مشروطًا بالصمت؟

أن تشبع معدتك، لكن تُفرغ روحك من كل معنى؟

أنا لا أكتب هذه الكلمات من برج عاجي،

بل من قلب الرملة، من شارع تصطفّ فيه الجمعيات أكثر من الأشجار،

من مدينة تعلّمت أن البقاء ليس دائمًا انتصارًا،

وأن الأكل ليس دليلًا على أنك ما زلت حيًّا.

أعرف أمًّا في يافا ترفض أن تُوقّع على معونة غذائية

لأن المندوب طلب منها صورة عن هويتها وصورة عن وجعها أيضًا،

قالت له: “بطني ليس أهم من اسمي.”

فأُدرجت في قائمة “الرافضين”، ونامت ليلتها على ماء وكرامة.

وأعرف عاملًا في البناء طردوه لأنه لم يضحك على نكتة عنصريّة،

قال له المعلم: “بدّك تشتغل ولا تتفلسف؟”

فردّ عليه: “أشتغل، بس مش كلب.”

فأُدرج في قائمة “العاطلين”،

لكنّه بقى واقفًا، كما تعلّم من الحجارة لا من الأحزاب.

هل الكرامة تملأ البطن؟

لا، لكنها تحفظ قلبك من التقيّؤ.

هل اللقمة أهم؟

ربما… في يومك الجائع.

لكنّ كرامتك هي ما يُبقيك إنسانًا في زمنٍ يعاملك كرقمٍ في بطاقة تموين.

يا من علمونا أن نسكت ونأكل،

نحن نقول لكم اليوم:

نُريد أن نأكل ونحن واقفون،

لا زاحفون على عتبات مكاتبكم،

ولا نازفون في أحضان فسادكم.

نُريد أن نعيش كما يليق بنا،

لا كما يُناسب مقاسات إغاثاتكم.

فيا كل من باع صوته في صندوق الانتخابات مقابل كيس عدس،

تذكر: العدس يُطبخ،

لكنّ صوتك… يُحرق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة