خواطر… بقلم عطا الله شاهين

تاريخ النشر: 09/05/20 | 2:06

تسكتين سغبي بنظراتِ عينيكِ
عطا الله شاهين
لا أدري لماذا أُحِبُّ حضوركِ وقتما أكون جائعاً؛ ولا شيء في البيتِ من طعامٍ لأكلِه، فالطّعامُ نفد البارحة، ولم أذهبْ للسوبرماركت منذ شهرين، فالكسلُ سوّجني، ومنعني من الابتعادِ عن أريكتي، ولكن حين تحضرين مثلما يحصل في كل مرة تسكتين سغبي بنظراتِ عينيك، التي تمدني غذاء روحيا سرمديا؛ ولا تئنّ معدتي من الجوع، وعقلي لا يفكّر في أي شيء حينها سوى فيك، فقلبي يدقّ بسرعة، وعيناي ترقصان من وجودكِ على بُعدِ مترٍ واحد منّي، وأنت ترمقينني بنظراتٍ كلها حُبّ، وكأنّكِ من كوْنٍ آخر.. تسدّين جوعي لزمن حتى يأتي موعد توديعكِ، ها أنتِ تنظرين صوبي بصمتٍ، وكمّامة زرقاء تغطّي وجهك، ولا تقتربين مني، وكأن الفيروس يرقص على شفتي رقصة الموت، وتخافين من الدنو مني، وأنا لا أحرّضكِ بعيني للدنو مني، رغم أنني مشتاق لك، لكن أقسم بأنني لم أخرج من شقّتي منذ زمن، حتى أنه فرغ الطعام عندي، والكسل يمنعني من الذهاب لشراء مواد تموينية، لكنّ حضوركِ يكفي، وأنسى سغبي، فلماذا تستعجلين العودة الى منزلكِ المُمل، فابقي لزمن هنا، حتى لا أشعر بجوع، فنظرات عينيك تسكت جوعي لزمنٍ سرمدي، فلا ترحلي قبل أن تقول لي كلمات عن الحُبّ، فلماذا فقط تنظرين صوبي دون بوْحٍ مجنون كعادتك؟ هل أنتِ خائفة من أن يعكّر مزاجنا الفيروس الصغير، الذي كما يقولون يطير في الهواء، أو أنكِ تعتقدين بأن على شفتي فيروس صغير يرقص رقصته الأخيرة قبل أن يمزّق رئتي..
لا أرغب في الدّنو منكِ، على الرّغم من يقيني بأنني لستُ مريضا، بل لأنني أرغب في تفهّمكِ لاشتياقي المجنون لكِ، فاسكتي جوعي بنظرات عينيك عن بُعدٍ، ولا تقتربي أكثر، لأن كل سينتيمتر واحد تدنين فيه صوبي أجنّ اكثر، فظلّي بعيدة عني، كي لا أفقد السّيطرة على عقلي، الذي يحثّني على اجتياحكِ، لكنني لم أسمع لعقلي، وها أنا أنظر اليكِ بكل حُبّ، فما أروع نظرات عينيكِ، لأنها تسكت سغبي بصخبهما الراقص، رغم أنّ شفتيكِ ترغبان في البوْحِ، ولكنّكِ خائفة مثل كل مرة .. فعيناكِ هما غذائي، فلا تغيبي عنّي مدة طويلة..
=================

بوح المرايا
عطا الله شاهين
حين تقف أمام مراياها تصغي لصمتها حتى تبوح لها عن كل شيء يزعجها، هناك صمت وتحديق في المرايا، فكل مرآة تبوح بذات البوح عن امرأة ترى وجهها تغيّر مع مرور السنين، ولكنها ترتاح من بوح المرايا، التي تعكسها كما هي دون مواربة أو دون كذب عن ملامح وجهها المتعب.. هناك تبوح لها المرايا عن عينيها التواقتين للحب، فهي منذ زمن لم تذق طعما للحب، بعدما رحلت عن وطنها مجبرة بفعل حرب مجنونة، لكنها أيضا لحبيبها، الذي لم يبد أية رغبة في منعها من الرحيل..
تقف كل يوم أمام المرايا لتبوح لها عن عينيها المتعبتين من أرق يحتل قلبها ..تصمت أمام المرايا وتبكي على أيام تتحسّر عليها.. فالمرايا تبوح لها عن عشقها لوجه امرأة كانت في البداية مفعمة بالحياة، فالمرايا لا تحب البوح عن حزن امرأة، إلا أن إصرار المرأة على الوقوف لزمن أمامها لتبوح لها عن عشقها النائم في عينيها وهذا يجعل المرايا تبوح لها بصمت..
هناك تصغي للمرايا بكل صمت مجنون، ولكن دموعها تظل تسيل من عينيها اللتين تتوقان لرؤية حبيبها، ولرؤية بلدها، التي ابتعدت عنها قسرا..
فبوح المرايا بات صديقها في غربة صعبة، ولا يمكنها أن تبتعد عن بوحها، الذي يريّح أعصابها على الأقل في غربة ترى بأنها غربة مؤقتة..
======================

حين تسرّ من بوْحِ المرايا
عطا الله شاهين
هي تعي تماما بأن بوح المرايا يقربها من طعم الحياة، رغم مرارتها، وعند وقوفها أمام مراياها المعلقة في غرفها، التي يقتلها الصمت، وتدرك بأن المرايا لا تبوح، الا عن عشقها لها، لأنها حينما تنظر المرأة في مراياها تسرّ لأنها تريد عكس وجه امرأة تشعر بضجر وبحزنٍ من بعدها عن وطن تركته، رغما عنها ..هناك المرايا تبوح لها عن تعبها من عدم النظر إليها مدة من الزمن، فحين تنظر المرأة إلى مراياها ترى تلك المرأة وجهها المنعكس من سطح المرآة الذي يريها وجهها كما هو.. تريها تجاعيد حفرها الهرم، لكن المرأة تعي تماما بوح المرايا، ولهذا تصمت وتسرّ من بوحها، وتنام على تختها حزينة، لأنها تهرم دون حُبّ، فحبيبها تركها ذات زمن، ولم تقع في حُبّ آخر، ولقيت المرايا صديقات لها، ولهذا لا يمرّ يوم دون الوقوف لدقائق للنظر في مرايا معلقة على حيطان يميتها لونها الباهت..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة