سامية عرموش تطرح قضية مها الصغير: بين الصدمة النفسية والاعتذار، هل يمكن أن نبرر الخطأ؟
بقلم: رانية مرجية
تاريخ النشر: 08/07/25 | 13:38
تناولت الزميلة سامية عرموش في مقالها قضية مثيرة للجدل حول الفنانة والإعلامية مها الصغير، مستعرضة موضوعًا معقدًا يمزج بين الفن والنفس البشرية، وكيف أن الظروف النفسية قد تؤثر في قراراتنا وتصرفاتنا إلى حد قد ننسل فيه إلى منطقة “التبرير” بدلاً من الاعتراف الكامل بالخطأ. وقد تناولت سامية القضية من جوانب متعددة، بما في ذلك الظروف النفسية التي مرت بها مها الصغير، بينما ركزت على جوانب أخرى تستحق التأمل العميق.
أزمة الهوية والضغط النفسي
من خلال ما جاء في المقال، وبالاستعانة برأي المعالج النفسي خالد بشارات، يظهر أن القضية ليست فقط أزمة فنية أو أخلاقية، بل هي في جوهرها أزمة هوية. مها الصغير، كما يشير بشارات، تعاني من فقدان القيمة والشعور بالعجز بعد الطلاق، وهو ما يعزز دافعًا داخليًا لتجاوز حدود العقلانية، بل حتى الصدق، من أجل إثبات الذات. كان وكأنها تقول للعالم: “أنا هنا”، لست مجرد رقم في حياة شخص آخر، ولا مجرد ظل لشخص آخر.
الطلاق، كما يصفه بشارات، ليس مجرد انفصال عاطفي، بل هو زلزال يغير العديد من الأبعاد الشخصية والمهنية والاجتماعية. ومن المحتمل أن مها الصغير في محاولتها لتقديم نفسها كمبدعة فنية كانت تهدف إلى إعادة بناء شخصيتها في عيون الجمهور، ولكن قد تكون قامت بذلك بطرق خاطئة، مثل نسب أعمال ليست لها. هل يمكن تبرير هذا الفعل؟ يظهر التوتر هنا بين البعد النفسي والجانب الأخلاقي. هذا المزيج المعقد من الألم النفسي والانكسار الشخصي قد يدفع الشخص بسهولة إلى ارتكاب أخطاء لم يكن ليفكر فيها في ظروف أخرى.
الصدمة النفسية والتسريع بالكشف
أحد الأسئلة المطروحة في المقال هو مدى تأثير العولمة ووسائل التواصل الاجتماعي في كشف مثل هذه الأخطاء. يثير هذا السؤال القلق حول ما إذا كانت مها الصغير قد توقعت أن تنهار التلاعبات بسرعة في عصر العولمة، حيث يصبح كل شيء مكشوفًا في ثوانٍ. ربما كانت مها تعتقد أن الاعتذار بعد الفضيحة هو “الصفقة الرابحة”، ولكن تبقى الحقيقة واحدة: المجتمعات لا تنسى بسهولة، والأخطاء لا تختفي بمجرد الاعتذار.
من جانب آخر، يأتي تأثير وسائل الإعلام كعامل مكمل لهذا الصراع النفسي. من خلال مشاركتها في برنامج “معكم منى الشاذلي”، كانت مها تحت ضوء الأضواء الساطعة التي غالبًا ما تُسهم في تضخيم مشاعر العجز والخوف. فهل لعب الإعلام دورًا في تعميق الأزمة النفسية التي عاشتها؟
الاعتذار كاستراتيجية
الاعتذار الذي قدمته مها الصغير، وفقًا لما ورد في المقال، لم يكن مجرد محاولة لتبرير الموقف، بل كان أيضًا خطوة نحو إعادة بناء صورتها الذاتية أمام المجتمع. أحيانًا، قد يكون الاعتذار هو الخطوة الأولى في رحلة علاجية، لكنه أيضًا قد يكون سعيًا لتخفيف العواقب المترتبة على تصرفاتنا. ومن هنا يظهر التوتر بين الدوافع النفسية للتعافي وبين الأبعاد الاجتماعية التي تتطلب الاعتراف الكامل بالخطأ.
مسألة سرقة الملكية الفكرية
رغم الظروف النفسية التي قد تمر بها الشخصيات العامة، تبقى سرقة الملكية الفكرية خطأ فادحًا. فقد سُلبت من الفنانة ليزا لاش نيلسون حقها الكامل في التعبير عن نفسها عبر لوحتها. هذا الجانب يعكس مرة أخرى تصادمًا بين الحياة الشخصية للفنانة وحياة العمل، وبين القيم الإنسانية والفنية التي يجب أن تحكم مثل هذه المسائل.
ختامًا
يتضح في نهاية المقال أن القضية التي طرحها سامية عرموش ليست مجرد “فضيحة” أو “خطأ” يخص شخصية عامة فحسب، بل هي انعكاس لواقعنا الاجتماعي والنفسي المعقد. ما يحدث على السطح، من نسب أعمال والتورط في كذب ظاهر، يتضمن في عمقه أزمة نفسية تفرضها تغيرات الحياة، مثل الطلاق أو الأزمات الشخصية. لكن ذلك لا يُلغي ضرورة الاعتراف بالخطأ والاعتذار عنه، بل قد يكون فرصة لتعلم دروس عميقة في مسألة الهوية، والصدق مع الذات، واحترام حقوق الآخرين.
في كل مرة نتعرض فيها لمثل هذه القضايا، لا بد لنا من التأمل في الأسباب والدوافع، ونسعى لفهم إنسانيتنا بعيدًا عن التسرع في إصدار الأحكام.