موقف مالك بن نبي من الجمعية – معمر حبار
تاريخ النشر: 19/02/20 | 10:26الثلاثاء 24 جمادى الثانية 1441 هـ – الموافق لـ 18 فيفري 2020
البداية السؤال والجواب: اتّصل بي البارحة زميلنا سمايلي عبد الهادي عبر الخاص فقال: السلام عليكم ورحمة الله . أنا طالب ماستر 2 تاريخ إسلامي بجامعة الحاج لخضر باتنة. وجدت لك عدة مقالات حول مالك بن نبي وكتابه العفن الذي هو موضوع مذكرتي للماستر وأردت الاستزادة منك في بعض النقاط أستاذ.
أجبت: السّلام عليكم. تفضّل مشكورا ودون استئذان.
قال: عنوان مذكرتي أستاذ: مالك بن نبي وآراؤه النقدية من خلال كتابه العفن. أريد التركيز حول نقده لجمعية العلماء ورجالاتها ونقده لبن جلول وفرحات عباس لذلك أريد الإفادة منك تحديدا حول صراع مالك بن نبي والجمعية.
أسئلتي الموجّهة للطالب حول مالك بن نبي؟: قلت: دعني أسألك بعض الأسئلة: كم كتابا قرأت لمالك بن نبي؟ ماهي الكتب التي قرأتها؟ ماذا تعلمت من مالك بن نبي؟ ماهي الأفكار الحسنة التي شدّت انتباهك؟ ماهي سيّئات مالك بن نبي التي وقفت عليها؟ هل قرأت له باللّغة العربية أم الفرنسية؟ هل قرأت لمن يعارضونه وينتقدونه؟ من هم؟ وما رأيك؟ هل قرأت لمؤيديه ومحبيه؟ من هم؟ وما رأيك؟ أيّ مواضيع مالك بن نبي تفيد الجزائر وتستحق أن نقرأها ونجسّدها؟ أيّ مواضيع مالك بن نبي تضرّ بالجزائر ولا يمكن أن نتطرّق إليها لأنّها تضرّ بالجزائر؟
ختمت مجموعة الأسئلة بقولي: ملاحظة، لست مجبرا أن تجيب الآن. أنتظرك غدا وعلى حسب إجابتك سيكون التعامل والتفاعل.
إجابة الطالب الجامعي: أجاب الطالب بقوله: أهم كتاب تأثرت به جدا هو ميلاد مجتمع.. قرأته أكثر من خمس مرات. أما اللغة فلم أقرأ له إلا كتبه العربية. بالنسبة لمؤيدي مالك بن نبي فهم كثر. واطلعت على قلة ممن كتب عنه وانتصر له. أما بالنسبة لمن ينتقده فسمعت فقط أساتذة يطلقون أحكاما عامة وأحدهم وصف بن نبي بالمرتد نظرا لبعض ما قاله في كتاب العفن (ذم الإسلام حسب الأستاذ). أغلب الردود على مالك بن نبي حسب ظني ورؤيتي البسيطة فيها إما عدم فهم أو أحكام مسبقة وبعضها صحيح وكل يؤخذ من كلامه ويُرد، مثلا كلام الأستاذ غازي فيه إجحاف كبير وقلة إنصاف لكن فيها كذلك من الصواب كعلاقته بجمال عبد الناصر.
أفكاره التي تفيد الجزائر.. فكرة الواجب قبل الحق فكرة بناء شبكة علاقات قوية فكرة الإصلاح المحلي الذي يستغني عن أفكار مستورة ونزعة التكديس وربما من بين ما تحتاجه الجزائر حسب مالك بن نبي والذي أريد أن أصله إليه من خلال بحثي هو جمع المفترق من التيار الوطني والإسلامي على رؤية واحدة.
الافكار تضر بالجزائر.. حسب اطلاعي الضئيل على فكر مالك بن نبي لا توجد
هذه إجابات مقتضبة ومختصرة أستاذ، وأتمنى أن لا تبخل علينا بعلمك وربما تكون لي زيارة لك أستاذ بالشلف.
تدخلت حينها وقلت: جيد. إجابتك تبيّن أنّك ملم – على العموم – بمالك بن نبي وهذا مايشجّع على متابعة النقاش. إذن، أنا الآن تحت تصرفك. اطلب وستجدني إن شاء الله مطيعا..
أسئلة الطالب الجامعي: أعاد الطالب الجامعي أسئلته فقال: شكرا أستاذ وأحسن الله إليك. سؤالي أستاذ هو حول: صراع مالك بن نبي مع جمعية العلماء. مظاهره وخلفياته؟. وهل فعلا كما يُروج البعض أنه بسبب حسد مالك بن نبي لمشايخ الجمعية ؟
إجابتي للطالب الجامعي: ارتجلت الإجابة ودون الرجوع لمقالاتي التي كتبتها في ذات الشأن فأجبت الطالب الجامعي:
1. لاعلاقة للحسد بالموضوع ولم أقف عليه من خلال قراءاتي ولا يظهر من خلال كتب ومقالات مالك بن نبي أنّه كان يحسد الجمعية.
2. كانت لمالك بن نبي نظرة تجاه الاستدمار الفرنسي والإصلاح تختلف عن نظرة الجمعية فظلّ هذا الاختلاف قائما.
3. انتقد مالك بن نبي الجمعية أثناء مؤتمر 1936 لأنّه رأى أنّ الجمعية تنازلت كثيرا وجعلت على رأس الوفد فرحات عباس وبن جلول وهما من دعاة الاندماج ونزلت الجمعية بفندق بباريس سيّء السّمعة. وظلّ هذا الاختلاف قائما وكان أساس كلّ الاختلافات فيما بعد.
4. عاقبت الجمعية مالك بن نبي حين حرمته من منحة كانت تمنح له لاجئ بالقاهرة بسبب مواقفه المعارضة لمواقف الجمعية.
5. عارض مالك بن نبي اختيار الجمعية للشيخ فضيل الورتلاني ممثّلا عنها بباريس ولم تختره وهو الذي يتقن اللّغة الفرنسية ويعرف فرنسا باعتباره درس بها.
6. عارض مالك بن نبي الجمعية في كيفية طرق التعليم والإصلاح واعتبرها غير مجدية لأنّها تهتم بالشكل دون المضمون.
7. كتب مالك بن نبي كتابه “الظاهرة القرآنية” فرفضت الجمعية أن تكتب مقدمة للكتاب واستهزأت منه حين اعتبرت أنّه تطرّق لموضوع لايحسنه وليس من اختصاصه فحرمت نفسها فضل كتابة مقدمة للكتاب وسبقها للفضل أساتذة من المشرق العربي. وما زلت أعتقد أنّ مالك بن نبي لو لقي التشجيع من الجمعية في مثل هذه الكتب لأبدع وكتب في هذا الجانب لكن استهزاءها واستصغارها لمالك بن نبي جعله لايعود لمثل كتاب “الظاهرة القرآنية” ولذلك لم يكتب في هذا النوع إلاّ كتابه “الظاهرة القرآنية” ولم يعد إليه أبدا.
8. مالك بن نبي كان يكنّ كلّ الاحترام والتقدير للشيخ عبد الحميد بن باديس حتّى وهو يخالفه في موقفه من مؤتمر باريس سنة 1936. وكتب رسالة كلّها ثناء وشكر لتفسير ابن باديس وقد نقلها الأستاذ عمار طالبي في كتابه “آثار ابن باديس” ما يدل على أنّ مالك بن نبي لقي الله وهو يحب ويحترم ويوقّر ابن باديس..
9. للأمانة العلمية، مالك بن نبي وهو يثني على تفسير ابن باديس وعلى ابن باديس إلاّ أنّه لم يعتذر لابن باديس عن موقفه الرافض لموقف الجمعية سنة 1936 مايدل على أنّ مالك بن نبي لقي الله تعالى وهو متشبّث بموقفه الرّافض لمواقف الجمعية تجاه الاستدمار الفرنسي رغم كلّ الثناء والمحبة التي أبداها لابن باديس.
10. المسألة بين مالك بن نبي والجمعية لاعلاقة لها -في تقديري- بأمور شخصية إنّما لها علاقة بمواقف مختلفة متضاربة تتعلّق بالموقف تجاه الاستدمار الفرنسي خاصّة مؤتمر سنة 1936 الذي انبثقت عنه كلّ الاختلافات.
11. وقفت الجمعية مواقف وخالفها مالك بن نبي في مواقفها فنشب الحرمان والقطيعة.
12. وصلت درجة الاختلاف أنّ مالك بن نبي يضع اسم العلماء هكذا بين شولتين “العلماء” مايدل على أنّه لايعترف بهم كعلماء. ونفس الشيء يفعله مع الزعماء حين يضعهم بين شولتين هكذا “الزعماء” مايدل على أنّه لايعترف بهم كزعماء.
ختمت تدخلي بقولي: ماقلته لك مرتجل ومن الذاكرة. أعد قراءة الإجابة وحاول أن تنبّهني لأخطاء أكون قد وقعت فيها. هذا الشطر من الإجابة وأنتظر المزيد إذا شئت.
لكلّ نقطة ذكرتها لك لها مقال مفصّل كتبته عن مالك بن نبي.
ليلتك أسعد.