متنفَّس عبرَ القضبان (125)
حسن عبادي| حيفا
تاريخ النشر: 01/07/25 | 13:26
بدأت مشواري التواصليّ مع أسرانا الأحرار رغم عتمة السجون في شهر حزيران 2019 (مبادرة شخصيّة تطوعيّة، بعيداً عن أيّ أنجزة و/أو مؤسسّة)؛ ودوّنت على صفحتي انطباعاتي الأوليّة بعد كلّ زيارة؛
أصدرت كتاباً بعنوان “زهرات في قلب الجحيم” (دار الرعاة للدراسات والنشر وجسور ثقافيّة للنشر والتوزيع) وتناولت تجربتي مع الأسيرات حتى أواخر شهر آذار 2024، حين تمّ منعي من الزيارات، وتم لاحقاً إبطال المنع بعد اللجوء للقضاء.
ونشرت في حينه خاطرة بعنوان “صفّرنا الدامون”… وخاب أملي.
عُدت لزيارة الدامون لمواكبة وضع حرائرنا كي لا تستفرد بهن سلطة السجون؛
وجدت الوضع مأساوياً تقشعر له الأبدان، ونحن صامتون صمت أهل القبور.
عقّب الصديق مفيد الشرباتي: “إن شاء الله الأمل معقود بحريتهن جميعاً وقريباً حرية مشرّفة ويكن سالمات غانمات مرفوعات الرؤوس. مشكور عزيز حسن على الجهد الجبار ودمت سدا وسندا لكل المقهورين”.
وعقّبت الأسيرة المحرّرة إيمان فطافطة أعور: “بارك الله فيك أستاذ حسن وبجهودك الطيبة. يا رب يجبر خاطرها ويكون عرسها بموعده وتتهنى وتفرح وراح تكون أحلى عروس يا رب فرج كرب كل الأسرى والأسيرات ودفي قلوبهم بأحبابهم وأهاليهم”.
وعقّبت أمال شيخة: “الكرمل يا ابنتي …يا من لك من اسمك نصيب. أعلم أن السجن صعب وأن القيد قاس ولكني على يقين أنك قوية فكل دعواتنا لكم …وقلوبنا معكم. والحرية قادمة لا محال ..لأن الشمس لا تحبس خلف القضبان. دمت أستاذ حسن أدامك الله سندا لكل أسيراتنا وأتمنى أن تكون الزيارة القادمة للأسيرة كرمل الخواجا”.
وعقّب الصديق فتحي صلاح: “الله يعطيك الصحة والعافية يا رب العالمين٠ أستاذنا المحامي حسن عبادي أتعبت كل متابعيك، ولم تتعب. جزاك الله خير الجزاء سلمت ودمت
وعقّب الصديق ناصر مطر: “الحرية لكافة أسيرات وأسرى ألتحرر من نير الاحتلال. وكل الاحترام وفائق التقدير لك أستاذ حسن على جهودك بتوثيق معاناة بنات وأبناء شعبنا خلف جدران غياهب سجون الاحتلال…”
وعقّبت فاطمة جوهر: “أحزنني المنشور وزادني قهرا لولا فسحة الأمل. أسال الله أن يفرج الهم ويزيل الغم وتتحرر الأسيرات جميعهن ويحضرن فرح بشرى وليس ذلك على الله بعزيز وللأستاذ حسن ألف تحية واحترام جزاك الله خيرا وأمد في عمرك لما تقوم به من أعمال خيرة”
وعقّبت الصديقة صباح مصطفى من الشتات: “أستاذ حسن أولا يعطيك ألف عافية. أبكيتني من هذا اللقاء والله، القلب مثقل بالحزن والقهر. الله يفك أسرها وجميع أسرانا، ولعن الله هذا الاحتلال المقيت”.
“خلّيهم يجهّزوا للعرس”
زرت صباح الثلاثاء 27 أيار 2025 سجن الدامون في أعالي الكرمل السليب لألتقي بالأسيرة بشرى أديب قواريق (مواليد 08.05.2005)، من قرية عورتا.
حدّثتني بدايةً عن زميلات الزنزانة رقم 4 (ريهام موسى/ طولكرم، تسنيم بركات عودة/ مقدسيّة، ماسة غزال/ نابلسيّة، ولاء الحوتري/ الأسيرة الجديدة/ 36/ قلقيلية)، وأوصلت لي سلامات آية.
حدّثتني بتفاصيل الاعتقال؛ ليلة 27.04.2025، نص ليل، داهم الجنود، برفقة مجنّدتين، البيت وخلعوا الباب، وبعد تفتيش دقيق صادروا التليفون والجزدان، طلّعوا فستان من الخزانة ومزّقوه ليغطّوا عينيها بشقفة منه (تتساءل بشرى: يا هل تُرى الشقفة بالأمانات؟)، واقتادوها مكلبشة ببيجامة كُم (لم يُسمح لها بارتداء ملابس) إلى أريئيل، ومنه إلى سجن هشارون المقيت، وقاموا بتفتيش مُهين، وهناك أصيبت بحساسيّة وبثور بكلّ جسمها (مشكلة تعاني منها كلّ أسيرة مرّت يالشارون في الأشهر الأخيرة) وصادروا ملابس الصلاة، ورفضوا علاجها.
الوضع في سجن الدامون سيئ للغاية، الأكل رديء جداً، فقط بقوليات. الغيارات قليلة. كلبشات بالطلعة ع الفورة الصباحيّة “ولمّا بنفوت ع القفص بفكّوها”، المعاملة صعبة وقاسية، “ممنوع نمرحِب ونلف بين الغرف بالفورة، واللي بتلفّ بعزلوها”، عقوبات كلّ الوقت (الأسيرة كرمل خواجا محجوزة ومعزولة من أسبوع، ومحرومة من الفورة، بدون سبب)، “كبسيّات كل الوقت، السجان بلِف بالليل كلّ شي نصّ ساعة مع كشّافات ومجبورات نظلّ مغطيات روسنا كلّ الوقت”.
عرسها معيّن 27-28 حزيران وما بدها يغيّروا الموعد، خلّيهم يجهّزوا للعرس، خلّي وليد يجهّز البيت. مروّحة!، وفجأة قالت بعفويّة: “وحياتك أستاذ، قلّهم يسقوا ورداتي بالدار”.
طلبت إيصال رسائل مؤثّرة جداً للعائلة، فرداً فرداً، وخصّت بالذكر والدتها، ووالدها “إرضى عنّي، دير بالك ع حالك، تهكلش همّي، دير بالك عً الغسيل (غسيل الكلى)، إدعيلي”، أخوها جمال وخواتها. ورسالة جيّاشة لخطيبها وليد “دير بالك ع حالك، مشتاقيتلك كثير، كُل عنّي وعنّك، تقلقِش عليّ… وخفّف الدخان”. وكذلك لعائلة وليد.
حين افترقنا قالت فجأة: “وحياتك تنساش تيجي ع العرس الشهر الجاي”.
لك عزيزتي بشرى أحلى التحيّات، والحريّة لك ولجميع أسيرات وأسرى الحريّة.
حيفا أيار 2025