استشهاد الشهيدات الأربع في طمرة شهادة على الجريمة ووصمة عار على جبين المجرمين

ليلى عبد الله

تاريخ النشر: 29/06/25 | 19:18

جاءنا من النّاطق الرّسميّ للاتّحاد القطريّ للأدباء الفلسطينيّين، الشّاعر علي هيبي: قام وفد من أعضاء الاتّحاد القطريّ للأدباء الفلسطينيّين وأصدقائه بزيارة تعزية في مدينة طمرة لعوائل الشّهيدات الأربع، ضحايا الحرب الإسرائيليّة العدوانيّة على إيران وعلى الشّعوب العربيّة، وقد شارك في الوفد: الكاتبة أسمهان خلايلة، نائب الأمين العامّ، الشّاعر علي هيبي، النّاطق الرّسميّ، الكاتب صالح أسديّ، عضو لجنة المراقبة، الشّاعر يحيى عطا الله والشّاعرة أسماء نعامنة، عضوا الإدارة، وأعضاء الاتّحاد: الأديب محمود ريّان، الأديبة فردوس مصالحة والكاتبة نهاد إبزاخ، وأصدقاء الاتّحاد: سعيد خلايلة ووليد خلايلة وأمير مصالحة. وقد ألقى الشّاعر علي هيبي كلمة الاتّحاد القطريّ للأدباء الفلسطينيّين في تأبين الشّهيدات وتعزية ذويهنّ وتلاه بكلمة تعزية قصيرة الكاتب صالح أسديّ، وهذا نصّ الكلمتيْن:
كلمة الشّاعر علي هيبي:
نأتي إلى طمرة وفدًا من الاتّحاد القطريّ للأدباء الفلسطينيّين. واثقين بدور الأدب ودورنا كأدباء نمثّل الحركة الأدبيّة في بلادنا، وفي وقوفنا بانخراط كامل في قضايا شعبنا وأهلنا، وبخاصّة في معمان الأزمات وكروب المعاناة.
نأتي إلى طمرة المدينة العامرة بكلّ عائلاتها وأطيافها، طمرة العريقة الصّابرة.
نأتي إلى عوائل الشّهيدات: آل الخطيب وآل أبي الهيجاء وآل ذياب.
نأتي إلى الحجّاج الأجداد الثّاكلين: الحاجّ رافع الخطيب والحاجّ قاسم أبو الهيجاء والحاجّ فخري ذياب، إلى الآباء والأعمام والأخوال والأخوة والأخوات والأبناء والأحفاد.
نعزّيكم أيّتها الأسرة الطّمراويّة الواحدة، نعزّي أنفسنا في مصابكم/ مصابنا الجلل، القلوب يعتصرها الأسى، يغمرها الألم، النّفوس مثقلة بالهمّ والغمّ والإحساس بثقل الفقدان والمعاناة على المستوى الشّخصيّ والمجتمعيّ والوطنيّ.
إنّ الزّهرات الأربع: الزّوجة والأمّ والمربّية منار، الزّوجة والأمّ والمربّية منار، الابْنة شذا طالبة الحقوق في جامعة حيفا والابْنة حلا ذات الثلاثة عشر ربيعًا، إنّهنّ ضحايا الحرب العدوانيّة الهمجيّة الإسرائيليّة، ومن أثارها وأجّجها من المسؤولين في إسرائيل: حكومة وجيشًا وأجهزة أمنيّة أخرى على الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران بحجج واهية وذرائع ملفّقة، ومع أنّنا مع الوقف الكامل للحروب في منطقتنا، وبخاصّة ضدّ شعبنا الفلسطينيّ في غزّة والضّفّة الغربيّة، وضدّ شعوبنا العربيّة في لبنان وسوريا، نؤمن بحقّ إيران في الرّدّ وفي الدّفاع عن شعبها وثرواتها ومنشآتها الاقتصاديّة ومشاريعها النّوويّة السّلميّة، وعن حقّها المشروع في امتلاك العلم لمصلحة الإنسان وحقّه بالحياة والحرّيّة والتّطوّر.
لسنا من منظومة الحرب الشّريرة والمتوّحشة، مع أنّنا نعيش في أتونها ونقدّم الضّحايا من الأبرياء، ولنا بالزّهرات الشّهيدات الأربع في طمرة أربعة شواهد، وأزهار شعبنا لا تعدّ، نحن من منظومة محبّي الخير والعدالة والمساواة في المعايير والسّلام، ننشد السّلام منذ النّكبة، هذا السّلام الّذي لا يأتي، وكلّما نشدناه ينأى عنّا، وعن ربعنا وربوعنا بفعل فاعل، بإجرام مجرم.
جاء سيّاف الزّهور على حدّ قول الأديب السّوريّ الكبير محمّد الماغوط، جاء يمتشق سيف القتل، سيف الجريمة وجزّ ينع الزّهرات الأربع: المناريْن والشّذا والحلا، لم يُبقِ السّياف حلاوة طيّبة ولا شذًا رقيقًا ولا جمالًا يشعّ نورًا، بل خلّف موتًا وظلامًا ودموعًا وآلامًا وحسراتٍ طوالًا.
الزّهرات الأربع اللّائي ذويْن لسْنَ ضحايا العربدة الإسرائيليّة الّتي بلغت أوجَ أوجِ وحشيّتها بالعدوان والحرب والقتل والتّهجير والتّجويع فحسب، بل هنّ أيضًا ضحايا التّخاذل العربيّ الرّسميّ للأنظمة العربيّة والإسلاميّة العميلة التّي بلغ تواطؤُها حضيضَ حضيضهِ.
الأوباش من اليمين المتطرّف وغير المتطرّف يقتلون، يرقصون على دمائنا، يفرحون لموتنا، يغنّون أغنية الموت. القتلى عرب “مش مهمّ”. ويأتي القتلة لذرّ الرّماد بالعيون لتعزيتنا بجريمتهم الّتي لا تنتهي، يذرفون دموع التّماسيح ويسنّون نيوبهم الحادّة لمزاولة القتل من جديد، يحرمون شعبنا من حقّه في الحياة والحرّيّة والكرامة، يحرمونه من لقمة خبز مغموسة بالغبار، من قطرة ماء آسن، من حبّة دواء. والخيار ات سخرية دامية، إمّا القتل تجويعًا أو القتل تقتيلًا أو القتل تهجيرًا!
همّنا كبير وألمنا مرير، جرحنا عميق ونازف، بهذا الفقدان العظيم في طمرة، وما لنا إلّا الصّبر ورفض سياسة الحرب والوقوف والكفاح ضدّها ولو كره الكافرون.
رحم الله الضحايا الأربع وغفر لهنّ وأسكنهنّ فسيح جنّاته مع الصّدّيقين والأبرار والأحرار والشّهداء.
كلمة الكاتب صالح أسديّ:
بسم الله الرّحمن الرّحيم والحمد لله الّذي جعل الموت حقًّا، والرجوع إليه وعدا، والصّلاة والسّلام على نبيّ الرّحمة والهدى، وعلى آله وصحبه ومَن اقتدى.
أيّها الأحبّة:
نجتمع اليوم وقلوبنا دامية، وأرواحنا مثقلة بالحزن، لفقد أربع زهرات من بيت واحد في مدينة طمرة، رحلن في لحظة واحدة، إثر صاروخ لا يفرّق بين بريء وجانٍٍ، ولا بين زهرة ويدٍ تقطفها.
نقف اليوم أمام هذا المصاب الجلل والألسنة تعجز عن الكلام، والعقول تذهل عن الفكر، والدّموع لا تكفي طبقات الأحزان المتراكمة في النّفوس.
لكنّنا نلجأ إلى الله، فهو أرحم بهنّ منّا، وهو العدل الّذي لا يجور، واللّطيف الخبير الّذي لا ينسى.
لقد خطفتهنّ يد الظّلم والحرب، وتركْن خلفهنّ أوجاعًا في قلوب أمّهات ثاكلات وغصّات تطفح أفئدة الآباء والأجداد بها. لقد اصطفاهنّ الله ليكنّ شفيعات لأهاليهنّ، فالشّهداء أحياء عند ربّهم يُرزقون.
يا أهل طمرة الكرام:
هذا الحزن ليس حزنكم وحدكم، وهذه الدموع ليست دموع أعينكم فقط، بل هو حزن شعبٍ بأكمله ودموع مجتمع كبير لا تنضب ولا تنفكّ عن الانهمار، يرى أبناؤه يذبحون بلا ذنب، بلا خيار، ويصبر ويصمد ويحتسب. فلنودعهنّ بالدّعاء لا بالبكاء!
ولنكرم ذكراهنّ بالصّبر على المصيبة، لا بالانهيار إزاءها! ولنؤمن أنّ هذا الجرح، وإن نزف اليوم، سيكتب يومًا في سجّلات المجد وفي مقامات الخلود، لا في دفاتر الآلام ولا في أسفار الأحزان.
نسأل الله لهنّ الرّحمة والمغفرة، ولذويهنّ الصّبر والسّلوان وحسن العزاء. إنّا لله وإنّا إليه راجعون. مع خالص العزاء والمواساة. باسْمي أنا شخصيًّا صالح أسديّ ونيابة عن أعضاء الاتّحاد القطريّ للأدباء الفلسطينيّين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة