في ذكرى النقابي والمناضل والقائد الشيوعي سليم القاسم
تاريخ النشر: 09/09/19 | 10:10في السابع من أيلول العام 1987، فارق الحياة النقابي والمناضل والقائد الشيوعي الكبير سليم القاسم، ابن الطبقة العاملة، بعد مشوار حياة زاخر بالعطاء والتضحيات والكفاح السياسي والنشاط النقابي، وبفقدانه فقد الحزب الشيوعي قائدًا ونقابيًا مخلصَا ومميزًا، وقائدًا مجندًا ملهمًا ترك بصماته على مسيرة ودرب الحزب والعمل النقابي، وانسانًا شهمًا أصيلًا مبدئيًا لا ينضب له معين في البذل والعطاء وخدمة الناس والطبقة العاملة الكادحة، وأحد المساهمين في بناء حركة العمال العرب الثورية وتأسيس الحركة الشيوعية في فلسطين، ثم في اسرائيل، وكان صاحب قدرة خارقة ونموذجًا في الانسانية والتمسك بالمبدأ والوفاء للقيم الثورية والقناعات الفكرية الايديولوجية التي آمن بها وضحى في سبيل انتصارها .
سليم القاسم من مواليد المجيدل العام 1918لأسرة عمالية كادحة فقيرة كانت تعتاش على اعمال النسيج والزراعة الموسمية. أنهى الدراسة الابتدائية فيها ثم انتقل الى يافا لتكملة دراسته الثانوية، وسكن عند عمه، غير انه خشي أن يصبح عالة عليه فخاض غمار العمل ليتم دراسته.
عمل سليم القاسم في النسيج فمراسلًا بمكتب حاكم اللواء العسكري ثم عامل بدالة تلفون، وبعد ذلك عمل في دائرة الأشغال التابعة لمعسكرات الجيش البريطاني، وبحسه الوطني والطبقي الأصيل اشتدت لديه النقمة الثورية على الاستعمار واصحاب العمل المستغلين، فخاض غمار العمل والنشاط النقابي وحرّض العمال على عدم الرضوخ والسكوت على اوضاعهم الصعبة، وكثيرًا ما تعرض للطرد والفصل من العمل والاعتقال والملاحقة بسبب نشاطاته السياسية والنقابية ودفاعه عن العمال وحقوقهم.
وفي العام 1939 أعتقل سليم القاسم من قبل سلطات الاحتلال البريطاني واودع السجن لكدة ستة أشهر، لكن ذلك زاده اصرارًا وعزيمة على مواصلة الكفاح السياسي والنقابي.
وفي العام 1944 احترف العمل النقابي في جمعية العمال العرب بيافا وانتخب سكرتيرًا لها.
انخرط في العمل الحزب التنظيمي في اطار عصبة التحرر الوطني ثم في صفوف الحزب الشيوعي في اسرائيل، واشغل أمينًا عامًا لمؤتمر العمال العرب في الناصرة، وبعدها محترفًا في العمل الحزبي.
وتخصص سليم القاسم في شؤون النقابات والنضالات العمالية والطبقية، وكان عنوانًا حقيقيًا للعمال والشغيلة والكادحين والفلاحين لتحصيل حقوقهم والدفاع عنهم والنضال ضد استغلال ارباب العمل. ونتيجة ذلك اعتقل عدة مرات في العام 1958 والعام 1963 وسواها، ولم تبقَ بلدة واحدة في الجليل والمثلث والساحل لم يعمل فيها او لم يزرها لتنظيم العمال وارشادهم وجذبهم الى صفوف الحزب الشيوعي.
وفي العام 1967 أنتخب القاسم عضوًا في اللجنة التنفيذية للهستدروت، وترأس قائمة الحزب الشيوعي في انتخابات عمال مجلس الناصرة، وانتخب سكرتيرًا له في العام 1969.
وأشغل الراحل سليم القاسم عضوًا في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي وعضوًا في سكرتارية اللجنة المركزية والمكتب السياسي، وقاد عمل منطقة الناصرة لسنوات عديدة، وانتخب سكرتيرًا للمنطقة العام 1968.
كان سليم القاسم انسانًا حقيقيًا، ومناضلًا عنيدًا لا تلين له قناة، مبدئيًا، مستقيمًا، قابضًا على جمر المبادئ الثورية الطبقية التي آمن بها حتى النخاع وذاد عنها وكرس حياته للدفاع عنها، تمرد على الفقر والقهر، وكره وثار على الظلم والاستغلال والاستعباد والاضطهاد، وشبّ قائدًا عماليًا ونقابيًا، وأدرك بوعيه وحدسه وحسه الطبقي النقي، أن الطبقة العاملة في نضالها وكفاحها تحرر نفسها وتحرر المجتمع كله، وان الشيوعية تدافع دفاعًا صلبًا ومظفرًا عن اقدس المصالح الوطنية الحقيقة للشعب، وان الاممية هي أعلى وأسمى أشكال الوطنية وانضجها واشدها قوة.
وما ميز المرحوم سليم القاسم صراحته المعهودة مع رفاقه واصدقائه، وانتقاده المبدئي الشجاع الجريء، وبشكل حاد احيانًا، وكان قائدًا سياسيًا ونقابيًا من طراز مختلف، ولم يقع تحت تأثير أي ظرف يحرفه عن مواقفه الوطنية والطبقية والمبدئية الواضحة، فضلًا عن كونه منظمًا حزبيًا من الدرجة الأولى.
مات سليم القاسم، وخلّف وراءه سيرة كفاحية يعتد بها، وارثًا نضاليًا سيظل بوصلة للأجيال الجديدة والقادمة.
وانهي حديثي بما قاله عنه الراحل اميل حبيبي غداة وفاته: ” نبكيك ايها الشهم.. ايها الفولاذ المسقي بلهب الشقاء، ونيران التفاؤل الابدية بقدرة الطبقة العاملة على قيادة المجتمع نحو عالم المساواة والحرية والاخاء والسلام والعمل والعلم والحضارة النيرة “.
وتبقى ذكرى النقابي والقائد الملهم سليم القاسم خالدة، ونفيرًا مجندًا لمقاومة القهر الاجتماعي والظلم الطبقي والاضطهاد القومي والحروب، وللنضال في سبيل السلام العادل والديمقراطية والمساواة والتقدم الحضاري العصري والعدالة الاجتماعية.
بقلم : شاكر فريد حسن