حضارة الفضاء العابرة للّغة والجنس واللّون والمذهب والطاّئفة – معمر حبار
تاريخ النشر: 18/08/19 | 8:34اشتريت الكتاب وأنا في العطلة الصيفية بجيجل وأنهيت قراءته عصر البارحة وهو:
« Les pionniers de la conquête spatiale », Synthèse de Francis Dioram , El Borhane, 2018, Contient 49 Pages
1. لست الفيزيائي ولا الرياضي ولا الكيميائي ولا الكهربائي ولا المختص في الصواريخ ولا الطائرات ولا المركبات الفضائية ولا القاذفات لكن أنظر للموضوع من الناحية الحضارية والفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلاقات الدولية وأترك الجانب الفني لأهله ولمن أراد أن يعود إليه وينظر إليه من الناحية الفنية المتخصّصة.
2. بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وانهزام هتلر دخلت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي سابقا وروسيا حاليا لألمانيا للاستيلاء على العلماء والباحثين الألمان في مجال الصواريخ والطيران وجاء في صفحة 47 وهي آخر صفحة من الكتاب – حسب ترجمتي – أنّ الولايات المتحدة الأمريكية استولت على “1500 باحث ومهندس من النظام النازي الذين تمّ استرجاعهم من الحكومة الأمريكية”.
3. تتمحور عملية Paperclip -حسب ترجمتي – في كونها “جاءت عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية من طرف قيادة أركان جيش الولايات المتحدة الأمريكية من أجل توظيف علماء ألمان المنبثقين من المركب العسكري- الصناعي الألماني قصد محاربة الاتحاد السوفياتي الشيوعي واسترجاع الأسلحة الروسية للرايخ الثالث”.
4. أقول: هؤلاء العلماء الألمان سبق لهم أن تعاملوا مع هتلر والنظام النازي وقد ألحقوا أضرارا بالغة بالجيش والشعب الأمريكي والروسي ناهيك عن الفرنسي والبريطاني جرّاء الاختراعات والبحوث العالية الدقة والخطيرة جدّا من حيث الكم الهائل من القوّة التدميرية والتفجيرية خاصّة فيما تعلّق بالقوّة الصاروخية مايعني أنّ هؤلاء العلماء النازيون الألمان في القاموس الأمريكي والروسي مجرمون يستحقون الشنق بدل المرّة الواحدة ألف مرّة.
5. السؤال المطروح: لماذا الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي يومها لم يتعاملوا مع العلماء النازيون الألمان بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية على أنّهم مجرمين وهم فعلا مجرمون حسب قوانين الحرب وأفعالهم؟.
6. كان التعامل على أنّهم علماء يستفاد منهم ولم ينظر إلى مذهبهم ولا ميولاتهم السياسية ولا جنسياتهم ولا دينهم ولا لونهم ولا ماضيهم ولا طائفتهم ولا لغتهم.
7. نتيجة هذا التعامل كانت جلية واضحة حيث تفوّقت القوتان الأمريكية والسوفياتية في مجال غزو الفضاء خاصّة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وظهور الحرب الباردة التي كانت على أشدّها واستمرّت لعقود من الزّمن وشهدت صعود الإنسان إلى الفضاء بتاريخ 4أكتوبر 1957 وكلّ البحوث العلمية المتطوّرة التي تتعلّق بعلم الفضاء والتي كانت بفضل الاستعانة بعلماء الألمان الذين تعاملوا مه هتلر والنازية.
8. تعاملت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي مع العلماء الألمان من منطلق الدول العظمى التي تبحث عن مايقوي ويعزّز قوّتها ومكانتها ويساهم في تفوّقها وريادتها ولو بالاستعانة من عدو نازي لكنّه عالم يستفاد منه أوّلا من علمه وبحوثه وعبقريته ولا يعنيها في شيء ماضيه.
9. لنفترض جدلا لو أنّ الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي يومها قتلوا العلماء الألمان بسبب نازيتهم وتعاملهم مع هتلر أترى سيصلون لما وصلوا إليه الآن من تطور مذهل في القوّة الصاروخية الرادعة وفي الصعود للفضاء والهيمنة على وسائل القوّة والحماية والردع.
10. تبنى الحضارة على الاستفادة من الآخر ولو كان عدو الأمس والتحليق نحو الفضاء يتطلب نبذ الآخر على أساس المذهب والطائفة واللّغة والجنس والميولات السياسية والدين و قبل أن يكون الصاروخ العابر للفضاء مادة رياضية فيزيائية يخضع لمعادلات جامدة هو علم لادين وسلوك لاوطن له وقيم تتعدى المذهب والطائفة وأخلاق تمقت التعصّب ومبادئ تستفيد من أيّ كان ولو كان عدو الأمس وسلوك بسيط يتجسّد في حسن السير على الرّصيف.