كلمة عن الكاهن الأكبر يعقوب بن عزّي (١٨٩٩-١٩٨٧)

تاريخ النشر: 16/08/19 | 10:59

حسيب شحادة
جامعة هلسنكي

كان المرحوم يعقوب بن عزّي بن يعقوب بن أهرون بن سلامة بن غزال الكاهن، المعروف بأبي شفيق، من الشخصيات السامرية الأولى، التي تعرّفت عليها للمرّة الأولى في حيّ الياسمينة بنابلس، بالقرب من جامعة النجاح، في مستهلّ سنوات السبعينات من القرن العشرين. في الواقع، أوّل سامري التقيت به كان السيّد المرحوم جميل عفيف فياض السامري، وكان ذلك في ٢١ تشرين أوّل عام ١٩٦٨؛ ومنه تعلّمت الحروف السامرية، كتبها على قُصاصة من الورق، ما زلت احتفظ بها إلى يوم الناس هذا. التقيت أبا شفيق في غرفة صغيرة بجانب شارع رئيسي حيث كان يستقبل زوّاره من المحليين والأجانب، الذين كانوا يتردّدون عليه لمعرفة الطالع عبر قراءة الكفّ التي تميّز بها. بعد أن جلست قُبالته طلب منّي بالعبرية، على ما أذكر، أن أبسُط كفّ يدي ليقرأها. أجبته بالعربية: يا سيّد أبو شفيق جئتك باحثًا عن مصادرَ مخطوطة تفيدني في أطروحتي للدكتوراة التي أعدّها بإرشاد الأستاذ زئيڤ بن حاييم (١٩٠٧-٢٠١٣)، حول موضوع ترجمة التوراة السامرية إلى العربية. حينها انشرح قلبه فتحدّثنا مطوّلًا، وبدأت صداقتنا التي امتدّت حتى وفاته وما زلت أحتفظ ببعض مراسلاته وتربطني منذ بضعة أعوام علاقة صداقة مع أحد أبنائه، الكاهن عزير (يَقير) يعقوب .

أبو شفيق رجُل نحيف ملتحٍ، طويل القامة، حوالي المتر والتسعين سم. ذلك الكاهن والصحفي والمؤلِّف، شغل منصب رئاسة الكهنوت، الكاهن الأكبر في المدّة الواقعة ما بين ٢٠ تشرين الأوّل من عام ١٩٨٤ و ٢٦ كانون الثاني سنة ١٩٨٧.
كان أبو شفيق أوّل صحفي سامري نابلسي عمِل بين السنوات ١٩٢٠ و ١٩٤٠، أمدّ صُحفًا عبرية مثل هآرتس، دڤار، دوئر هيوم، هبوقر (البلاد، أمر، بريد اليوم، الصباح) والصحيفة الإنجليزية Palestine Post (بعد العام ١٩٤٨ حملت الاسم Jerusalem Post) بشتّى الأخبار والتقارير من مدينة جبل النار، عمّا كان يدور من أحداث في تلك المنطقة عامّة، وفي أوساط السامريين خاصّة.

كان أبو شفيق إنسانًا مثقّفًا، دمثًا، حاذقًا، ذا آفاق رحبة في الشعر العربي أيضًا، وحفظ غيبًا الكثير منه. كان يقضي وقتًا معيّنًا يوميًّا تقريبًا في المكتبة العامة المنشية للمطالعة. من أصدقائه اليهود نذكر إسحاق بن تسڤي ( ١٨٨٦٤-١٩٦٣) الذي كان صحفيًا وباحثًا ثم أصبح رئيس دولة إسرائيل الثاني، وكذلك المستشرق والأديب والمترجم والصحفي المعروف مناحيم كابليوك (١٩٠٠-١٩٨٨). يُذكر أن بن تسڤي كان قد أطلق على السامريين عبارة ”إخوتنا البعيدون“ ونادى بمعاملتهم كاليهود، وكانت له علاقة صداقة قوية مع زعيم السامريين آنذاك في حولون حُسني (يفت) صدقة الصباحي الملقّب بسيدو (١٨٩٥-١٩٨٢)، وله أيادٍ بيضاء في مدّ يد العون للسامريين، مثل مساهمته في بناء الكنيس في حولون عام ١٩٦٣. اعتاد أبو شفيق إرسال تحيّاته لبن تسڤي/بن تصابي وبن ذئيب (١٨٩٩-١٩٨٠) وكابليوك وأهارون كوهن (١٩١٠-١٩٨٠) وداڤيد تسڤي بنِعط (١٨٩٣-١٩٧٣) بواسطة إبراهيم بن جمال صدقة الصباحي زوج ابنته عزيزة (يقيرة) البكر، وعن طريق أشخاص آخرين مثل راضي بن الأمين صدقة (١٩٢٢-١٩٩٠). ويشار إلى أن أبا شفيق كان ينوي بحماس الانتقال للسكن في إسرائيل ولكن أمنيته هذه لم تتحقّق لعدّة أسباب.

زوجته عَفاف (يَفه) ابنة غزال بن فنحاس الكاهن، ١٩٢٤-١٩٩٨، تزوّجها عام ١٩٣٧ ولهما من الأولاد عشرة، خمسة صبيان وخمس بنات: شفيق، معين، عزيز، غزال، مؤيد (عزي والعزر ويقير وطابيا وفنحاس)؛ وأنجب البكر يعقوب وأهرون (يرون) الذي أنجب عزي أو عوز؛ العزر أولد شلومو وطابيا أولد يعقوب وعزي؛ وفنحاس أولد طابيا (أ.ب.أخبار السامرة، ٧١٥-٧١٧، ٣١ تموز ١٩٩٨، ص. ١٥).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة