صور وذكريات
تاريخ النشر: 05/05/19 | 22:21وصايا عُبْوةُ بن لمّاح العبقري لإبنه في رمضان
اما يا بني – وقد بات رمضان على الأبواب , ففيه تملأ الحسنات الطرقات .. ولما كان لنا نحن – بني العبقري- تاريخ مشرِّف في لمِّها . فاسلك طريق أجدادك العظام , وذلك ليوم لا ينفعك فيه , إلا ما جمعت من حسناته .
يا بنيَّ – لا تأخذ مواعظ الإمام على محمل الجد .!
فإذا سمعت واعظاَ يقول – ان الإسراف والتبذير في موائد الافطار مكروه , وقد يصل به الأمر ان يحرُّمها , فلا تأخذ بأقواله بل انظر الى أعماله .
فخذ مثلا جدك مالك بن شنان العبقري , الذي امتهن الإمامه مذهباَ , فقد لعن احد مريديه , ووصفه بالزنديق , وذلك عندما دعاه الى مائدة افطار في بيته , ووضع أمامه دجاجتين محمرتين . فبدأ جدك مالك يهاجم المسرفين , واصفهم بأنهم إخوان الشياطين .
فتقدم المضيف , وتناول دجاجة منهما من أمامه , وأرجعها الى المطبخ.!
فاجتاحت جدك الإمام , جحافل من الغضب والقهر , ومنع نفسه , بكل ما أوتي من قوه , كي يجنِّب نفسه القبض على خناقه ” والإفطار على خنقه ” .
وفي خطبه الجمعه , لعن جدك البخلاء , وقابضي اليد والمقتِّرين , ولم ينسَ الذين يظهرون الطعام ويمنعونه عن ” جوعى ” المسلمين .!
اما أنت – يا بني- فاذهب مذهب أجدادك الأولين ..
إغرف كما غرفوا من المحمَّر والمسمَّن , واملأ معدتك بكل ما لذ وطاب ,
فرمضان موسم , كي نحتفل بما تفوح منه , كل ما هو طيب “يطرب ” الفم!
ولا تحفل بشكاوي المعده , فهي خلقت لمواسم الطعام , وأولها موسم رمضان .
كن معداويا تدخل الجنَّه .!!
يا بنيَّ – تَرَمضَن .!
والكلمه كما يخفي عليك مشتقه من كلمة رمضان .
وافعل كما فعل أجدادك , فقد كانوا يشقّون رمضان الى شقَّين .. شقٌّ للسر وشق للعلن , فإذا جمعك الزمان مع جماعه من الصائمين , فقل ان رمضان هو بالنسبه لك أفضل الأشهر , ولا تبخل عليهم بمدح حسناته وخيراته .
وإذا اختليت لنفسك او لأقرب المقربين , فالعن اليوم الذي التقيت به . وقل انه ثقيل على الجيب والمعده , وافعل كما فعل جدك رمضان بن قصي العبقري .
كان يعتكف في المسجد في رمضان , ويتسلَّل الى بيته ليسكت معدته , بما تحصل عليه من طعام وشراب . مدعيّاَ المرض , قائلا لنفسه : ” ليس على المرض حرج .! “.
يا ولدي ..
أما في البيت , ومع زوجتك وأولادك فاستعمل – الشقَّ السِّري , فاسمعهم أقسى الكلام , متوقعاَ منهم , أن يتفهموا متاعب صيامك , وذكرهم في كل دقيقه , أنك صائم ولا يجوز لأحد , أن يقترب منك او حتى يسألك سؤالا .!
وأما مع الأصدقاء والأحباب والجيران والمعارف , فضع على وجهك قناع وقار رمضان , وعلى شفتيك ابتسامة الإيمان , واستعمل صوتك الذي يدل على الخشوع . وذلك سيراً على المبادئ الرمضانيه , التي توارثناها عن عائلتنا – عائلة العبقري .
فجدك مسيلمه بن نزار العبقري , طلّق زوجاته الثلاث في رمضان ,..
لأن الأولى لم أيقظته وقت السُّحور .. !
والثانيه لأنها قرأت القرآن , بعد ان صلّت الفجر جهرًا , فعطَّلت عليه نومه في الصباح.!..
والثالثه لأنها ذكَّرته , أن موعد آذان العصر قد حلَّ , فأزعجته في قيلولته .!
يا بنيَّ – روِّح عن نفسك في رمضان .!
يا بني – أما صلاة التراويح , فقل لمن تقابله , أنها لم يفرضها الله , أو لم يسِّنها رسول , وانما هي بدعه ابتدعها المشايخ , لتكن باب يُفتح لهم على موائد الرز واللبن.! .
وابقَ في بيتك , لتروَّح عن نفسك بألوان الحلويات , وعلى رأسها الكنافه وأخوانها.!
واقضِّ وقتك في ” التفرُّج ” على صبايا المسلسلات لتغذّي روحك , لأن في مفاتنهن ترويح لك , على ما بذلته من جهد في صيامك .
واضحك على مهازل المسلسلات الهزليه , لأن في الضحك تنشيط لمعدتك عما تحضنه من أطايب الطعام والشراب , ولا تنس ان خف امتلاؤها ان ترفدها بهما , حامداَ الله على نعمه , واكثر من الحمد , لأن هذا لا يكلفك مالا ولا جهدا .!
مثلما كان يفعل جدك صعصعه بن ورد العبقري , حينما كان يقضي لياليه الرمضانيه في ليالي الأنس مع الغواني والقيان .
وكان يقول دائما : “الليل ليل خمر , وغدا نتفرغ للأمر .!” .
وكان جدك هذا , يغلق بابه في رمضان , في وجه كل من أراد ان يرتاد بيته .
فقد كان يقول دائما :” إن الله حرَّم رد السائل والمحروم “.
فبغلق الباب فلا يوجد حارم ولا محروم .!
يا بنيَّ – كن كريماً على نفسك في رمضان !
واذا صادفك سائل , فالكلمه الطيبه أفضل الصدقات , واجعل دائما جيبك خاليا من المال , لأنه مالك يكره ان يسجن فيه ,
واذا نوديت الى الموائد فلبِّ النداء , مثلما كان يفعل جدك مسيلمه بن شيبان العبقري . فقد كان – رحمه الله – زينة الموائد وعلماَ من أعلامها , فهو الذي طلب من الوالي , ان يأمر الصناع , بزياده حجم الصحون والسدور والكؤوس , كي تشبع وتروي معاقريها .!
وإذا لُمِّح لك بأنه من الواجب عليك , أن تردَّ جميل من دعوك الى موائدهم , فقل ان الموائد ,هي إسراف وبذخ من عمل الشيطان , وأنك لا تقترف الكبائر , خصوصاً في رمضان .!
فقد روي عن جدك كليب بن لؤي العبقري : أن نباح كلابه كان يسمع من بعيد , لأنه كان يتركها فريسه للجوع والعطش , مما يجعل المارين بالقرب من حيِّه , ان يبتعدوا عن خيمته .!
ولما أسلم قال :” رضيت بالإسلام ديناً , إلا الزكاه والصدقه .!”.
بقلم يوسف جمّال – عرعره