شخصيات كردية صنعت التاريخ الحضارة الكردية ٤
تاريخ النشر: 16/03/19 | 13:21قطوف من الحضارات
الحضارة الكردية ٤
شخصيات كردية صنعت التاريخ
عائلة بدرخان ١-٢
تعد دراسة بعض العائلات الكردية من الاهمية بمكان لطبيعة الدور الذي لعبته هذه العائلات في الموروث الادبي والثقافي والسياسي للاكراد فقد وهب افراد من هذه العائلات انفسهم في خدمة هدف جليل وهو حفظ التراث الكردي ونشر الثقافة واللغه الكردية بين الاكراد المنتشرين في شتي انحاء العالم ومشاركين اياهم في حلم الوطن الجامع …
ومن العائلات الكردية التي لعبت دورا لا ينسي في التاريخ الكردي المعاصر وتركت بصمات مميزة في الوجدان الكردي :عائلة بدرخان
ونبدأ القصة من البداية …
تنحدر العائلة البدرخانيه من الامير بدرخان باشا والذي كان أميرا علي جزيرة بوتان في كردستان الشمالية خلفا لوالده فقاد حركة اصلاحية واسعة داخل كردستان لضم الصف اعقبها بحركة توسعيه استطاع بها توسعة حدود امارته حيث وصلت حدوده الي مدن سرحد وسيورك وسنجار والموصل وغيرها
يقول الامير جلادت بدرخان عن بدرخان في مذكراته:” أراد الأمير بدرخان أن يتأكد من سيادة الأمن في مملكته، فأمر بوضع زكيبة من المال في عرض طريق عمومية ممهدة السبيل. ما ان رأها العابرون حتى فزعوا وغيروا طريقهم مضطرين لسلوك طرقات صعبة المسالك ابتعاداً عن الزكيبة الملقاة على قارعة الطريق. بقيت الطريق مهجورة من العبور والناس يتعذبون في ذهابهم وايابهم حتى حضر عالم من العلماء المبجلين لحضرة الأمير وقال له: -ألا تخاف من الله يا سمو الأمير فتحرم الناس من الطريق السهلة المعبدة؟ تساءل الأمير بدهشة عن السبب فأجابه العالم: -ان زكيبة المال التي القيتها في طريق الناس أخافتهم وجعلتهم يفضلون عبور الطرقات الصعبة، هاجرين الطريق السهلة لوجود المال فيها. سّر الأمير من فرط أمانة رعيته وأمر للحال برفع الزكيبة وتوزيع المال على طلبة العلم في المدارس.”
…كان هذا النفوذ المتنامي للامير الشاب وفتوحاته المتزايدة مقلقا للباب العالي
استغل بدرخان ضعف الجانب التركي والصراع الدائر بين محمد علي باشا والي مصر والسلطان العثماني حيث كانت الدفة تميل الي مصر خاصة مع الهزيمة الساحقة التي لحقت بالجيش العثماني امام جيش ابراهيم باشا في معركة نصيبين فوجد بدرخان والذي كان علي مقربة من المعركة في جزيرة ابن عمر أن الفرصة سانحة امامه لاعلان استقلالا ذاتيا لامته حيث امتنع عن دفع الضرائب للباب العالي كما رفض الدفع بأكراد للخدمة الالزامية في صفوف الجيش العثماني …كانت دعوات بدرخان مقلقة للباب العالي الذي خشي من استفحال هذه الحركات الوطنية الانفصالية في جنبات الدولة وان تكون حركة بدرخان ان كتب لها النجاح ملهمه لحركات اخري فعزم علي القضاء علي هذه الحركة في معهدها واقتلاع جذورها فأرسل الباب العالي حملة بقيادة عثمان باشا حاولت ان تنتهج في البداية اسلوبا دبلوماسيا فجمعت العشائر الكردية الي اجتماع لحل مشكلة امداد الجيش العثماني بالافراد الاكراد وبالمال الكردي فقاطع بدرخان الاجتماع فوجد عثمان باشا ان السبيل الوحيد هو الحرب فأتخذ من ديار بكر معقلا لقواته وزحف علي محور هكاري موك علي طول نهر دجله للقضاء علي قوات الزعيمين نور الله ومحمود خان شريكي بدرخان ومع قسوة الضربات العثمانيه واستمرارها توصل الطرفان الي اتفاق بموجبه يستسلم الامير محمود خان للعثمانيين مقابل ضمان حياته ومعاملته واسرته بكرامة ولكن ما ان استسلم الامير الكردي حتي حنث العثمانيين وعدهم له فربط الي شجره وتم جلده وسكب العسل عليه حتي ينهشه الذباب !!!…باستسلام الامير محمود اصبح الطريق ممهدا امام عثمان بك للتقدم في وادي بوتان معقل بدرخان …ولان جيش بدرخان كان من الجيوش ذات الكفاءة القتالية العاليه في مناطق الجبال فقد اوقعوا بالجيش العثماني خسائر فادحة في الارواح والمعدات ..فلجأ العثمانيون الي سلاح المال وشراء النفوس الضعيفه وكانوا علي دراية وموهبة في هذا المجال فاستقطبوا يزدان شير أبن عم الامير بدرخان الي صفوفهم مما اوقع الفوضي في صفوف قوات بدرخان والذي تحول نصره الي هزيمه بفضل الخيانه ووجد بدرخان نفسه محاصرا في قلعته أورخ ومقطوعا عنه الامدادات ثمانية أشهر فأستسلم وتم نفيه الي اسطنبول ثم الي جزيرة كريت وغير الاتراك اسم عائلة بدرخان الي جنار ولكن ذلك لم يفت في عضده فكانت اخر وصاياه لابناءه وهو علي مشارف الموت :من منكم ينسي لغة بوتان فهو ليس بولدي ..
جمعت الدولة العثمانية املاك بدرخان في ولاية واحدة تحت سلطة يزدان شير لكن سرعان ما انقلبوا عليه فدفع ثمن خيانته سريعا وتم نفيه هو الاخر جزاءا وفاقا
استاذه سروه عثمان مصطفي اديبه كردية (اربيل العراق)
محمد فتحي عبد العال (كاتب وباحث)
المراجع
المصادر:
١-مذكرات جلادت بدرخان
٢-ديفيد ماكدويل: تاريخ الأكراد فى العصر الحديث.
٣-أحمد محمود الخليل: تاريخ الكرد فى العهود الإسلامية.
٤-جيمس كريج: الأرمن، الكرد، والأتراك.
٥-الويكبيديا العربية