حينما يظل الحب متوترا في زمنِ الحرب

تاريخ النشر: 30/07/16 | 8:04

بينما كانتْ تلك المرأة تسيرُ ذات مساءٍ بين الرّكام على أطراف قريتها، تفاجأت بجنديِّ كانَ مُتمترساً خلف أكياسِ الرّمل، ويده كانتْ على الزّناد، ومن أوّلِ ما رأته أحبّته، وظلّ الجندي ينظرُ صوبها حتى أعجبتْ به، رغم القصف المُتقطّع الذي كانَ يدكّ تلك القرية، فهي كانتْ تبحثُ بين الركام عن صديقاتها اللواتي خرجن في الصباح ولمْ يعدن، ولكنها التقتْ بذاك الجندي الذي صارَ يقابلها كل مساءٍ على تلٍّ يشرفُ على قريتها المدمّرة، وشعرتْ بأن ذاك الجندي وقعَ في حبِّها، كما هي وقعتْ في حبِّه، حينما رأته في ذاك المساء الذي كان جوّه مليء بدخانٍ أسود، وبعد أن ظلّا يتقابلان لفترة من الزّمن، قالت له: هيا نهربُ من هنا، فالقصفُ سيشتدُّ على تلك القرية المُستعصية، فردّ عليها لا أستطيع تركَ زملائي في جبهة القتال، لكنها أصرّت أنْ يذهبَ معها إلى مدينة قريبة، ومن كثرة إلحاحِها ذهبَ الجندي معها، وابتعدا عن دويّ القصف وجُنونِ الحرب الدّائرة هناك منذ زمنٍ، وهناك باتا يعيشان في تلك المدينة، لكنّ المدينة تمّ قصفها أيضا، فهربا إلى الجبالِ وعاشا في كهفٍ بعيدا عن دويّ القصف، الذي لمْ يتوقّف، وذات ليلةٍ قالت له تلك المرأة: لمْ أكن أعلمُ بأن الحُبّ في زمن الحربِ يختلفُ عن أيّ حُبٍّ، لأن الحُبَّ في زمنِ الحربِ يظلُّ متوتراً من جوِّ القصف، الذي يجعلُ الحبيبيْن ملتصقين في بعضهما في انسجامٍ غير عادي، فالحُبّ بطعمِ القصف والبارود يختلفُ رغم جوّ الصّخب الذي نعيشه ..

عطا الله شاهين

Untitled-1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة