موقف من وحي أم الزينات

تاريخ النشر: 18/05/16 | 15:46

التقيت الصديق بكّار فحماوي – نجل الكاتب سليم فحماوي، وهو أصلاً من أم الزينات المهجّرة، ويقيم اليوم في دالية الكرمل.
حدثني قال:
لم يوافق الإسرائيليون على دفن موتانا في أم الزينات. فعند وفاة شيخ العائلة- جدي أبي علي محمد أحمد فحماوي في أيار 1998 حفرنا له قبرًا في مسقط رأسه، وتهيّأنا لنقله إلى مقبرة قريتنا.
بينما نحن في غمرة حزننا حضرت الشرطة بحشودها المكثفة، وحظرت علينا الدفن في أم الزينات، فكان أن دفنّاه في ساحة الدار في الدالية- قبالة البيوت.
هكذا أصبحت أم الزينات محرَّمة حتى على الموتى.
أحرامٌ على بلابله الدوح؟!
موقف عجيب من غريب!
سألت بكارًا: هل لكم أرض في دالية الكرمل؟
أجاب:
عندما حضر جدي إلى دالية الكرمل بعد الهجيج رحب به أفاضلها، وكان أن عرض عليه أبو هاني مسعود نصر الدين تسع دونمات من ملكيته ليشتريها.
أبَى جدي وقال بعد أن شكره: وماذا أفعل فيها؟ فبيتي وأرضي في أم الزينات هنا على مرمى النظر، فغدًا أو بعد غد نحن عائدون.
ألحّ أبو هاني في العرض، وأصرّ جدي على الرفض.
مع ذلك توجّه أبو هاني إلى دائرة تسجيل الأراضي، وسجل الأرض على اسم جدي، وسلم له وثيقة الملكية قائلاً:
الأرض لك، ومتى استطعت الدفع فادفع لي، فالله أعلم ما ستؤول إليه الأمور، وماذا تخبئ الأيام، وأهلاً بك بين أهلك!
دفع جدي ثمن الأرض الزهيد، وبقي هو وأبناؤه وحفدته يقيمون فيها بفضل الله، وبفضل هذا الرجل الكريم الشهم.
قلت لبكار:
وهذا موقف يطيب من قريب.
ما أصدق حاتمًا الطائي في قوله، وكأنه يعني أبا هاني أيضًا، فقد أصبح حديثًا وذِكرا:
أماويَّ إن المال غادٍ ورائحٌ ويبقى من المال الأحاديث والذِّكْـر

أ‌.د فاروق مواسي

faroqmwase

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة