لا تخافوا

بقلم زهير دعيم

تاريخ النشر: 23/06/25 | 12:29

من سيفصلنا عن محبّة المسيح ؟ أشدّةٌ أم ضيقٌ أم اضطهادٌ أم جوعٌ أم عُريٌ أم خطرٌ أم سيف . ( رومية 8: 35)
ما قام به يوم امس الاحد في كنيسة مار الياس في دمشق في الدّويلة السورية ذاك ” الانسان ” ؟!!! بتفجير نفسه وسط المؤمنين في الكنيسة وقتل اكثر من 22 مؤمن وجرح العشرات لهو عمل اجرامي لا ترضى عنه السماء بل وتبغضه النفوس الصّالحة .
حقًّا كان يوم امس يومًا حزينًا ممزوجًا بالمرارة مثقلًا بالظلم بمشاهد آلمتني وآلمت كلّ ما يتحلّى بصفة الانسانيّة الحقّة ، وزرعت نفسي حزنًا وأبكتني، كيف لا ؟! وهي ترى الكنيسة تتحطّم والمصلّين الخاشعين رجالًا ونساءً وشبابًا وصبابا وأطفالًا يموتون على يد مخلوق عشق الموت وظنّ ان الله مثله يرضى بالظلم وقتل الأبرياء وبالسلب والقهر .
نعم …. يحرن القلم وتقف نفسي دهشة ، فمثل هذا الفعل الشّيطانيّ يصعب وصفه وتحمّله ، فماذا وكيف نصف مشهد أناس جاؤوا ليصلّوا ويعبدوا الله ويُرنّموا بمحبّةِ الانسان أيًّا كان حتى للعدو ، فيأتي من يُفجّر نفسه ويُفجّرهم وكل ظنّه أنه يخدم الله !!!
من هذا “الله” الذي يأمر بالقتل لا لسبب بل لانّهم يعشقون المحبّة ويعيشونها ؟!.

سأنتفض بمحبّة وسأصرخ الى الإله المُحبّ لكل البشر أن يُبلسم الجروح ويُداوي النفوس ويُلوّن المشاعر بالإيمان.
سأنتفض بمحبة وأقول : سنبقى في هذا الشرق نورًا يضيء الدّروب ، وزنبقًا يُعطّر الحياة ، وأملًا يُلوّن الأيام ، ومنارة تضيء الحنايا والثنايا .
سأنتفض وأصلّي لله الجميل بحرارة أن يفتح عيون قلوب هؤلاء البشر ، ويريهم الحقّ والحقيقة .
سأنتفض وأصرخ : لن نخافكم … وكيف نخافكم ومعنا الخالق الجميل المحبّ لكلّ البشر والذي قال لنا في كتابه المقدّس 365 مرّة لا تخافوا
وأخيرًا لا أجد الآية السماوية القائلة :
“لاَ تَنْتَقِمُوا لأَنْفُسِكُمْ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، بَلْ أَعْطُوا مَكَانًا لِلْغَضَبِ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «لِيَ النَّقْمَةُ أَنَا أُجَازِي يَقُولُ الرَّبُّ.” (رو 12: 19

لا تخافوا… صرخة إيمانٍ في وجه الموت

قراءة في مقالة زهير دعيم عن تفجير كنيسة مار إلياس في دمشق

بقلم: رانية مرجية

“من سيفصلنا عن محبة المسيح؟ أشدة أم ضيق أم اضطهاد أم جوع أم خطر أم سيف؟”
بهذه الآية الملتهبة من رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية، يبدأ المربي والأديب الفلسطيني زهير دعيم مقاله المؤثر “لا تخافوا”. ولعلّه، بذلك، لا يفتتح النص فقط، بل يفتتح جرحًا إنسانيًا موصولًا بدمٍ حيّ سال بالأمس في كنيسة مار إلياس بدمشق، حيث ارتُكب مجزرة رهيبة بحق مصلّين أبرياء، حملوا قلوبهم إلى الله، فعادوا منها إلى السماء، ضحايا إرهابٍ لا دين له.

■ نبوءة الألم… ولغة المصلوب

زهير دعيم لا يكتب بوصفه مراقبًا من بعيد، بل بوصفه شاهدًا مؤمنًا يعتصره الألم، ويمسح دموعه بكلمات الكتاب المقدس. يقولها صريحة: “ما قام به يوم أمس في كنيسة مار إلياس… لهو عمل إجرامي لا ترضى عنه السماء، بل وتبغضه النفوس الصالحة”.
وهو لا يتردّد في تسمية الجريمة كما هي: تفجير شيطاني في قلب كنيسة، وسط المصلّين، في زمن ما زلنا نحسب فيه أن دور العبادة محصنة بالسلام.

كأننا نسمع عبر سطور زهير دعيم صرخة المسيح من على الصليب: “يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون”، ولكنها هنا ممزوجة بدهشة الإنسان من وحشية أخيه الإنسان، ومن أولئك الذين يظنون أن القتل يرضي الله!

■ كاتب يحمل صليب المشرقيين

زهير دعيم هو أحد أبرز الأصوات المسيحية الفلسطينية التي حملت في كتابتها دوماً همّ الشرق. هو لا ينتمي فقط إلى طائفة أو ديانة، بل إلى هوية أوسع: هوية إنسانية مشرقية ترى أن الانتماء الحقيقي هو للمحبة، وأن البقاء في هذا الشرق رسالة.

ولهذا، نجده في مقاله يردّد:

“سأنتفض بمحبّة… سنبقى في هذا الشرق نورًا يضيء الدروب، وزنبقًا يعطّر الحياة، وأملًا يلوّن الأيام”.
ليؤكد أن الكنائس، كما المساجد، ليست أهدافًا مشروعة لأحد، وأن صلوات البشر لا تُنسف بالمتفجرات، بل تزداد صلابة وبهاء كلما نزف أصحابها.

■ تديّن لا يقبل الانتقام

ذروة النص لا تكمن في وصف المأساة، بل في الطريقة التي يُفكّك بها الكاتب الإغراء بالانتقام. يختم مقاله بقول الكتاب المقدّس:

“لاَ تَنْتَقِمُوا لأَنْفُسِكُمْ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ… لِيَ النَّقْمَةُ، أَنَا أُجَازِي يَقُولُ الرَّبّ” (رومية 12: 19).
وكأنّه يريدنا أن نفهم أنّ من اختار درب المسيح، اختار حمل صليب الغفران، لا سيف الثأر.

في زمن العنف، تصبح الكلمات التي تدعو للمحبة أكثر راديكالية من رصاص البنادق. وزهير دعيم، بتاريخه كمعلم وكاهن للحروف ومربٍّ للأجيال، يعرف أن ردّنا الحقيقي على الإرهاب لا يكون إلا بتجذير ثقافة الحياة، وزرع قيم التسامح، لا بالشعارات الفارغة، بل بالوعي والموقف والضمير.

■ في الختام: لا تخافوا…

“لا تخافوا”، ليست مجرد عبارة افتتاحية في هذا النص، بل هي شعار حياة.
هي شجرة زيتون ترفض أن تنكسر أمام العاصفة.
هي صليب منصوب فوق بيوت القدس، يضيء وإن أطفأوا الشموع حوله.
هي قلب امرأة في حلب، أو طفل في بيت لحم، أو شيخ في الموصل، ما زال يصلّي من أجل السلام، في وطنٍ تحوّل إلى رماد.

زهير دعيم، في مقاله هذا، لا يكتب فقط عن الكنيسة التي فُجّرت، بل عن الإنسان الذي يجب أن يُبنى من جديد. الإنسان الذي لا يخاف، لأنه يعرف أن الحقيقة لا تموت، وأن الله لا يرضى بالقتل، وأن المحبة لا تُهزم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة