ما أروع ذاك اللِّقاء

تاريخ النشر: 22/07/13 | 0:25

كان ال-19 وال- 20 من تموز الجاري 2013 يومين رائعين في نظري، كانا مُمَيَّزَيْن، جَمَعانا، سميح الشاعر الرائع والإنسان الطيب، إبن الرامة الجليلية وعروس جبل حيدر المطل بانحناء عاشق على وادي الكروم المنطلق من موقع كانت فيه كفر عنان ذات يوم وعين الأسد النائمة في مرتفعات الجليل الأعلى وحتى الهضاب المحيطة بقرى مجد الكروم، شعب وجولس والبروة المهجرة، جمعانا شلة صحب ٍ ، ضّمَّتْ فنانين وفنانات وشعراء وعاشقي أدب وموسيقى وفن ومسرح وراغبين حقا في الإحتفاء بسميح، الشاعر الرائع والأنسان الطيب.

كان اللقاء امتدادا للقاء الجميل في بلدة مكر – الجديدة والذي شهد انعقاد معرض فني وندوة حوار، توخينا أن يكون المعرض المُمَيَّز أيضا بعدد ونوعية المشاركين فيه وكذلك الحوار بداية لتحليق أدبي ثقافي في مجتمعاتنا.

كانت " عناة "، جمعية للفن التشكيلي، " وميس "، جمعية للثقافة العقلانية، تحركتا لتنظيم هذين اللقاءين بالتعاون المشكور والواعد مع نُشطاء ثقافيين أبرزهما الصديقان العزيزان، خضر حسن من مدينة عكا والمقيم حاليا في بلدة مكر – الجديدة ووضّاح القاسم، إبن بلدة الرامة والكاتبة الواعدة إبنة الرامة والمقيمة في القدس، نسب حسين. وكانت الجمعيتان اتفقتا على التعاون لتطوير التواصل المثري إنسانيا وثقافيا وإبداعًا بين الفنانين وبين الشعراء والكتاب في مختلف أماكن التواجُد السكني، محليا وفي الخارج . وقد تشكلت، بشكل عفويٍّ ومؤقت، إدارة مُصَغّرة لتنظيم هذا الحراك الثقافي الواعد من الفنان التشكيلي الرائع والنشيط جمال حسن، رئيس جمعية عناة، والأديب الشاعر والفنان، أسامة ملحم، عاشق الطبيعة وما فيها من تجليات حياة، ومن الناشط التربوي والثقافي خضر حسن، رئيس مجلس لجان أولياء أمور الطُلاّب في مدارس بلدة مكر – الجديدة والشاعر الكاتب ابراهيم مالك، أحد المبادرين لتأسيس جمعيتي عناة وميس. وقد عقدت هذه الإدارة اجتماعاً مع الأديب والكاتب سلمان ناطور تحاورت معه حول مشروع الحراك الثقافي الذي ابتدأناه وننوي تطويره بشكل لافت ومشجع ومثرً .

حقيقة كنتُ في هذين اللقاءين قليل الكلام ، لكن منبهر الأحاسيس ومتوقد العقل والتفكير ومشحونا بحبٍ حقيقي للإخوة والأخوات المشاركين في هذين اللقاءين. وقد ازداد احترامي وتقديري لهم ولهن . وما آمله واتمناه هو أن تتسع حلقة هذه الشلة من الصحب .

وكم أسعدني يوما الرامة . حقيقة عرفت سميح في سنوات الشباب المتفتح على الحياة قبل قرابة خمسين عاما . وفي هذين اليومين ، تأملته بصمت . اكتشفت أكثر من تلك السنوات الخمسين جوهر وبساطة سميح . كنتُ أصغي له وهو يتكلَّمُ . تأكدتُ أنه كنزٌ معرفي واسع الثقافة الإنسانية ولمست في القعدة معه ومع أصدقاءٍ كثيرين أنه مدرسة بساطة حياتية ، غنية ومتواضعة . وكم ثَمَّنْتُ في صمتي الناطق تواجُده بيننا ومعنا . كان هذا التواجد دفعة حياة لحراكنا الثفافي ، نحن في ميس وعناة .

ليس سِرًّا أنَّ سميح يعيشُ حاليا وضعا صِحِّيًا صعبا ومُعقدا. وفي هذين اليومين كان سميح يغالب هذا الوضع، يقاومه بحنكة تجربة وإصرار عاشق حياة، ينتصر عليه ويأتي ليجلس بصحبة من جاؤوا من أماكن مُختلفة ليشاركوه فرح الحياة، يعبرون عن حبهم وتقديرهم له، فكان سميح في نظرهم أحد أبرز حملة مشاعل الحياة في زمن اشتدَّتْ فيه عتمة ليل، ألمَّ بنا وراح يطول.

وكم كنت أودُّ أن أهمسَ في أذنيه :

أهلاً بك يا صاحب مسيرة حياة وغدٍ واعِدٍ آتٍ ، ما أجمل قبولك أن تأتي لنكون حامليك، فنراك في انبساط معشوق وقد رُحْتَ تحملنا بحبٍّ يُفْرِحُنا.

وفيما كُنْتُ أتأمَّلُ سميح في انبساطٍ صامتٍ وأصغي إليه بين لحظة وأخرى ، كنت شديد الإنبهار بجماليت ذاك الموقع ، الذي اختاره بعضنا ليكون مجلس لقائنا ومراح انطلاقاتنا الآتية.

شعرت أكثر من قبل بجماليات هذه الهضبة المطلة أماما على بلدة الرامة وجبل حيدر ووراء على هضبة الكمّانة الأشبه بفردوس حقيقي. كان صاحب كرم الزيتون الذي استحال خيمة تظللنا وتملأنا فرحا، كان بيننا في ذاك اللقاء، رأيته دائم الإبتسامة ، مُنفرج الأسارير، يشع طيبة. وهو من بلدة الرامة وتربطه بسميح أواصر حياة . فرحتُ كثيرا بوجوده . كان مثلنا يحب سميح ويحسن معاشرته وتقديره . وكم يجمل بنا أن نقدر صاحب هذا الكرم ونشكره . شعرت أنه يفتح مضافة بيته لنسهر بصحبته وصحبة سميح . وقد حرصتُ كثيرا أن أتعرف على حقيقة اسمه ، لأذكره بالخير والاحترام دائما. وقد علمت منه، الصاحب الكريم أبو حسن فؤاد فرّاج، أن اسم الموقع هو " ثِمِّ الحري " . وبعد سؤال وجواب وتوضيح فهمت أن الأسم يوحي بأكثر من معنى ومُراد ، أشدُّ هذه المعاني إيحاءً هو أن المكان أشبه بفَرجِ حياة ، فرج امرأة ، ينفتح على أكثر من مَدَىً مكاني ، وأقرب هذه الأمكنة هو وادي سلامة الرائع ؟

حدَّثْتُ نفسي أكثر من مرة، أحسست أنني أغني:

ما أجملك يا وطن ، لَن يسرقوك من ذهني وعيني ، من البصر والبصيرة !

أحسستُ أن سميح ومعه صاحب كرم الزيتون ومعهما شلة الصحب في هذه الملتقيات المُبْهِجة يَشُدون رباطي بهذا الوطن، فرحتُ أسكر بعبق ما في الكرم من شجر، بائن الخضرة والحياة.

وكم تمنيت عندها لو أصير واحدا من عيدان شجرة العبهر، السريس، السويد، البطم، الخروب، السنديان ونبتات الميرمية، الزعتر الجليلي، الزوفة والقندول، لأحيط جذع كل زيتونة في ذاك الكرم وكروم أخرى، أحيطها بزنار عشقي، زنار الحياة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة