هل الشرطة في خدمة الشعب؟

تاريخ النشر: 03/06/13 | 5:20

قد تكون الإقالة السريعة، والتي حظيت بتغطية إعلامية كبيرة، لضابط محطة الشرطة في عراد على خلفية قتل الطفلتين ريماس وإسناد من قرية الفرعة، تحركا رسميا ضروريا من جانب الشرطة، إلا أن هذه الخطوة لا تحمل أي طائل فعلي، بل وأن فيها ظلم ما على من تمت إقالتهم.

عدم الاهتمام كما يجب بالشكاوى المتكررة من جانب أم الطفلتين لم يكن خطئا، كما يحاول بعض المسؤولين أو المسؤولين السابقين تصوير الأمر. وعلى الرغم من النتيجة التراجيدية، فإن المعالجة الخاطئة بحد ذاتها لم تكن "ذنبا شخصيا" أو "حالة عينية"، بل حادثة مأساوية تؤكد على الوضع العام.

خدمات الشرطة هي جزء مهم من الخدمة العامة، وذلك على الرغم مما يرافقها من مميزات، مثل حمل السلاح، استخدام القوة، الهرمية التنظيمية والإجراءات الصارمة. هذه الأمور هي من مميزات هذه الخدمة وتهدف إلى ضمان النجاعة في توفير خدمات الشرطة، خاصة فيما يتعلق بتوفير الأمن الشخصي. في السنوات الأخيرة، يُشدد جهاز الشرطة على ترسيخ مفهوم خدمة الجمهور. "نحن هنا من أجل الجمهور" هو الشعار الذي يكرره الضباط على مسمع أفراد الشرطة مرارا وتكرارا، "مهمتنا الإصغاء للمواطنين، والاستجابة لحالات الضائقة التي يمرون بها، والحفاظ على حياتهم وحمايتهم.".

وإذا كان يتوجب على الشرطة العمل بحسب قواعد عمل موظفي الجمهور، فربما وجب علينا أن نسأل ما هي هذه القواعد عندما يتعلق الأمر بالجمهور العربي- البدوي؟

هل تختلف الخدمة التي (لم) يقدمها أفراد الشرطة في عراد للأم البدوية المضروبة، كثيرا عن الخدمات الأخرى- الأقل أو الأكثر إلحاحا- التي تُقدم لسكان قرية الفرعة، أبو عشيبة، الأطرش، وادي النعم، والبلدات البدوية الأخرى؟ هل الشكوى نتيجة فصل التيار الكهربائي حتى في الحالات التي لا بد منها بوجود تيار كهربائي لتشغيل معدات مُنقذة للحياة، سُتستجاب بسرعة؟ هل سيقفز تقني شركة الكوابل إلى سيارة الخدمة عندما يتصل أحد المواطنين في قرية رحمة (ألغير معترف بها) للإبلاغ عن مشاكل في جودة الشبكة؟ هل فكر أي شخص في بناء محطة قطار بين بئر السبع وديمونا؟ في أبو تلول مثلا؟

قد تبدو هذه التساؤلات، وبمقدار من الصحة، نوعا من الغوغائية الرخيصة والبلهاء، إذ أن في غالبية البلدات البدوية لا توجد حتى شبكة كهرباء أو ماء. فهذه الخدمات لا تُقدم أصلا للبدو الذين يعيشون في عشرات القرى بين البلدات البدوية الكبيرة.

إلا أن الشفافية شبه المُطلقة للبدو في نظر مقدمي الخدمات تُصبح ممكنة من خلال منظومة تحريض غاية في النجاعة تعتبر البدو جمهور واضحا جدا. بالنسبة لهذه المنظومة البدو كُثر، خطيرون، ينتشرون ويغزون، متهورون، همجيون، عنيفون، مجرمون. الخطر الذي يُشكلونه لا يهدد الدولة فقط، بل ويهدد مجتمعهم ذاته وعائلاتهم نفسها. إن التحريض ضد البدو يتم من خلال المشاهير (آفري غلعاد مثلا) ومنظمات (جمعية رغبيم مثلا) ومنتخبي الجمهور، الذي يطمعون في الأرض. أصغر عدد من البدو على أصغر رقعة من الأرض- هذا هو شعارهم.

إذا كان هذا هو الوضع، وهذه هي نوعية الخدمات المقدمة للبدو، فما الذي تريدونه من أفراد الشرطة في عاراد؟ أن لا يكونوا جزءً من القطاع العام؟ أن لا يشاهدوا التلفاز وأن لا يقرؤوا الصحف؟ أن لا يكونوا على علم بـ "المشكلة البدوية"؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة