التنمية الاقتصادية .. نحن والغرب

تاريخ النشر: 02/06/13 | 5:24

إن الناظر في واقع الأمة الاقتصادي يجده –للأسف- في تراجع مستمر، وتخلُّف شامل، على جميع المستويات الحضارية المختلفة.

والمتأمل في تاريخ الأمة في زمن عافيتها يجد الفرق الواضح بين إنجازاتها الحضارية السابقة، وتخلُّفها اليوم.

والمنصف العاقل يعلم أنَّ تفوق الأمة وازدهارها مرتبط بدرجة تمسُّكها بدينها، وتخلُّفها مرتبط أيضاً بدرجة تفلُّتها من دينها.

ورغم وضوح هذا الارتباط بين الدين والتفوق، فإن فئات من المسلمين لا تزال تعتقد أن تخلُّف المسلمين سببه التمسك بالدين.

ولكن الحقيقة الظاهرة هي أن الأمة المسلمة في الزمن الأول إنما نهضت حين تمسَّكت بدينها الحق، في حين نهضت أمَّةُ الغرب حين نبذت دينها المحرَّف.

إن الغربيين يفرضون على العالم نموذجهم للتنمية الاقتصادية، على أنه النموذج الوحيد لمن أراد التقدم والنهضة، كما دلَّت على ذلك تقاريرهم الصادرة عن البنوك والصناديق الدولية، فقد أثبت الواقع الاقتصادي إخفاق هذا النموذج الغربي في بلاد المسلمين، فبالأمس القريب سقط النظام الاشتراكي والنظام الرأسمالي على أثره في الزوال، فلن يدوم طويلاً، فإن هذه الأنظمة الجاهلية تحمل في بنائها بذور هدمها وزوالها.

ثم إن التنمية الاقتصادية في هذا العالم لا تأتي للأمة المسلمة من الخارج، وإنما هي إرادة وطنية خالصة، تنبعث من الداخل نحو التقدم والتحرر.

ثم إن النظم الاقتصادية في هذا العالم ليست قواسم مشتركة بين الأمم، فما يصلح للغرب ليس بالضرورة يصلح للشرق.

كما أن النموذج الغربي ليس هو النموذج الوحيد المتفوق في العالم اليوم، فهذه دول شرق آسيا تفوَّقت هي الأخرى، ولكن بفلسفة اقتصادية مختلفة.

لقد استطاع اليابانيون أن ينهضوا ويستفيدوا من الغرب، دون أن يبدِّلوا تراثهم الياباني، بل واستطاع الأوروبيون النهضة والاستفادة من المسلمين في السابق، دون أن يأخذوا شيئاً من تراث الإسلام، ألا نستطيع نحن ذلك اليوم ؟

لذا نستنتج من كل ذلك أنه من الضروري إعادة النظر في خططنا التنموية، ومحاولة ابتداع نموذج تنموي جديد، يتنكَّب النموذج الغربي، بل ويتنكَّب كلَّ نموذج يخالف الإسلام، يحقِّق العبودية لله تعالى، ويحقِّق سعادة الإنسان، ويجمع له بين خيري الدنيا والآخرة.

إن الأمة لا يمكن أن تنهض حتى تعتمد على ذاتها بعد الله تعالى ؛ فإن الأمة في مجموعها تملك من المال والعلم والأرض والناس، ما يُغنيها عن الغرب والشرق، ولكن لابد من الوحدة السياسية والاقتصادية لتحقيق ذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة