الهويه الوطنيه: ما هكذا تورد الإبل يا عرب!!

تاريخ النشر: 09/05/13 | 5:52

منذ امد دخل العرب في عراك مع الذات ومع ازمات وحالات غير عاديه يمر بها عالمنا العربي من المحيط الى الخليج ومن المغرب الى المشرق العربي , لكن العرب دخلوا منذ اكثر من عامين في عراك واشتباك اخر مباشر مع انظمة الحكم والطغاه الذين يحكمون الدول العربيه و بطشوا وما زالوا يبطشون بحقوق وكرامة الشعوب العربيه من جهه ودخلوا في تناقضات وطنيه وسياسيه لاتعد ولا تحصى الى حد انقسام العرب بين مؤيد ومعارض للحراك العربي ضد انظمة الحكم من جهه ثانيه وبالتالي وفي خضم هذه المعركه او المعارك المستمره ضاعت معايير وطنيه كثيره وغابت امور كثيره الى حد ان يتحول الامر الى محاولة الحسم العسكري بين المعارضه والنظام باي شكل من الاشكال وبغض النظر عن شكل وهوية حليف او حلفاء هذا الطرف او ذاك وهذا ما جرى في ليبيا ويجري في سوريا حيث محاور الصراع الذي يعتمد احدهما على الجيش " الوطني" و القوه العسكريه وتحالفاته الاقليميه والخارجيه بينما يعتمد الاخرعلى ميليشيات وحرب عصابات مدعومه من الرجعيه العربيه والامبرياليه الغربيه والملاحظ في هذه الحاله هو تطبيق نظرية الدمار والهشيم الذي تتبعها الاطراف المتحاربه في تدميرها المبرمج للوطن والوطنيه في هذا البلد العربي او ذاك وما يجري في سوريا هو مثال حي ودامي حين يشوه و يدمر النظام صورة الجيش الوطني السوري الذي يقتل اليوم الشعب السوري ويدمر قراه ومدنه بحجة محاربة المعارضه في حين ان المعارضه مستعده للتحالف مع الشيطان وحتى مع اسرائيل من اجل اسقاط النظام في ظل غياب معايير وطنيه تحدد مسار هذه المعارضه الى حد التهليل للهجوم الاسرائيلي الاخير على التراب الوطني السوري..

واضح تمام الوضوح ان النظام الحاكم قد حوَّل الجيش السوري الوطني الى جيش نظام يقتل شعبه وبهذا جُردَّ هذا الجيش من ادنى مقومات الصفات والسمات الوطنيه وفي المقابل اعتماد المعارضات (ليست معارضه واحده) على الدعم الغربي والرجعي العربي وحتى دعوة امريكا واسرائيل لضرب سوريا وهذا يدل دلالة واضحه على فقدان هذه المعارضه للحس الوطني والمقومات الوطنيه اللتي تفرق بين مسلكية نظام جائر وكون سوريا دوله عربيه والواجب ان تكون المعارضه وطنيه ولا تفقد بوصلتها الى حد ان يظهر احد متحدثيها على شاشة التلفزه الاسرائيليه ويزعم ان الشعب السوري فرح لضرب سوريا و يؤيد العدوان الاسرائيلي على مواقع سوريه…عيب هذا الانهيار الاخلاقي والوطني الذي يمارسه ويطبقه كل من النظام والمعارضه في سوريا!!

ماهو جاري اليوم في العالم العربي وخاصة في دول الحراك الشعبي هو تحطيم لكل المفاهيم والمعايير الانسانيه والوطنيه والاجتماعيه فمن ناحيه قامت وتقوم الانظمه الدكتاتوريه بقمع الشعوب وارتكاب ابشع المجازر بحق هذا الشعب او ذاك ومن ناحية اخرى لاتختلف المعارضات من حيث المسلكيه وغياب مقومات الوطنيه عن النظام الحاكم الذي يحارب المعارضه والشعب دون هواده كماهو جاري في سوريا ودول عربيه اخرى لابل هنالك تعبئه وتحشيد طائفي تقوم به الاطراف المتحاربه وتغذيه الدول المجاوره والاقليميه والامبرياليه والصهيونيه العالميه وماهو مؤسف هو هذا الانجرار العربي الشعبي المدمر وراء هذا التحشيد والتضليل وتداخل الطائفي مع السياسي الى حد تدخل ميليشيات طائفيه من جميع الطوائف لصالح هذا الطرف او ذاك في سوريا التي تتعرض الى دمار ممنهج ومبرمج من قبل جميع الاطراف وهنالك مثلا من يتهم حزب الله اللبناني بالتدخل في الحرب الدائره في سوريا لصالح النظام واذا كان الامر بالفعل صحيحا (نقول اذا كان حتى لا نجزم) ؟ فهذه خطوه غير موفقه وانتحاريه ستفقد الحزب مكانته المقاومه في لبنان والعالم العربي الذي هو جزء منه رغم ان منتسبيه تقريبا من طائفه واحده وفي المقابل نجد ايضا الطائفه المقابله الداعمه للمعارضه السوريه عسكريا وسياسيا والامر في طريقه للتفاقم والفرز الطائفي في جميع انحاء العالم العربي وهذا امر سئ اواسوأ من سئ ودليل على غياب الوطنيه اللتي تنتصر للوطن وليست للنظام او المعارضه او الطائفه..غياب الوطنيه العربيه عن الساحه الوطنيه العربيه وخاصة غياب هذا العنصر المهم عن ادبيات ومسلكية القوى المعارضه يفتح الباب على مصراعيه لكل الاحتمالات وعلى راسها الحرب الطائفيه وقبول كان من كان واي طرف حليفا حتى لو كان هذا الطرف امريكا او ا سرائيل او السعوديه او قطر ولا ننسى طبعا اتهام ايران بانحيازها للنظام السوري وهو انحياز سافر يزيد الطين بله طائفيا واقليميا وعربيا..

من لا ينحاز لمطالب الشعوب الوطنيه سيخسر على المدى البعيد كل شئ لانه ببساطه النظام زائل والشعوب باقيه والجغرافيا ايضا باقيه والنتيجه هي زرع عداءات وحزازات مذهبيه وطائفيه وسياسيه في المنطقه الواحده الى ابد الابدين.. مايجري في سوريا هو فقدان الاتجاه والبوصله وغياب عنصر الوطنيه العربيه الذي من المفروض ان تجعل جميع فئات الشعب وطوائفه وجيرانه ايضا ينحازون للوطن والهويه الجماعيه العربيه وهذا هو سؤال مربط الفرس : على ماذا يدور القتال ولماذا؟؟… من اجل نظام حكم وطائفه ومذهب ما ام من اجل الوطن وهويته العربيه الجامعه تحت مظلتها جميع الاطياف والمذاهب والطوائف؟..نجزم ان الحرب الدائره في سوريا حرب نظام وحرب طائفيه لاتقوم على مقومات وطنيه و الاطراف المتحاربه لا تأبه اصلا للخساره الوطنيه التي تلحق بالشعب وممتلكاته يوميا في سوريا؟!

عندما تترعرع الاحزاب او الحركات في بلد هويته عربيه عليها ان تكون منسلخه عن الطائفيه والمذهبيه والاثنيه العرقيه ومندمجه في مفهوم عروبة البلد وهويته العربيه بغض النظر عن الدين او الطائفه او المذهب… نحن نقول ببساطه ان اي حزب في سوريا او لبنان مثلا لايعترف بهوية الوطن ويجاهر بالولاء لمذهبه الديني ودول اخرى هو حزب طائفي وليست عربي وطني بغض النظر عن منتسبي هذا الحزب او الحركه ان كانوا مسلمين او مسيحيين او من طائفة الشيعه او السنه او غيرهن من طوائف وبالتالي الجاري في سوريا ليست باي حال ظاهره وطنيه..النظام غير وطني والمعارضه ايضا ليست وطنيه وعروبيه والذي جرى ويجري في العراق ايضا ليس عربيا وطنيا لا بل هو طائفيه مقيته دمرت هوية العراق العربيه..

هذه القضيه صارت اليوم مفصليه ونتائجها واثارها مدمره بالنسبه للعالم العربي والذي يقطف نتائجها السلبيه هم اعداء العرب والمتربصين بهم سواء اسرائيل او امريكا ورغم عدم اعتبارنا ايران كعدوه للعرب لكن نظامها يغذي فكرة العداء بمسلكيته السياسيه والطائفيه في سوريا والعراق… الجاري هو غياب الوطنيه والمشروع الوطني العربي في الدول العربيه والحاصل تقسيم وطائفيه وتحالفات مع اللد اعداء القضايا العربيه والاسلاميه.. بين ليلة وضحاها ميَّع الاحتلال الامريكي الهويه الوطنيه العربيه في العراق والجاري في سوريا اليوم تقريبا نسخة طبق الاصل من الحاله العراقيه حيث يقوم النظام والمعارضه بتهشيم الهويه الوطنيه العربيه في هذا البلد العربي !!

اذا تحدثنا عن الوطنيه العقلانيه والديموقراطيه فنحن نتحدث عن حرص الشعب على وطنه ودفاعه عنه وهذا الدفاع يتجلى في اشكاله السياسيه والثقافيه والعسكريه وغيرها اللتي تمارسها الشعوب افرادا وجماعات حفاظا على تراب و كينونة هذا الوطن الذي يجمَّع الناس على هويه وطنيه وسمات تميز هذا الشعب او ذاك وبطبيعة الحال هنالك عناصر اساسيه تلعب دورا مهما في بلورة الهويه الوطنيه الجماعيه للشعب الواحد من بينها الارض واللغه والثقافه والحضاره والدين والتطلعات والطموحات الجماعيه الخ من سمات الهويه الواحده المتوفره في جميع الدول العربيه وعلى طول وعرض العالم العربي العابر للقارات وبالتالي ما نلحظه في اطر ما يسمى بالثورات العربيه او الحراك العربي هو غياب الوطنيه والحس الوطني والحرص على سلامة الوطن العربي الذي يُحتَّل ويُدمر تباعا من العراق ومرورا بليبيا وحتى سوريا ناهيك عن احتلال فلسطين وخراب لبنان ابان الحرب الاهليه وتقسيم السودان والوضع الغير مستقر في مصر وتونس.. ما يوجد في العالم العربي كان وما زال اكاذيب ومسميات على غير مسمى مثل الحزب "الوطني" بقيادة المخلوع حسني مبارك او تسميات كثيره لاتدل على الوطنيه كالمجلس الوطني او الجيش الوطني والاسئله المطروحه هنا : اي جيش وطني هذا الذي يذبح الشعب في سوريا واي معارضه وطنيه هذه التي تتوسل الغرب لضرب سوريا واي جيش وطني هذا الذي ينشاه الاحتلال ويهجن عقيدته و يساعد الاحتلال في احتلال بلده كما جرى في العراق واي جيش وطني هذا الذي كان يملكه القذافي واي ثوره وطنيه هذه التي اطاحت به؟.. كلها اسماء وطنيه, لكنها في الحقيقه غير وطنيه ولم تدافع لا عن الشعب ولا عن التراب الوطني كما هو حال النظام السوري الذي يتسلى بمقولة "حق الرد" على الاعتداءت الاسرائيليه المتكرره على سوريا..بطل على شعبه وجبان امام اسرائيل..احد الكُتاب العرب توسل النظام على شان الله والشعب العربي بالرد ولو بصاروخ واحد دون حَّشوه!…اي شئ ..صاروخ ورق ..كارتون..المهم رد!…كرامة امه ونذالة حاكم…على الجانب الاخر من المشهد السوري..معارضه تهلل للعدوان الاسرائيلي على وطنها تحت حجة النظام… لا… هذا.. لا يجوز لانه ببساطه الوطنيه الحقيقيه تدين العدوان وتدين النظام, لكن الذي جرى هو ظهورها على شاشة التلفزيون الاسرائيلي وزعمها بفرح وترحيب الشعب السوري بهذا العدوان..ببساطه هذه المعارضه فضيحه وطنيه وليست وطنيه.. النظام فضيحه والمعارضه خزي وعار؟؟.. الغريب في الامر انه من المفروض ان الوطنيه ترفع الروح المعنويه للشعب في زمن الحرب والازمات, لكنها في سوريا غابت تماما من وجدان النظام والمعارضه..الجهتان لم يظهرا قدر من الوطنيه ولا إنتماء عريق للوطن السوري..وطنيه ضائعه وتائهه وغائبه عن المشهد السوري ومشاهد عربيه اخرى!!

التاريخ ذكر ويذكر الكثير من الحالات الوطنيه ولا يخلو بلد في العالم من البطولات الوطنيه والتاريخيه ومن بينها البلدان العربيه وهذه الحالات خلدها التاريخ, لكن منذ احتلال العراق مرورا بتدمير ليبيا وحتى الحاله السوريه نلحظ غياب الوطنيه العربيه وحلول التبعيه مكانها والاخطر هو تبرير التبعيه من خلال الدوس على الوطنيه ليصبح الوطن والوطنيه العدو والوطني "ارهابي" بينما التبعيه ورموزها والعملاء هم الشرعيه… في سوريا الجاري وقاحه تاريخيه من قبل نظام يقتل شعبه بدعم من دول مجاوره في حين ان المعارضه ايضا تساهم في قتل الشعب وتدمير الوطن بدعم عربي رجعي وامبريالي غربي…النظام والمعارضه لايملكان لا مشروع ولا حس وطني..صراع دامي على السلطه بلا ارتباط وطني..هذا هو الجاري..ببساطه الجاري في سوريا صناعه اجنبيه مستورده وكلاءها من السوريين الغير وطنيين… وكلاء وتجار حرب وتجار نفط وغاز بلا مشروع وطني…هذا هو الجاري في سوريا وفي اكثر الدول العربيه الذي تحكمها انظمه غير وطنيه و فيها معارضه عدميه وغير وطنيه.. الهويه الوطنيه الضائعه والغائبه عن مسرح الاحداث في العالم العربي:… ما هكذا تورد الإبل يا عرب.. والثورات الوطنيه ليست على هذه الشاكله المخزيه…إختشوا..انتم الذين تشكرون امريكا وتدعونها الى ضرب سوريا وانتُم الذين تشكرون الاسرائيليون الذين يعتدون على سوريا وانتُم منظومة انظمة العار العربي اللتي تتسكع في رحاب نذالة موقف " حق الرد المؤجَّل"..نعم.. ما هكذا تورد الإبل يا عرب.. ولا هكذا هي الوطنيه ولا الهويه الوطنيه..!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة