قصّة مثل من أمثالنا الشعبية: «أجاك يا بلوّط مين يعرفك»

تاريخ النشر: 23/03/13 | 2:39

البلوط شجر كبير الحجم غليظ الساق، متين الخشب ينمو ويعيش في بلادنا ومنذ أقدم العصور ويحمل ثمراً، وثمرته بيضوية الشكل لها قمعٌ تُغّطي قاعدتها بقشرة يابسة قاسية وتضّم بذروة واحدة. وثمرة البلّوط تشبه ولحّدٍ ما ثمرة الكستناء، وليس صدفةً أن تُسمّى ثمرة الكستناء أو الكستنة «شاه بلّوط»، وشجرة الكستناء كبيرة الحجم وجميلة، ثمرتها شوكية تحتضن من بذرة الى ثلاث بذرات، ولون الثمرة بُنّي غامق ولها لمعة جذّابة…

ولتشابه ثمرة البلّوط ولحدٍ ما مع ثمرة الكستناء، فتقول الرواية أن أحدهم استغّل ظاهرة التشابه هذه ما بين البلّوط والكستنة، فبعد أن جنى ثمر بلّوطته عبّا ثمر البلّوط في كيسٍ كبيرة وحملّها على ظهر حماره وتوجّه بهذه «الحمولة» الى إحدى القرى البعيدة عن بلدته، والتي لا يعرف أهلها الكستناء ولم يشاهدوها بأعينهم، ولربّما سمعوا عنها وعن طعمها اللذيذ، وخاصة بعد أن تشوى في النار، أو في الطابون…

وحال وصوله إلى مُبتغاه إلى القرية التي قصدها، بسط بضاعته من ثمر البلّوط وأخذ يصيح بأعلى صوته: كستناء، كستناء، لذيذة الطعم يا كستناء، واقتنى من اقتنى من بضاعته ظانين أنها الكستناء التي سمعوا أو قرأوا عنها…

ولكن ولسوء حظّه وطالعه معاً فإن فرحته لم تتّم حين مرّ من أمام بسطته شخص ليس من أهل هذه القرية، استوقفه نداء البائع على الكستناء، ودفعه حبّ استطلاعه ومعرفته للكستناء وشغفه بمذاقها اللذيذ، أن يسأل عن سعر الكستناء، ولكن وما أن اقترب من الثمر المعروض للبيع ورآه حتى انتابه شعور غريب من الاستهجان والاستغراب وليقول في نفسه: أي كستناء هذه، انها البلّوط بعينه، وتوجّه إلى البائع وقال مُوبخاً: ما هذا الخداع وهذا الغش، تقول بأعلى صوتك: كستناء… تكذب على هؤلاء البُسطاء الأبرياء وتبيعهم بلوطاً!! أين ضميرك؟! ألا تخشَ الله؟

وما كاد هذا الغريب يُنهي كلامه حتى أقدم البائع وبسرعة البرق على لملمة بضاعته كما نقول وغادر المكان وهو يجرّ أذيال الخزي والعار ويردّد «أجاك يا بلّوط مين يعرفك»، ومثلنا هذا يُضرب عادةً لمن يدّعي عملاً أو انتاجاً أدبياً ثم يأتي من يفندّه، أو ليروي أحدهم قصة حادثة بطولية لم تحدُث مُطلقاً، ليأتي أحدهم ممّن عاصروه ويُفنّد أقواله «ويكشف طابقه» كما نقول وباختصار يُضرب هذا المثل لمن: يُزيّف أو يُزّور أو يكذب أو يدّعي ما هو ليس فيه من كرمٍ أو مروءةٍ أو إقدامٍ ثم يظهر من يُدحِض ادعاءه وينفيه لنقول له والحالة هذه: «أجاك يا بلّوط مين يعرفك».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة