حرب باردة..

تاريخ النشر: 01/06/15 | 16:43

” تعااااااال هنا.. لا تذهب بعيداً.. لا تركض في الممرات.. لا تلمس شيئاً.. لن نشتري هذه الحلوى.. ستنال عقاباً قاسياً حين نعود إلى المنزل…… الخ ”
يؤلمني هذا المشهد الدرامي الكوميدي المتجدد في الأماكن العامة وخاصة في محلات السوبرماركت والأسواق…
أمهات يتحولن إلى ” غريندايزر ” لتسمع أصواتهن تدوي في أجواء المكان..
يصرخن بأطفالهن بصوت مرتفع غير آبهات بكل من حولهن.. وتبدأ حفلة الشتائم أو الضرب أو كليهما..
فجأة بدون مقدمات تتذكر الأم أن هناك قوانين يجب أن يلتزم بها أطفالها خلال تواجدهم معها في السوبرماركت..
وطبعا إما أن يتجاهل الطفل أمه، أو يلتزم لدقائق ليغافلها ويهرول بعيداً من جديد، وتتكرر الحرب الباردة بينهما.
وغالباً ما يتم قصفه فوراً بصفعة أو قرصة قاتلة ليقع الطفل صريع الدهشة، أو يقرر أن يعاقب الأم بإطلاق سيمفونية بكاء مدوية على مرأى ومسمع من القاصي والداني !!
كثير من الأمهات يتبعن أسلوب المفاجآت التربوية..يعني فجأة تتذكر الأم أن لديها طفلاً يجب أن يتعلم احترام النظام والتصرف بذوق، لتبدأ بسرد القوانين على مسامعه أثناء تواجدهم خارج المنزل، وتجد الطفل ينظر إلى أمه مذهولاً وكأنه يسمع تلك القوانين لأول مرة في حياته، وأحياناً يكون بالفعل لم يسمعها مطلقاً.
أعلم جيداً أن الكثير من الأطفال يتمردون على القوانين ويجتهدون لكسر النظام تحت تأثير الفضول وحب الاكتشاف، لكن لن يجدي التعامل معهم بالعنف والصراخ، قد يلتزمون لمرة أو اثنتين، لكنهم سرعان ما يعاودون التمرد.
لذا على الأم أن تحاول التوفيق بين القوانين المطلوبة من الطفل وبين طبيعته المحبة للاكتشاف..
ما المشكلة في أن تتبعي طفلك إلى حيث يشاء في السوبرماركت وتستمعي إلى طلبه أو تعليقه ومن ثم يكون بينكما حوار راقٍ يقنع الطرفين ؟! وهذا بالطبع على أساس اتفاق مسبق بينكما على القوانين المتبعة خارج المنزل، لكن طفلكِ لن يلتزم من الحوار الأول، لذا عليك أن تكوني صبورة وتكرري هذه الحوارات والاتفاقات إلى أن ترسخ عميقاً في عقل طفلك، وإن حدث – وغالباً ما يحدث – أن يكسر الطفل ما تم الاتفاق عليه فلتكوني واضحة معه بنتائج ذلك وامنحيه أكثر من فرصة ليستوعب جديتك في تطبيق النتائج في حال خالف ما اتفقتما عليه، لكن في المقابل لا تنسي أن الأمر يحتاج إلى الكثير من المرونة فهو طفل وليس مجنداً في ثكنة عسكرية، وانتبهي جيداً أن مصطلح ” المرونة ” لا يعني أبداً ولا بأي شكل من الأشكال مفهوم ” التساهل واللامبالاة “.
كل ما نحتاجه هو بعض التطوير لأفكارنا التربوية التي نتعامل بها مع أطفالنا، فنحن أمام جيل يرفض التهميش ولا يقبل بالقمع الفكري والروحي، وما يمارسه بعض الآباء والأمهات تجاه أطفالهم من صراخ وتعنيف ما هو إلا قمع يرفضه الطفل لا إرادياً فيتمرد ويصر على إحراج والديه.
صراحة الأم التي تلجأ إلى الضرب والتعنيف في الأماكن العامة تستحق كل ما يفعله به طفلها لأنها منحته الفرصة على طبق من ذهب كي يحرجها، وبشكل عام فإنني أجد أن لجوء الوالدين إلى الصراخ والعنف مع أطفالهما ما هو إلا دليل محزن على فشلهما في العملية التربوية.
ببساطة : الأم والأب اللذان يفشلان في ضبط أعصابهما أمام تصرفات ومشاكسات أطفالهما.. كيف يمكن لهما أن ينجحا في ضبط سلوكياتهم؟!!!!
قرصة حب:
الالتزام بالقوانين والنظام لا يكون وليد اللحظة.. بل يجب أن تدربي طفلك عليه ابتداء من المنزل.. اعقدي معه اتفاقات وتوقفي عن أسلوب المفاجآت التربوية.

همسة يونس

hamsayones

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة