في المخيم

تاريخ النشر: 01/06/15 | 14:46

سأتحدث عن المخيم وعن ما يدور بداخله من أفراح ومداهمات وابتسامات تخفي وراءها أسرار وكلام بداخل كل من هم بالمخيم إن كان كبيراً او صغيراً.
في المخيم أرى ما لا تراه كل من المغتربين، في المخيم آفيق على صوت أمي وأصوات الآمهات لينبهن أولادهن للمدارس وللعمل.
وعند خروجي أرى خيوط الشمس تلوح على آزقة المخيم وأخد مسراها، وأرى العاملين ينتظرون مجيء الحافلة ليذهبوا لعملهم وأمشي في آزقة المخيم وأرى قهوة يجلسون فيها المارة من كبار السن ليحتسون قهوتهم ويسترجعون ما تبقى من ذكرياتهم من أيام جميلة واسمعهم يقولون ((ساق الله على أيام زمان))،،، وأصبح عليهم وابتسم لأنني سعيدة لسعادتهم وهم يتحدثون ويسترجعون ذكرياتهم الجميلة.
وفجآة أرى طالبة صغيرة تختبىء وراء سورٌ من آزقة المخيم لتدهش أخوتها الذين يخرجون من المنزل بعدها وتقول لهم ها أنا جهزت نفسي قبلكم ويضحكون بوجه أختهم ويذهبون معاً الى المدرسة،، وفي طريقي للمدخل الرئيسي للمخيم يعجبني على المدخل وأقرأها يومياً وبسعادة (( عائدون we will Return ))
وبعد دوامي بعملي أرى في المخيم أشيائاً رائعة ينتابني شعور السعادة والطمأنينة من أهل المخيم، أرى العمال والموظفين وهم ذاهبين لبيوتهم حاملين لأولادهم الحلويات والألعاب لكي يفرحو أولادهم وهم ينتظرون أبائهم بفارغ الصبر.
وفي المخيم يتصلون الشباب ببعضهم ليلتقيون في مكان من آزقة المخيم ليفرغو ويتضاربو مزحاً ولعباً وكلاماً،، ويسترجعون كلامهم في المخيم ويقولون مر من هنا الشهيد وها هنا أثر الرصاص في طرقات استحضرت أسمائها من ذاكرة خطى السائرين فيها (( الشهيد – الرصاصة – الأسير – الجريح )) مفردات مفاجئة..
يتذكرون ذكريات الأسير عندما كانوا يحملون الحجارة ليلقونها على العدوان، ويتذكرون الشهيد بمقولات قالها قبل أن يستشهد ويعيدون الفرح الذي تحتويه قاعة ضيقة في مخيم تمتزج فيها النشوات، تتزين عروس لعريس..تأبين شهيد زغردت له الأرض لتغيظ السماء والذكرى تلوح ما بقي بالمخيم والعدو يطارد أبناء المخيم.
الشهداء..الأسرى.. الأبتسامة..الحماية وما نبقيه من ماضٍ جميعه في المخيم آجمل.
وبكل هذه المآساة والذكريات الآليمة يذهبون ليشاركون أفراح المخيم ويقفون أهل المخيم بجانب بعضهم في الموت والأفراح.
وفي أيام المباريات.. بعد العمل والراحة بالبيت يذهبون للقهوة ليحضروا المباراة ليشجعوا الفريق الذين ينتمون له وعند الفوز تنطلق صرخة تفج بالمخيم وهم فرحين ويقبلون بعضهم البعض للفوز بفريقهم المفضل،، وعند سماعي لفرحتهم بصراخهم الضاجج بآركان المخيم أسعد جدا بسعادتهم.
ونساء المخيم يختلفن كباقي نساء العالم يتحملن جميع الصعاب وهي تتكلم عن ابنها الشهيد والثانية تقول بأن ابنها الاسير لا يتكلم معها وغيرها تقول انها اشتاقت لاولادها لانهم بالغربة وغيرهم من النساء التي تتحدى الألم وتعيش وتقول الحمدلله،وآكون سعيدة عندما أرى أمي وباقي النساء من الجيران وصديقاتها بالمخيم يجلسن صباحاً ويشربن القهوة وكل منهن تقول ماذا تريد ان تفعل من طبخ.
ونساء المخيم بعد انتهاء آشغالهن بالبيوت ينتظرون آزواجهم واولادهم عندما يرجعون من قهوة المخيم ليتكلمون عما جرى بداخل المخيم وآزقة المخيم ويتشاركون الابناء والبنات والام والاب بالكلام.
وعندما يفرج عن أسير من أبناء المخيم يفج الفرح بجميع أركاان المخيم ويحتفلون احتفالاً أجمل من احتفال الأعراس.
وبالشهر الفضيل أولاد المخيم ينتظرون أذان المغرب وهم يقولون : هياااااا يا مؤذن هيااااا نريد أن نأكل ههههههههه
وعندما يقول المؤذن الله اكبر يهتفون الأولاد فرحاً
ووقت السحور يأتي المسحر ليسحر أهل المخيم ويطرق على الطبل ويمشي في آزقة المخيم وآطفال المخيم يطوقونه ويتراكضون حوله وهم حاملين فوانيس رمضان المضيئة وهو يقول وحدوا الله يا عباد الله،، ويردد ويقول يا طبلة دقي دقة وما تقوليش لأأأه
ويقول لأهالي المخيم فيق يا فلان..وحد الله يا أبو فلان..وأنتي يا أم فلان قومي وحدي الله وسحري أهل بيتك وأهالي المخيم يشعلون الآنوار وهم سعيدون بصحوتهم للسحور.
كم أحبك يا مخيم
يعجبني قول أخوتي : هيا يا أختي اعملي القهوة لكي نحتسيها مع الاصدقاء من ابناء المخيم،، وأخي الأصغر يقول لي لا يا أختاه اعملي لي قبلهم إبريق شاي على كيف كيفك عندي أصحابي وهم أيضا من أهل المخيم.
نحن لاجئو المخيمات بالسراء والضراء مهما ابتعدنا ومهما جرى بيننا نفضل يداً بيداً،، يكفيني فخراً أنني أنتمي لأهل المخيم.
وأخيراً….
لم أكتب عن المخيم من فراغ وأنما من وحي المخيم ومن آزقة المخيم،، وأحب عودتي الى المخيم وأرى كلمة عائدون على باب المخيم..
نعم سنعوود !!!
متأكدة تماماً مثلما بدأت الحكاية من المخيم ستنتهي يوماً ما من المخيم بإذن الله تعالى ولن نيآس من رحمة الله..
فأهل المخيم يتحملون الصعاب ويقولون الحمدلله والشكر لله وحده.

بقلم: نور الميمي

????????????????????????????????????
????????????????????????????????????

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة