رقائق في دقائق (23)

تاريخ النشر: 10/04/15 | 18:01

تنويه..   انه من الاهمية البالغة في هذا الزمن أن نعرض الموضوعات الهامة التي تتصل بالفرد والمجتمع بكل وضوح وبدون أي رتوش. لهذا قررت أن اطلق هذه الرقائق علها تكون سبب في تغير الفرد والمجتمع سائلاً المولى عز وجل أن يجعلها خالصة لوجهه الكريم..

إشارات على الطريق..!    قال أحد الصالحين: ” لا يعرف نفسه من صحبته شهوته، ولا يفلح من احتجب بشيء من غفلة أو عجب.. كيف يحتجب الزاهد بزهده وهو يعلم أن الدنيا كلها متاع قليل.. فكم له من ذلك القليل ؟! وفي أي قدر منه زهد ؟ وكيف يحتجب عابد بعبادته وهو يعلم منة الله عليه فيما وفقه إليه من عبادته ؟ وكيف يحتجب عالم بعلمه وهو إذا سأل نفسه: كم علم وكم عمل فيما علم ؟ لاذت بالصمت وغلبها الخوف والحياء.. طوبى لمن كان همه هماً واحداً، ولم يشغل قلبه بشيء يعيقه عن ابتغاء الدار الآخرة.. “.

محبة وتباغض..!   قال الإمام الأصمعي: ” دخلت على الخليل بن أحمد وهو جالس على حصير صغير. فقال: تعال واجلس. فقلت: أضيق عليك. فقال: مه.. إن الدنيا بأسرها لا تسع متباغضين، وإن شبراً في شبر يسع متحابين “.

كيف تواجه النقد الآثم..   الرُّقعاءُ السُّخفاءُ سبُّوا الخالق الرَّازق جلَّ في علاه، وشتموا الواحد الأحد لا إله إلا هو، فماذا أتوقعُ أنا وأنت ونحنُ أهل الحيف والخطأ، إنك سوف تواجهُ في حياتِك حرْباً ضرُوساُ لا هوادة فيها من النًّقدِ الآثمِ المرِّ، ومن التحطيم المدروسِ المقصودِ، ومن الإهانةِ المتعمّدةِ مادام أنك تُعطي وتبني وتؤثرُ وتسطعُ وتلمعُ، ولن يسكت هؤلاءِ عنك حتى تتخذ نفقاً في الأرضِ أو سلماً في السماءِ فتفرَّ منهم، أما وأنت بين أظهرِهِمْ فانتظرْ منهمْ ما يسوؤك ويُبكي عينك، ويُدمي مقلتك، ويقضُّ مضجعك.
إن الجالس على الأرضِ لا يسقطُ، والناسُ لا يرفسون كلباً ميتاً، لكنهم يغضبون عليك لأنك فُقْتَهمْ صلاحاً، أو علماً، أو أدباً، أو مالاً، فأنت عندهُم مُذنبٌ لا توبة لك حتى تترك مواهبك ونِعَمَ اللهِ عليك، وتنخلع من كلِّ صفاتِ الحمدِ، وتنسلخ من كلِّ معاني النبلِ، وتبقى بليداً غبيَّا، صفراً محطَّماً، مكدوداً، هذا ما يريدونهُ بالضبطِ.
إذاً فاصمد لكلامِ هؤلاءِ ونقدهمْ وتشويهِهِمْ وتحقيرِهمْ « أثبتْ أُحُدٌ » وكنْ كالصخرةِ الصامتةِ المهيبةِ تتكسرُ عليها حبّاتُ البردِ لتثبت وجودها وقُدرتها على البقاءِ. إنك إنْ أصغيت لكلامِ هؤلاءِ وتفاعلت به حققت أمنيتهُم الغالية في تعكيرِ حياتِك وتكديرِ عمرك، ألا فاصفح الصَّفْح الجميل، ألا فأعرضْ عنهمْ ولا تكُ في ضيقٍ مما يمكرون. إن نقدهمُ السخيف ترجمةٌ محترمةٌ لك، وبقدرِ وزنِك يكُون النقدُ الآثمُ المفتعلُ.
إنك لنْ تستطيع أن تغلق أفواه هؤلاءِ، ولنْ تستطيع أن تعتقل ألسنتهم لكنك تستطيعُ أن تدفن نقدهُم وتجنّيهم بتجافيك لهم، وإهمالك لشأنهمْ، واطِّراحك لأقوالهِمِ. ( قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ ) بل تستطيعُ أنْ تصبَّ في أفواهِهِمُ الخرْدَلَ بزيادةِ فضائلك وتربيةِ محاسنِك وتقويم اعوجاجِك. إنْ كنت تُريد أن تكون مقبولاً عند الجميع، محبوباً لدى الكلِّ، سليماً من العيوبِ عند العالمِ، فقدْ طلبت مستحيلاً وأمَّلت أملاً بعيداً.
ورحم الله من قال:   يا ضيعة العمر إن نجا السامع وهلك المسموع، ويا خيبة المسعى إن وصل التابع وهلك المتبوع

من هم المجاهرون ؟!   عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ” كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً، ثم يصبح وقد ستره الله عليه، فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه “.

بقلم: محمود عبد السلام ياسين

abed

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة