تجربة…

تاريخ النشر: 11/05/12 | 6:18

حقا أنا أقف أمام مبنى المستشفى ألتأهيلي في رعنانا ..ترى ماذا ينتظرني بالداخل ؟

بدأنا جولتنا أنا وصديقاتي كأننا في رحلة وبدأنا نلتقط لبعضنا الصور التذكارية والابتسامة تنير وجوهنا جميعا وحين نظرنا للأعلى ووجدنا عمال النظافة معلقون بالحبال وينظفون النوافذ شعرنا وكأنهم مستمتعين وتمنينا لو أننا نشاركهم متعتهم تلك ,أكملنا طريقنا واقتربنا أكثر وحين دخلنا المستشفى سمعت بعض الأصوات تقول : ما أحلى رائحة …المستشفى كم أتمنى أن أتي إلى هنا دائما .” توجهنا لقاعة المحاضرات وجلسنا بالأماكن المخصصة كنا ما يقارب ال 120 طالب من طبقة الثواني عشر .وبدأت سجود قعدان بمحاضرتها بأسلوب مشجع وأول ما قالته لنا:”نحن هنا سنجري نقاش وليس محاضرة هذا بالإضافة للفعاليات ..كانت المفاجئة الكبرى حين سألت عن عدد الطلاب الذين لا يتعلمون السواقة إنها وجدت طالبة واحدة فقط من أصل 120 وحين سألت عن عدد الطلاب الذين يقودون السيارة بدون رخص أو مرافق وجدت 60 طالب وقالت “مخيف” وبعد دقائق معدودة اطفئت الأضواء وبدأ عرض الفيلم الوثائقي …صور وأصوات لهذه اللحظة لا يزال يقع لها الصدى في ذاكرتي لست أعلم إن كانت الكلمات هذه على قدر كافي من المسؤولية لتصل لكم المعنى المنشود وتعكس لكم الصور والمشاهد التي رأتها عيني .لم أشاهد الفلم فحسب بل شاهدت جمهور الحاضرين أيضا والصمت الذي كان يسود المكان والعيون الشاخصة حقا مؤثر ..كيف لا والفلم كان عبارة عن توثيق لمعاناة أشخاص أصيبوا بحوادث الطرق ومن الشخصيات التي أثرت بقلبي الأم التي تسرد قصة موت ابنتها التي لا تبلغ من العمر سوى 18 عاما فقط هي فتاة رياضية تحب التحدي وبالنسبة لها كل ممنوع مرغوب وفي يوم من الأيام ودعت أهلها كأنها على يقين أن هذه المرة الأخيرة التي تراهم فيها وقالت لهم إنها ذاهبة لتقود دراجتها بالشارع المعد لجميع المركبات ,الجميع قال:”لا” لكنها قالت”أنا استطيع أن أتدبر أموري وأحافظ على حياتي لا تقلقوا وداعا”..وتقول أمها ما هي إلا لحظات حتى انقلبت دراجتها ووقعت الفتاة تحت عجلات الشاحنة وفارقت الحياة”..ويظهر الفلم أن أمها خلدت عجلات الدراجة التي ماتت عليها ووضعت النصب التذكاري هذا أمام بيتها .

هذا بالإضافة إلى أنه جاء شاب بكل شجاعة وثقة بالنفس وتطوع ليشاركنا قصته بهدف زيادة التوعية وكما قال المثل “البرهان خير دليل”. بدأ الشاب يحدثنا ويقول أنا عمري ألان 29 سنة قبل 10 سنوات كنت بسهرة مع صحابي كان يوم جمعة ,اتصلت في أمي وقالت لي :”يلا ارجع البيت لأنك تأخرت يكفيك سهر”, واستجبت لطلبها ,قائلا:”حالا بكون عندك” وفعلا ما هي إلا دقائق معدودة كانت الساعة 11:30 بالليل إلا هي صاحبتي بالشارع ,أسرعت بسرعة 160 كيلومتر بالساعة وبطريق بلدية ومن وقتها ما بتذكر أي شي لما استيقظت حدثوني الناس أني ضربت بعمود كهرباء وقلبت لاسفل السيارة وكنت قريب من البيت مسافة 100 متر يعني أمك سمعت “الخبطة” واستيقظت ورجعت نامت لأنها مثلك ما كانت تتوقع أن يحدث هذا الشيء لابنها الوحيد ,برجع الشاب يحكي لما ذهبوا لعند أمي على البيت لم يخبروها إن ابنها الوحيد أصيب بحادث وحالته خطيرة ,بل أخبروها سقط على الأرض ويده كسرت لأنه لو أخبروها بالحقيقة يغمى عليها وحينها لن يجدوا أحدا يفتح الباب ويخرجها.وفعلا اتصلت بخالتي وجاءت لزيارتي ,استيقظت بعد غيبوبة 7 أشهر ووجدت صاحبتي من الجهة اليسرى وأمي من الجهة اليمنى نظرت إليهم ولكني لم أراهم لأني فاقد البصر ..كانت الإصابات بأنحاء جسدي كله والضربة الكبرى من الجهة اليسرى حيث أثرت بصورة أكبر على الجهة اليمنى وأصبت بشلل نصفي وبعد سنتين من العلاج الوظيفي عدت للمشي مرة أخرى وللنظر ولكن بعين واحدة ولكن أنا ألان حتى بعد مرور 10 سنوات عاجز عن فعل ما كنت أفعله سابقا من لعب كرة القدم ….قيادة دراجة ..من الناحية الجنسية عاجز فأنا لا أستطيع الجماع(الإنجاب)لهذا لا استطيع الزواج أبدا ..من الناحية الاجتماعية بدأت أفقد أصحابي بصورة تدريجية واليوم لا يوجد لدي أي صاحب من تلك الفترة ..ومع ذالك عدت لأكمل دراستي ولكن ليس من حيث بدأت لأنني درست المحاماة بدل الهندسة المعمارية ,وألان لا يسعني إلا أن أقول لكم سوى إنني لو استطعت أن ارجع الزمن لما قدت بهذه السرعة وخاصة وان أمي ذاقت الألم ذاته 3 مرات هي لم تعرف أبوها لأنه توفي وأمها حامل بها بالشهر الرابع وكذالك أبي توفي بحادث وعمري 3 سنوات وهي وحيدة ابويها أي لا تملك إخوة أي إنني الشاب الوحيد الموجود بحياتها ..كنت ارفع يدي عليها وأضربها قبل الحادثة أما ألان لا لأنني شعرت بقيمتها أكثر وبقولكم كلمة أخيرة قبل ما تعملوا أي شي فكروا بالناس الذين يحبونكم خاصة عائلتكم والحمد لله على كل حال هذا نصيبي.

قصة أخرى تقصها علينا ياسمينة أم ل4 أطفال وطفلة في يوم من الأيام اشترينا سيارة 95 ألف شيقل وقررنا أن نصطحب الصغيرة بمشوار وما هي إلا دقائق حتى انفجرت إحدى عجلات السيارة فقدت الذاكرة ولكن حين استيقظت اخبروني باني نقلت للمستشفى بحالة خطيرة وطفلتي لم تصب بأي أذى وزوجي كذالك إلا إصابات طفيفة ..فقدت الذاكرة سنتين حين استيقظت طلبت رؤية ابنتي لكنها لم تألفني وانفجرت لدي الأوعية الدموية بالدماغ ومن شدة الضغط تسرب الدم ليخرج من انفي وفمي وانفجرت طبلة أذني اليمين وخرج الدم منها وماء المخ كذالك والعامود الفقري لدي أصيب ولهذا وضعوا لي الأطباء بلاتين وكذالك برأسيي وبسائر أنحاء جسدي أنا اليوم إنسانة عاجزة ازور أبنائي مرة بالأسبوع بالبيت ولكني لا استطيع تحمل أي ضجة وأبنائي جميعهم يعلم ذالك وهم متفهمون كما إنني لا استطيع القيام بأي واجب من واجباتي الزوجية آو المنزلية ..حتى حياتي المهنية انتهت ومنعت من السياقة مدى الحياة لان حياتي قائمة على الأدوية والأجهزة الطبية المتطورة طبعا انأ كل فترة”بصفن وبسرح”ليس بخاطري أو بقصدي أمور تحدث وهي خارجة عن إرادتي ابني الاكبر (صف 11)يعتني بي ولن اسمح له أن يسوق أو يتعلم السياقة بالنسبة لي يوخذ عيوني الزرق وأصبح عاجزة تماما بمقابل فقط أن لا يسوق سيارة كل حياته.

بقلم:حنين عايد يعقوب “زهرة الوادي”

‫2 تعليقات

  1. حنين انت الان نقشت قضية مهمة في مجتمعنا اتمنى لو ان الجميع يقدر مدى قيمة الحياه وسلامة الجسد

  2. أشكر لك مرورك العذب فوق كلماتي.عزيزتي دعاء كم سر قلبي حين علم بان هنالك من يقرأ وليس هذا فحسب بل ويثبت وجوده بتعليق جميل يدل على ذالك.مودتي لك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة