المَكيَدة

هادي زاهر

تاريخ النشر: 07/05/25 | 16:05

الواقع مُرَكَّب وَكُل يَتَحَدَّثُ مِنْ مَوْقِعِه، مِنْ مَوقع إدراكه، وطبعًا يختلف إدراك النّاس ويتفاوت.. فَهُناك مَنْ يَعتَقِدُ بِأنَّ إسرائيل سَتَحمي الدّروز لا سيما وأنّ الحكومة الإسرائيليّة أعلنت ذلك، ولكن الحقيقة هي

أنّ أيّ خطوة تَتْخذها إسرائيل هي لِخدمةِ لمصالحها ليس إلّا! وَيَقِفُ في طليعةِ هذهِ المَصالِح تَفكيك سوريا وَتَحويلها إلى دُوَيلات طائفيّة (وَهوَ هَدَف استعماريّ قديم) وذلك لعدّة أهداف منها: بأنّ وِحدة الشّعب العربيّ يُشَكّل قوى وَهِيَ تُريد أن يَكون جميع مَنْ حولها ضُعَفاء لِتَتَمَكَّن مِنْ فِعلِ كُلّ ما تُريده، كما أنّها تَعتقد بأنّ تَقسيم سوريا إلى دُويلات طائفيّة يمنحها الشّرعيّة كدولة يهوديّة، وَهِيَ تَعْتَقِد وَتُصَرّح أيضًا بِهَدَفِها في تَهجير عرب إسرائيل إلى الدّولِ العربيّة وكان الحديث حول ذلك في السّابق منها تصريح لعيزر فيتسمان حين قال: “علينا أن نُهجّر المسلمين إلى الأردن والمسيحيين إلى لبنان والدّروز إلى سوريا”

وكان أنّ قال دافيد بن غريون أوّل رئيس وزراء لدولة إسرائيل بأنّ: “أسهل شريحة للتّهجير هي الطّائفة الدّرزيّة لأنّها طائفة قليلة العدد”

الأمور تسير وفقًا لما خططت الحركة الصّهيونيّة وهي ” السّيطرة على الأرض الّتي يمتلكها عرب إسرائيل خلال 100 عام وهنا كما يقولون الآباء يموتون والأبناء ينسون”

يُخطئ مَنْ يَعتَقِد بأنّ الأهداف الصّهيونيّة لم تسر وفقًا لهدفها، وَ لَوْ نظرنا إلى القدسِ وَبيت لحم وبيت جالا نجد بأن فَرغت من الشّباب المسيحيين وَلَمْ يَبْقَ فيها سوى كبار السّنّ وَلَوْ نَظَرنا إلى الدّاخلِ أيضًا نَجِدُ أنّ الكثير مِن الشّباب المسيحيين غادروا البلاد، واليوم بعد سقوط نظام بشّار الأسد وَجَدَت إسرائيل فُرصتها في تَحقيقِ أهدافها بِسُرعَةٍ فالأمورِ تَسيرُ بأفضلِ مِمّا أرادَت، العالم العربيّ يَغطّ في سُباتٍ عَميق وَكُلّ ما يبتغيه الحُكّام هُوَ البقاء على كراسيهم، ولذلك يصمتون انصياعًا للإدارة الامريكيّة وَلَمْ يقفوا لِمواجهةِ عمليّات الإبادة الّتي يرتكبها الاحتلال ضدّ المسلمين في غزّة وغيرها.. وَلَوْ على الصّعيدِ الدّبلوماسيّ، ويا للعجب! وَهُنا وَجَدَتْ الحركة الصّهيونيّة فُرصتها لاحتلالِ مناطق أخرى في سوريا، حتّى ّأن المدعو أحمد الشّرع غير الشّرعيّ المعروف بماضيه الإرهابيّ والّتي كانت قَد خَصَّصَت الولايات المتّحدّة 10 مليون شاقل لِمَنْ يُساعدها في القبضِ عليه، ولكنّها الغت هذه الجائزة وَيبدو بأنّ ذلك مجرّد خديعة واليوم يخضع الشّرع للإرادة الامريكيّة الّتي تنقل الارهابيين من دول العالم إلى حيث تريد.. وَهُنا لَمْ نَسمع الشّرع يطالب بمغادرة الإرهابين القادمين من الشّيشان وأفغانستان وأماكن أخرى وهذا يُعَزِّزُ الشّكّ بأنّه ما زال ارهابيًّا وَلَنْ تستطِع أمريكا تبييض صفحته كما أنّه لَمْ يَشْكو إسرائيل إلى المنّظماتِ الدّوليّة المختلفة ويبدو بأنّه مُنسجمًا مع ما تبتغيه إسرائيل حيث لَمْ يَقم بواجبهِ كَرئيس دولة وغضّ الطّرف إلى حدِّ بَعيدٍ عمّا تَرتَكبه التّنظيمات التّكفيريّة ضدّ الدّروز، وهنا نقول للإرهابين إنه تنتهك حرمة المسجد الأقصى يوميا وكان أن أحرق في السابق فتعالوا لتدافع عنهُ أم ان فرفور ذنبهُ مغفور؟! تصدوا لعمليات إبادة المسلمين في غزة وفي فلسطين عامة ان كنتم رجالًا، إن من حق أهلنا في السويداء التمسك بالسلاح لا سيما ونحن نشاهد عبر وسائل الاعلام بأن هناك المهاويس يهددنهم بالإبادة بَعدَ أن فَبركوا فيديو يظهر وكأنّ شيخًا درزيُّا يَسِبّ على الرّسول صلّى الله عليه وسلّم. وشخصيًا لا استغرب إذا كانت إسرائيل هي الّتي شاركت في فبركة الفيديو المشار إليه، إسرائيل تواصل قتل الأبرياء وهي متعوّدة على ذلك لا سيما وأنّ الولايات المتّحدّة وحكّام الدّول العربيّة يساعدونها في قتل المسلمين في غزة وغيرها، وحتّى تواصل تنفيذ مخطّطاتها صعدت على موجةِ الاحداث المأساويّة وَزَعَمَتْ بأنّها سَتحمي الدَروز، عِلْمًا بِأنّ دروز سوريا لَمْ يطلبوا الحماية، وَمُنْذ مَتى عَمِلَت الحكومات الإسرائيليَة وكانت غيّورة على مصالحِ الدّروز، هل منحت قرانا مستحقاتها كَما يجب؟

هل استثنت في قوانينها العنصريّة الّتي شرعتها مؤخّرًا، الدروز كقانون القوميّة الّذي يهيّئ الأجواء لتهجير كلّ الاغيار مِن وَطَنِهم؟

هل تَعاملت مع شبابها الّذين يخدمونها بأخلاقيّة وسمحت لهم ببناء دورهم دون ملاحقات وغرامات؟

وقد قامت في السّابق بقصف المعقل الدّيني الأكبر للدّروز، “خلوات البيّاضة في لبنان” وَقتلت هناك أحد مشايخنا الاجلّاء وأصابت عدد من المشايخ وزعمت بأنّ الطّيّار قد أخطأ الهدف!

البسطاء منّا صدقوا مزاعمها والحقيقة هي أنّ دروز لبنان وقفوا إلى جانب الثّورة الفلسطينيّة وأرادت إسرائيل أن تعاقبهم وتدبّ الخلاف بين الدّروز هناك وشعبنا الفلسطينيّ، وكان قد حدّثني أحد ضبّاط أنطوان لحد ممّن هربوا واستأجر بيتًا بجوارِ بيتي قال: “كانت مهمّتي هي – قصف الدّروز ثمّ قصف الكتائب – حتّى تبقى الأجواء هناك مشتعلة، العديد من الجنود الدّروز تمرّدوا آنذاك بسبب ذلك لا سيما عندما شاهدوا بأمّ أعينهم هذه الاعمال الجهنّميّة.. فلماذا بعضنا ينسى أو يتناسى ويصدّق إسرائيل الفاحشة الّتي ليس عندها لحى ممشّطة؟!

واليوم للأسف الشّديد عدد من شبابنا أخذتهم موجة التّحريض الصّهيونيّة وأخذوا يهدّدون ويتحدّثون بلغة من يقرّر! وهنا لا أستطيع إلا أن اضحك رغم عمق المأساة وهناك من يقول بأنّ الطّيارين الدّروز سيقصفون مَن يعتدي على الدّروز ظنًّا منهم بأنّ ذلك سيخيف المعتدين، غير مدركين بأنّ الجميع يدرك أنّ إسرائيل دولة عنصريّة ولا تثق بأحد، لذلك لا يوجد أي طيّار درزيّ في جيش الاحتلال، هذا الهبل لَمْ يقتصر على ممّن ظهر على -التيك توك – من دروز إسرائيل إذ رأينا أيضًا المدعو وئام وهّاب رئيس حزب التوحيد العربي يتحدّث بهذا الكلام العاري عن الصّحّة!

المهمّ هي أنّ أهلنا في سوريا يدركون بأنّ إسرائيل تصطاد في المياه العكرة لذلك لن تنطلي عليهم الاعيبها، هم أمناء لتاريخهم النّاصع، أمناء لمواقفهم القوميّ البطوليّ الّذي حرّر سوريا من نير الاستعمار العثماني ومن الاستعمار الفرنسيّ ثمّ من الطّاغية أديب الششكلي الّذي لحق به المناضل نوّاف غزاليّ إلى البرازيل وقتله هناك، ولا نريد أن نعود لنستعرض الّتاريخ، أنّ إسرائيل ساعدت التّنظيمات الإرهابيّة قبل فترة قصيرة في الهجوم على قرية حذر الدّرزيّة، زوّدتهم بالمعدّات وفتحت لهم المستشفيات الميدانيّة فكيف ستتخلّى عن أهدافها الخبيثة وعن طبيعتها؟!.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة