غزّة أرضيّة 3

علي هيبي

تاريخ النشر: 22/12/23 | 10:05

نظريّةُ الشّعرِ الجديدة

أنا لا أكتبُ شعرًا
بلْ أكتبُ شعورًا
أكتبُ وطنًا إلى وطنْ
ولا أكتبُ فنًّا إلى فنْ
لا تهمُّني يا حبيبتي الإعارة
ولا مَنْ أعطى ومَنْ أخذَ في الاستعارة
ولا المجازُ ولا التّشبيهُ
ولا جماليّةٌ في الصّورةِ
ولا فنّيّةٌ في رقّةِ العبارة
ولا حدودُ الفصلِ ولا نقاطُ الوصلِ
ولا يهمّني جرْسُ الشّعرِ
ولا الغلافُ والألوانْ
ولوحةُ الدّيوانْ
ولا البديعُ والمعاني
ولا بيانُ الإشارة
ما يهمُّني يا حبيبتي
ما يقولُهُ الميدانْ
وما يكتبُ الإنسانْ
منْ سطورٍ في دفترِ الحضارة

غزّةُ والعالَم

غزّةُ والعالَمُ اثنانْ
غزّةُ في الكفّةِ الأولى
وذاكَ في ثانيةِ الميزانْ
بلا غزّة العالَمُ هذا
قدْ فقدَ الميزانْ
وبعدَ الحسرةِ والفقدانْ
ظلَّ الغابُ بلا إنسانْ
في ملعبِ مَنْ تجري الطّابة
والعالمُ بلا غزّة الآنْ
مجرّدُ غابة
يحكمُها جيوشْ
وتجّارُ سلاحٍ
وأربابٌ للمالِ
وذيولٌ وأذنابُ وحوشْ
معْ ذلكَ لا تسوى الغابة
لا تسوى جناحَ ذبابة
بلا غزّة
العالَمُ لا يسوى عفطةَ عنزة
ولا قشرةَ موزة

محمّد

أيّامَ محمّدْ
في مكّةَ
في زمنِ العزّة
سقطَ برذالتِهِ المجتمعُ القبَلي
ما زالَتْ حاضرةً تجري
أيّامُ محمّدْ
في غزّةَ
فسقطَ بضآلتِهِ المجتمعُ الدّوليّ

هدنةُ حبّ

تعالَيْ يا حبيبتي
نأخذْ هدنةً منْ آلامِ الحربْ
منْ وجعِ القلبْ
هدنةً نقضّي لحظاتِ عنفوانِها
في قواطعِ ميدانِ الحبْ
هدنةً قابلةً للتّمديدْ
منْ أسارى جنودِ أرواحِنا
نتبادلُ فيها العديدْ
ونضمّدُ جرحَ شوقِنا المديدْ

ارحلي

أيُّها السّلطةُ المشلولةُ
القاصرة
قصمْتِ ظهرَنا
وطعنْتِ الخاصرة
فاتركي المشهدَ
وغادري حيّزَ سلطةِ المكانْ
واخرجي منْ زمامِ الزّمانْ
ومنَ صورةِ اللّحظةِ الحاضرة
نسّقْتِ معْ برامجِ العدوِّ
كتبْتِ بحبرِ العدوِّ
فاهربي منْ عيونِ الذّاكرة

الطّهر

ماتَ مغمورًا بدمِهِ
مرتاحًا بينَ راحاتِ يديَّا
لنْ أغسلَ زكيَّ دمائِهْ
ستبقى دّماءُ طفولتِهِ طُهرًا
يفيضُ حليبًا
ويخضّبُ بالحنّا كفّيّا

أركانُ الإيمان

يا غزّةُ يا كلَّ بلادي
غزّةُ أنتِ يا بهيّة
بالبيارقِ والكوفيّة
يا ولّادة
منَ الولادةِ
للشّهادة
تعالَيْ نعلّمْهم
كيفَ تكونُ أركانُ الإسلامِ
وكيفَ تكونُ العبادة
لنْ نصلّيَ دهرًا
ولنْ نصومَ شهرًا
ولنْ نزكّيَ منْ أموالِنا
سنزكي دماءَنا بالفداءْ
سنطهّرُ أرواحَنا بالدّماءْ
لنْ نحجَّ إلى أطهرِ أرضٍ
وأدنسِ حكمٍ
يشركُ باللهِ
ويكفرُ في صميمِ الشّهادة
ويصلّي للطّاغوتِ
وينكرُ سيّدَ الكونيْنِ
والثّقليْنِ
والفريقيْنِ
تعالَيْ أيّتُها الجماهيرُ
يا صاحبةَ الجلالةِ
يا منْ تملكينَ السيّادة
نعلّمْهُم
كيفَ تكونُ العبادة
بحرمةِ الوطنِ تكونُ
أمامَ العدوِّ بمنعِ الإبادة
نملكُ زمامَ الأمورِ
وعزمَ الإرادة
إلى أنْ نبيدَ الإبادة

الشّاعر

رحمةً لروحِ الشّاعرِ
رفعتِ العرعيرْ*
إلى جنّةِ الخلدِ ونعمَ المصيرْ
أيُّها المعلّمُ الكبيرْ
هلْ كانَ عليْكَ أنْ تموتْ
يا رافضَ النّزوحْ
يا قاهرَ اللّجوءْ
كادَ قلبي ينوحْ
كادَ قلبي ينوءْ
بأثقالِهِ
لكنْ قلْتَ “لا”
دعِ الجروحَ النّابضاتِ تَدْمَ
لتذوبَ عشقًا معْ نزفِ الجروحْ
وصرخْتَ في وجهِ إسمنتِ الجنودْ
وأمامَ بارودِ حرّاسِ الحدودْ
يا واثقَ الخطواتِ والصّمودْ
“نحنُ لسْنا أرقامًا”
ستصبحُ حكاية
مفعمةً بدماء القلمْ
مغمورةً بالألمْ
فليحملْ موتُكَ الأملَ
حتّى نهايةِ العدمْ
ستصبحُ حكاية
حكايةَ الحالمينَ
على طريقِ المخاضِ
ستصبحُ حكايةَ صدقِ الرّواية
عندَما يتنفّسُ الصّبحُ
معلنًا بشارةَ البداية
“نحنُ لسْنا أرقامًا”
نحنُ أعلامٌ تخفقُ في الرّيحْ
تغدو وتروحْ
حتّى النّهاية
الكفاحَ الكفاحَ
أمِ الفرارَ والجنوحْ
يا رفعتَ العرعيرْ
السّلامُ بالسّلامِ
والأمانُ بالأمانِ
والنّعيمُ بالنّعيمِ
والنّارُ بالنّارِ
والحربُ بالحربِ
والسّعيرُ بالسّعيرْ

سيفُ بنُ ذي يزَن

جئْتُ منْ بطونِ المحنْ
اطمئنُ أمّتي
لا تخشي منْ عثراتِ اللّيالي
ولا منْ صروفِ الزّمنْ
طالما كانَتِ الأحباشُ
والبائسونَ
واليائسونَ
وكانَ السّلاحُ دائمًا
سيفًا بوجهِ أبرهةَ الأشرمِ
القديمَ والجديدَ
وخضراءِ الدّمنْ
وكانَ اليمنُ السّعيدْ
وابْنِ ذي يزَنْ
يا أمّتي لا تخشي المحنْ
ولا الصّروفَ ولا الظّروفْ
يا غزّتي
ولا الحروبَ والسّيوفْ
ولا عواديَ الزّمنْ

الموتى لا تجيبُ وإنْ سئلَتْ

يا أدعياءَ العروبةِ المرتدّة
إلى الفرارِ منَ السّلاحْ
ومسيْلماتِ الكذبِ وإسلامِ الرّدّة
المنحازةِ إلى النّباحِ
وراءَ ذيولِ سجاحْ
ماذا لو سُئِلْتُمْ
كالموؤدةِ لماذا قتلْتُمْ
لماذا قدّمْتُمْ كلَّ كرامتِكُمْ
ونورَ عروبتِكُمْ
وشممَ شهامتِكُمْ
وشموسَ حضارتِكُمْ
ورموزَ بطولاتِكُمْ
ولماذا قدّمْتُمْ بيضَ صنائعِكُمْ
وسودَ وقائعِكُمْ
وحُمرَ مواضيكُمْ
وخُضرَ مرابعَكُمْ
لماذا نمْتُمْ قاصرينَ في قصوركُمْ
وشعوبُكُمْ في مسغبةِ خواءِ الخيامْ
لماذا اثّاقلْتُمْ كلَّما دعَتِ النّخوةُ والحربْ
أمنْ حرِّ شرقِ المتوسطِ أنتمْ
أمْ منْ ثلجِ برودِ الغربْ
ونكصْتُمْ على الأعقابِ للوراءِ
كأنَّكُمْ لا شيءَ
كأنَّكُمْ خواءٌ
رمادٌ بلا نارٍ مهما نفخْنا
كنثرِ هباءْ
واستسلمْتُمْ
وسالمْتُمْ
وسلّمْتُمْ
كلَّ ما يدعو
ومَنْ يدعو إلى الأمامْ
وكلَّ ما ضاءَ في وجدانِنا
منْ سناءِ الفجرِ والأحلامْ
وكلَّ ما اشرأبَّ منَ الرّقابِ
إذا ما اشرأبَّتْ
كما قسمَ اللهُ لها والحسامْ
وأتاحَ لها عشقُ الحياةِ
أنْ تعيشَ حرّةً كريمةً
يا عبيدُ
يا أوغادُ
يا لئامْ
لماذا قدّمْتُمْ رقابَ حلمِنا
وعنفوانِ حبِّنا
لمحاكمِ التّفتيشِ والإجرامْ
ومقاصلِ الأعداءِ والإعدامْ

هلْ يفيدُ الكلام

لوْ كتبْتُ عنْ كلِّ ذرّةٍ واحدةٍ
منْ ترابِ غزّةَ
ألفَ قصيدةٍ
وشعرًا طويلا
سأظلُّ مهما كتبْتُ
إنْ لمْ أقدّمْ منْ فؤادي عَبرةً
ولمْ أقدّمْ منْ دمائي قطرةً
سأظلُّ بشعري الطّويلِ
مهما ماجَتْ وهاجَتْ بحوري
مهما كتبْتُ
أظلَّ بخيلا

النّحوُ الواضح

كيفَ ستنحو
قالَ علي للدّؤلي
قالَ سأنحو هذا النّحوَ
أضعُ النّقاطَ على الحروفْ
كما نصَّ عليْهِ الكتابْ
قال علي
اسمعْني هذهِ المرّة فقطْ
لا تعطِ النّقاطَ إلى الحروفْ
ادرسِ الأحوالَ وتغيّرَ الظّروفْ
وأعطِ الحروفَ إلى النّقطْ
لنعرفَ وفقَ ميزانٍ مبينْ
مِنَ المسلمينْ
مَنْ بلسانِهِ وقلبِهِ سما
ومَنْ بلسانِهِ وقلبِهِ سقطْ

الكذب

حقوقُ الإنسانِ شعارْ
مكتوبٌ بحبرٍ منْ عارْ
موضوعٌ على رفِّ غبارْ
بعدَ إبادةِ غزّةَ إنْ فعلوا
ولنْ يفعلوا لا بالحقدِ
ولا بقانونِ الغابِ ولا بالنّارْ
أفهمُ حقًّا للجدرانِ
ورفقًا بالحيوانِ
أمّا حقوقُ الإنسانِ
فوهمٌ وأكاذيبُ شعارْ
لا يؤمنُ فيها بعدَ الحربِ
على غزّةَ
إلّا فأرٌ
أو أرنبٌ
أو حمارْ

وقولوا قولًا سديدا

إذا ظلَّ القولُ
قولًا
في شرقِ المتوسّطِ التّعيسِ
فإنَّهُ جعجعة
وإنْ صارَ القولُ
فعلًا
في اليمنِ السّعيدِ
فإنّهُ يزعزعُ الكونيْنِ
شرقًا وغربًا
أيَّ زعزعة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة