متنفَّس عبرَ القضبان (87)

حسن عبادي/ حيفا

تاريخ النشر: 27/09/23 | 11:34

بدأت مشواري التواصليّ مع أسرى أحرار يكتبون رغم عتمة السجون في شهر حزيران 2019؛ (مبادرة شخصيّة تطوعيّة، دون تمويل قطريّ و/أو تركي و/أو دحلاني ولا حتى فلسطيني، بعيداً عن أيّ أنجزة و/أو مؤسسّة) تبيّن لي أنّ الكتابة خلف القضبان متنفّس للأسير، ودوّنت على صفحتي انطباعاتي الأوليّة بعد كلّ زيارة؛
عقّبت الصديقة الكاتبة نبيهة راشد جبارين: “زادها الله قوةً وثباتاً وأنعم عليها بالحرّية وجميع الأسرى. بارك الله فيكم أ. حسن عبّادي”.
وعقّب الصديق الكاتب المقدسيّ محمود شقير: “الحرية لإسراء جعابيص ولكل الأسيرات والأسرى، شكرًا لك ولجهودك العزيز حسن عبادي.”
وعقّبت الصديقة المقدسيّة، الأسيرة المحرّرة إيمان الأعور: “وكأني أراها وهي تقول هذه الكلمات المغموسة بالألم، فك الله بالعز قيدها وكل الأسيرات والأسرى. جزاك الله كل خير أستاذ”.
أما الصديقة زهرة محمد فعقّبت من الشتات: “ما أجمل الفرح، لحظة الانتصار على الألم والسجان! إسراء، حكاية المرأة الفولاذية، رغم الوجع، والعنقاء الشامخة من جديد. كل الحب والاحترام للأسيرة إسراء، وكل أسرانا البواسل… الحرية لهم جميعاً، يا رب… والشكر العميق لك أستاذ، وأنت تزرع النور والأمل في طريق فرساننا، بلا كلل أو ملل. دمت بخير، ونبل، وأخلاق. ونضال صادق… مع كل احترام وتقدير.”
وعقّبت الصديقة صفاء حجاوي من اللجوء: “يا الله الوجع صبية صغيرة. يعطيك ألف عافية صديقي. جهود رائعة وجبارة.”
“ما نمِت الليلة”

التقيت صباح الأحد 10 أيلول 2023 في سجن الدامون بأعالي الكرمل السليب بالأسيرة المقدسيّة إسراء رياض جعابيص، اللقاء الثامن لنا في السنتين الأخيرتين.

حين علمت بزيارتي لها لم تنم الليلة؛ كم كانت سعيدة حين رأت صورة غلاف “موجوعة”، وتظهيرها للكتاب، وحدّثتها بالتفصيل المملّ، حسب رغبتها وطلبها، بمحتوياته، لتشكر كلّ من ساهم في إخراجه للنور.

حدّثتها عن التحضيرات لاستقبال “موجوعة”؛ حلقة خاصة مع سامر تيّم و”عمالقة الصبر” ظهر السبت في مبنى التلفزيون برام الله بحضور العائلة وصديقاتها.

تناولنا تفاصيل حفل الاشهار، السبت المقبل في معرض الكتاب الدولي في رام الله، ويا لها من لحظة حين قرأت دعوة حفل الاشهار مثنى وثلاث ورباع

قرأت على مسامعها التقرير الذي أعدّه الكاتب فراس حج محمد حول إصدار الكتاب؛ لتتنهّد قائلة: “موجوعة هو أناي، هو شعور منغمس بالألم ومنغَّص بالأوجاع، شكراً فراس.”

لسان حالها يقول “كيف أكون من جديد؟”.

قالت لي حين افترقنا:

“ليه موجوعه

ليه تقول الأسيرة موجوعه

وا معتصماه!!

لأنّ الألم وصّلها للحيره

وصار الجسد يريد نجواه

والناس تسرح بالسيره

تشوف الشكل وتنسى فحواه

تعلم أنّ الوجع ببكّي عين قريره

حسّت إنّ الكلّ تاه

تقول موجوعه الجريحه الأسيره

موجوعه نفسها وامعتصماه!!

“طفيتْ”
مباشرة بعد لقائي بإسراء، التقيت بالأسيرة رغد نشأت صلاح الفني (مواليد 1998 ومعتقلة إدارياً منذ 28.10.2022، ومش فايد جوهري ولا غيره).

حدّثتني عن وضع الأسيرات في الدامون (35 أسيرة، ومنهن 4 معتقلات إداري)، وطقوس قهوة الصباح، فصارت مختصّة بغلي القهوة على الأصول.

خبّرتني عن مشاهدة جماعيّة لحلقة برنامج “أجنحة” حين استضافتني الإعلامية نجاح عوض الله، ونقلت لي رسالة الأسيرة عائشة الأفغاني: “سلاماتنا الحارة لك يا أستاذنا. شكراً على مجهودك وعملك مع جميع الأسرى. كثير بنكون فخورين فيك لمّا يتم إصدار كتاب لأسير. كل الاحترام والتقدير لك. وإمتى بدنا نروّح. عيوش”. شكراً لك من القلب عزيزتي عائشة على هذه اللفتة.

نقلت لي رسائل روان وتحرير بشأن الكتابة.

حدّثتني عن القراءة، وبدايات الكتابة، وخلط الأوراق من جديد والصحوة بعد الخبطة/ التمديد الأخير.

تناولنا ما تمرّ به الحركة الأسيرة، وصفقات الوهم ولسان حالها يقول “بالآخر بتصفّي شعارات”.

طلبت إيصال سلامات لكلّ من يسأل عنها… ولكل من نسيها وما عاد يتذكّرها!

الاعتقال الإداري جريمة، لا تدري ما يخبّئه القدر، فجأة تساءلت: “بعرفِش، بدّي أروّح!”.

لكنّ عزيزاتي إسراء ورغد أحلى التحيّات، الحريّة لكنّ ولجميع الأحرار.

​​​​​ حيفا/ أيلول 2023

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة