النرجسيون .. بيننا

يوسف جمّال – عرعرة

تاريخ النشر: 21/09/22 | 12:20

تتمَّة للمقال الذي نُشر بتاريخ : 17-9 و 19-9
والنرجسي قد يصل الى مناصب سياسية أو اجتماية أو اقتصادية .. ولكنه يصلها بطريقته الخاصة ..
العنف الكلامي وكم الأفواه ..هي طريقته في السيطرة العنيفة على الحديث , الذي يمارسه في كلِّ يوم وفي كلِّ ساعة دون كلل أو ملل , يحقِّر كلَّ الذين من الممكن أن يكونوا منافسين له, والذين يتبوءون هذه المناصب , التي يطمح في الوصول إليها ..
حتي يستطيع إقناع مجموعة من الأتباع من العائلة أو القريبين منه , أنه هو المسيح المنتظر, الذي يستطيع أن يبعد الشريرين والساقطين عن هذه المناصب , وأنه هو إن وصل ” سينظفها ” ويحوِّلها الى “خليّة ” من العمل ,تصنع من البلد أو الدائرة أو الحمولة الى واحة من جنّات النعيم !
فإذا وصل الى رئاسة مجلس البلد , فرض هنا نظاماً دكتاتورياً .
يهزأ من المعارضة والمعارضين , ويحتقرهم ويقلّل من قدراتهم, ويشيع عنهم الإشاعات المغرضة , أنهم في المعارضة لأنه يرفض أن يلبّي أطماعهم , أو أنه لا يريدهم في إئتلافه لأنهم لا يستحقون “عطفه ” وكرمه , لأنّ الله خلقهم فاشلون جبناء . لا يستحقون إلتفاتة منه .
أما الأعضاء في أئتلافه والموظفون في المجلس , فيحوِّلهم الى جوقة من الحامدين الشاكرين , تلهج ألسنتهم بحمده وشكره , ليس مطلوب منهم أي عمل سوى ذلك . وإذا حدث وخالف أحدهم هذه القواعد أبعده وحطّمه .
وإذا خسر منصبه في الرئاسة , فإن يقضي جلّ وقته في الإشادة والتعظيم لفترة رئاسته التي خسرها , بسبب جهل أهل البلد وخصوصاً الذين لم يصوِّتوا له . وأنهم خسروا رئيساَ ما كان ولن يكون مثله , وأنه سيعود لينظِّف البلد منهم , ويعيد لها عهد الإزدهار.
لأنه هو الوحيد القادر والمؤهل على فعل ذلك .
وهذه الممارسات تنطبق يطبِّقها حرفيّاً , أذا أصبح مديراّ لمدرسة .. فيقسّم المعلمين الى فئتين : المغضوب عليهم فيحرمهم من كلِّ ” النعم” , والمرضيُّ عنهم الذين يلهجون له بالمديح والتعظيم وطول البقاء , فيغدق عليهم من نعمه وممنّاته .
وهكذا يفعل النرجسيُّ في في كلّ الأماكن التي يتواجد فيها ..
والنرجسيُّ لا يشترك في الجمعيات والمنظمات والإتحادات والأحزاب وغيرها من الفعاليات السياسية والإجتماعية , إلا أذا ضمن له منصباَ ” رفيعاً ” , يستطيع منه السيطرة عليها , فإن لم يستطع , انسحب منها واصفاً أعضائها : بالجهلة والفاسدين واللصوص و” آكلي الأموال العامة ” .. فهو ينضم إليها كي تخدم نرجسيته وعبوديته لنفسه .
والآن سآخذكم الى غوغل , لنتعرَّف على أصل قصة النرجسيّة ..
نركسوس هو شخصية من الآله الإغريقية ( اليونانية) ,
تقول الأسطورة : أن (نركسوس ) كان صياداً اشتهر بجماله الأخاذ , فكان مغروراً بنفسه وجمال وجهه , أخذته أمه الى النهر كي يتعرّف على نفسه من خلال صورته , فلم يستطع مفارقة صورته التي افتتن بجمالها الذي ينعكس منها , وظلَّ منجذب إليها لا يفارقها حتى وقع في النهر , وغرق فيه ولقيَّ حتفه .
وشكراً لكم على تحمِّل نرجسيَّتي في هذا المقال ..فقد أتعبتكم في قراءته ..
ألا ترون إنه ما من أحد يخلو من النرجسية !؟
ولكنها على درجات ..
فليحارب ويكبح كلّ واحد النرجسية الكامنة والظاهرة فيه , ولذلك من أجل راحة نفسه وعائلته ومجتمعه ..
كان هذا مقصدي من وراء هذا المقال المتعب .
و والله من وراء القصد .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة