صور وذكريات عصر الكورونا والشَّاشات !

تاريخ النشر: 14/08/21 | 11:37

يوسف جمّال – عرعرة
أنا وجاري ” أبو عصام ” لنا في كلِّ اسبوع لقاء .. نلتقي فيه لنتشارك في هموم حياتنا , وحياة مجتمعنا وهموم شعبنا ..
انتظرت حضوره الى بيتنا , الذي هو المكان الدائم للقائنا في كلِّ خميس فلم يحضر.
فقلت في نفسي ربما أشغلته مشاغل الحياة , ولكني قررت الاتصال به زيادة في الاطمئنان ..
كانت زوجته على الطرف الثاني من الخط ..
انه مريض بالكورونا .. قالت بصوت يلفُّه القلق والخوف ..
منذ متى .!؟ سألت مقهوراً
منذ يومين .. أجابت باكية ..
فتذكَّرت أنه في لقائنا الأخير أخبرني , أنه يشعر بتعب وشيئ من الألم , وأن يفكِّر بالذهاب الى العيادة , لإجراء فحص كورونا .
“فقدتُ ” آخر صاحب لي .. يحدِّثني وأحدِّثه , أبثُّه آلامي وأستمع الى نصائحه , ونتبادل الآراء في هذه الدُّنيا وأحوالها, ويستمع الى شكوايّ واستمع شكواه .
من زمان فصلتنا الشاشات الخرساء عن جميع ما حولنا , وتحوَّلت العيون في زمامنا هذا الى ألسِنة , فقلّ استعمال الآذان والتصقت العيون بالشاشات .
وكان صديقي “أبي عصام” آخر الألسنة التي تنطق في هذا الزمن الملعون !
والآن فصلته الكورونا عنّي .. أبعدته عنّي وأبعدتني عنه ..
وأدخلتني خلف ستار من الصمت والوحدة .
دخلت الى اعتكاف الكورونا دون أن أصاب بها !
دخلت زوجتي عليَّ , ونشلتني من غرقي في بئر غرقي , وصاحت
بيَّ محذِّرة : “من هان ورايح , مفيش أبو هشام .. بدَّك إجِّبنا كورونا من عنده !؟”.
رمت بتحذيراتها في وجهي , وعادت بعينيها الى شاشتها الصغيرة ,ولم تمهلني ثوانٍ حتى أردَّ عليها .!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة