لماذا الجلدُ الذاتيُّ؟ بقلم د. محمود ابو فنه

تاريخ النشر: 09/07/21 | 9:30

الأخوة والأخوات الكرام المحبطون اليائسون الذين ينعَوْن أمّة العرب!
أختلف معكم في هذا التوجّه المحبط، مع إقراري بالوضع المتردّي وبتخلّفنا النسبيّ عن ركب الحضارة:
فأنا لا أزعمُ أنّنا خيرُ الأمم، ولا أفضلُ الشعوب!
ففينا القمح وفينا الزؤان!
وفينا العاقل المتّزن، وفينا الأهوج المتهوّر!
وفينا محبّو الخير والإيثار، وفينا محبّو الشرّ والأثرة!
ما يحدثُ في ربوعنا وأوطاننا لنا نصيبٌ فيه، وللآخرين نصيب!
ولنتذكّر: هناك الآخرون المتربّصون بنا، يريدوننا شيعًا وطوائف وعشائر.
يعملون في الخفاء وفي الجهر على تفريقنا وتمزيقنا وشرذمتنا!
يبثّون في نفوسنا روح الهزيمة والضعف والهوان،
يريدوننا مستهلكين لبضائعهم ومنتوجاتهم وأفكارهم وسياساتهم!
يقفون مع المستبدّ الظلاميّ، ويعادون المتنوّر الواعي.
آن الأوان لنؤمن بأنفسنا وبأجيالنا وبقيمنا الأصيلة!
آن الأوان لنعرف مسؤولياتنا وواجباتنا تجاه أنفسنا!
آن الأوان لنعرف الصديق من العدوّ!
آن الأوان لنتعاون ونتّحد ونتكاتف!
آن الأوان لنثور على ما يقيّد انطلاقتنا وحرّيتنا وعقولنا!
آن الأوان لنرفض هذا الجلد الذاتيّ ومشاعر الدونيّة:
فعندنا الكثير الكثير ممّا يمنحنا الإيمان بطاقاتنا وأجيالنا وتاريخنا ومواردنا:
– نمتلك عمقا حضاريّا وتراثا علميّا وأدبيّا قد لا يمتلكه الآخرون!
– نمتلك عقولا مفكّرة كالآخرين!
نمتلك أطفالًا رائعين واثقين واعدين وطموحين!

إذن، لماذا هذا الجلدُ الذاتيُّ؟
ما ينقصنا هو الثقة بأنفسنا وبقدراتنا ومواردنا وبقيمنا الإيجابيّة!

ليبدأ كلّ منا في دائرته القريبة، في بيته ومع أهله:
– لنزرع التفاؤل والأمل وروح العمل المخلص!
لنعمل على غرس المحبّة والإيثار في النفوس!
ولنزوّد أبناءنا بروح الإبداع والابتكار والتفكير المستقلّ!
لنفتح عقولنا على كلّ جديد، ولا ضير أن نتعلّم من الآخرين حتّى نلحق بالركب!
ليس العلمُ، وليس التقدّم حكرًا على شعب أو أمّة دون الآخرين!
نحتاج إلى “ثورة” في أساليب التربية والتعليم!
لنتحرّر من عادات بالية، وانتماءات ضيّقة، وتطلّعات محدودة!

قد يكون بيننا متخاذلون حاقدون!
ولكن لا زال بيننا من يأبى الضيم، ومن يتمسّك بالقيم والمثل النيّرة الخالدة، ومن يسعى للإصلاح والتغيير، ومن يؤمن بإمكانيّة تحقيق التقدّم والارتقاء!
نحتاج للنقد البنّاء، لنكافئ كلّ مجتهدٍ مخلص يقوم بإتقان عمله،
ولنحاسب كلّ متقاعس في أداء عمله أو وظيفته أو رسالته!
وإن شاء اللهُ سيكون غدُنا مشرقًا ناصعًا بالعدل والحرية والمساواة والعلم والإيمان والعزّة والرفاهية!
لا شيء مستحيل إذا كانت النفوسُ كبارا، والعزائمُ عظيمة!

د. محمود ابو فنه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة