قراءة ورؤية تحليلية في تجربة الشاعر سلمان فراج ..

تاريخ النشر: 02/06/21 | 18:37

من البلاغية الى الرمزية..والدلالات التعبيرية فيوض شعرية..
في البدء يحضرني قول للجاحظ (أن الشعر صياغة وضرب من النسخ وجنس من التصوير)
ويعتبر قدامة بن جعفر في كتابه فن الشعر (التزام الشعر بالصدق أو عدم التناقض قضية)،وهنا تكون الكلمات والالفاظ معرض كثوب حسناء تزداد حسنا في معرضها دون بعض وكم ،ونحن نتابع قراءة وتحليلا في رؤية لقصائد الشاعر وجدتني أمام عالم كبير واسع المناهل زاخر الينابيع من الخيال والمتخيل من الفيوض الشعرية ،من الكلاسيكي الى البلاغي الى الرمزي الايحائي المكثف في سيميائياته الدلالية ،وهو مايعكس عمق الرؤية الشعرية ومدى انصهار الذات الشاعرة في واقعها وأتون الصراع وسط زخم العالم،حيث يفرض الواقع وظلاله البعد السوسيولوجي الاجتماعي والسيكولوجي النفسي والعد العقلاني بظلاله،كون الشاعر يحاول طرح البنية العميقة للواقع في حلم وطموح وجمال واعتزاز بلغته ووطنه ،من خلال استخدامه الواعي لبنيات نصية حداثية بلغة بلاغية واسلوبية وكيفية سياقية من غير تمرد او تكسير للقواعد واليات البناء الشعري سواء المقفى او المنثور ،من خلال فضاءات مكثفة وصور ايحائية ومضمرة بكثافة الحس المعرفي والثقافي مشحونا بدف من العوامل النفسية في مقاربات محسوسة ولامحسوسة وفق الوعي الممكن واللاممكن من تسخير الافعال والضمائر والجمل،في تجربة ابداعية خلاقة ظلت حبيسة تعتيم اعلامي ،

اصل الكلام
افض جواريري وانفض مغزلي
على شجن من موسم الشوق مثقل
أنفض عن عشقي خطاياي كلها
وأمسح عن عيني ظل التراحل
لعل خطاباتي تشف حروفها
وعلي.. وعلي يسعف الهم معولي
ويقعي الزمان الهش يسفر وجهه
وتفصح اسفاري ورجع قوافلي

أن كل قصيدة لها شحنة معرفية خاصة،من خلال أنسيابية تامة وتعبيرات مسترسلة تضفي بعدا جماليا من خلال بنيتها الاسلوبية والايقاعية الدالة على رؤية الشاعر الحالمة ذات الابعاد الكونية لتوسيع طاقة التفاعل بين النصوص والمتلقي،فهناك قصائد دلالية حيث يتجاوز الشاعر القصيدة الكلاسيكية على مستوياتها البنائية بين الاسلوبية والايقاعية والتركيبية بنوع من الوعي الادراكي وفق مدركات ومحسوسات باطنة،

ثرثرة في زمان أخر
أكسر مرأتي
لاضير فكل لفافات اللغو صديد
لانفع في بسط تقعرها
لا شئ جديد تحت الشمس

اغنية الريح
كم طاف كالريح في الازمنه
وانسل خلف انحباس الضباب
وكم رعا موجه هادرا
يوقف الأعين الامنة
ثم ارتمي كارتعاش السراب

حيث كل لفظ في القصيد يفتح أفاقا واسعة في خيال عل عالم الرمز متجاوز الاسلوبية البلاغية من استعارة وتشبيه وكناية ومجاز مرسل ،لأيجاد قوة تعبيرية تعمل على نقل الابعاد الفكرية والنفسية للذات الشاعرة وصراعاتها الامتدادية بين الرفض والنفي والقبول،

عباءة الشعر

من شوقه يتململ المغرب
في فمي .. برما
فألهته ملاءة
ترمي على نوئي بكارتها
لتحضنه
لرعونة الاشياء
اذ ترتاع بي

طقوس الموت

من أي مكان يأتي الموت
من أي مكان يتعالى الصوت
يتلاشى الصوت
من أي مكان
من أي مكان
كان البدء كلام مازال البدء بالكلام
ونقول كلام يتحدى قاموس الموت
ماعرف الصمت شعائره
مارفع الصمت وسام

أن الاهتمام بالبعد البنائي كتجربة ذاتية تصاعدية جدلية ترتقي بمضامين القصائد الى مستويات الذوات العليا وتحكمها بالوجود والنفي،بأعتماد السوسيو ثقافي،كما تطالعنا قصائد من البوح الحالم والمتوهج عبر عوالم من محطات العاطفة والمشاعر ،أن غلبة المحسنات اللفظية من الاسس التي اعتمدها الشاعر في قصائده كذلك النضج التعبيري السليم في عمق فكرة الموضوعات،

نصل وطيب

أحب أن يكون لي سيف
لأحمله وألهب حده وأهزه
كم حلمت سيفي مشرع
مثل السيوف
ويقال من فمه ندينه
فضل زندي حمالته
وانا أحاور فضل قافيتي
لأغرزه
فيعي وقعه
وتريب مبخرتي شئونه

كم قام القول وحط القول
وظل القول
يقوم ويقعد
فوق الصوت وظل الموت

ان الخصوصية واضحة الملامح،فلا ينطلق البوح الامن ذاته وأحساسه لانها تمثل فكره واسلوبه المميز والاستغيب ملامحه في طيات وثنايا الاخرين (الاسلوب هو الانسان)الكونت لوكلير (وكما يقول هايدجر اللغة وعاء الذات)،لقد كانت موسيقاه الشعرية منساقة منسابة متصلة دون تقطيع في توناتها وانفاس المتلقي من خلال حسن البناء وتوالدات الحدث الشعري المتصاعدة بحرفية الدارس الممنهج،

نصلي كثيرا
فمن قال انا هجرنا الصلاة
ونحن نئن
ونلهث دوما للصلاة
ونخشع من هنا للبروق
ونألف الطقوس
ولما تذوب الثلوج
ونعرف سياقننا
ونعجز عن همنا
نقلب في جوفنا عن لفافة القول
فنستر عوراتنا بالصلاة

أيه كم طيب أنت
ايها الخالق فيما صنعت
عشقتك فيك
واني اراه بروحي
لقد شوهته السنون الطوال

ربما يستريح الشتاء هنا
ربما مفرط ربما عابر
ربما الصيف من مرفأ الغد أت لنا
ربما
لاتسل هل ندمت فما
في الظلال ذرى
ربما

ان الشاعر هو الذي يعرف ولايستطيع أن يفكر الابصمت الكتابة وسرها وهو الذي يعرف ويتحقق كل لحظة أنه حين يكتب فليس هو من فكر ولكن ذاته وماأوحى لها الباث فتعكسها الى لغته ،ولغته تفكر فيه داخله وخارجه في عين الرأئية في محاور ذاتية وماحولها،فالشاعر يتمثل العالم وضمير الانسانية ونبضها الحي.
(كل خطاب ادبي يشعر بطريقة حادة بمستمعيه ويعكس على نفسه ممكنة في حوار جدلي)باختين
نرجوا ان نكون قد احطنا بتجربة شعرية باذخة واسعة عاصرت مدارس كبيرة وخبيرة زاخرة بالعطاءات ،وكان من الله العون والتبصير الذي الهمنا حسن التدبير والتحليل والتقرير.

الاديب حيدر الشماع العراق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة