في رثاء طيب الذكر المربي المرحوم عبد الغني صادق جبارة

تاريخ النشر: 27/09/17 | 13:14

في رثاء طيب الذكر المربي المرحوم عبد الغني صادق جبارة (أبو الصادق))

لَمَوْتٌ أرادَ اللهُ كُبرى الحقائقِ ** طواكَ ولمْ يُمْهِلْكَ بعضَ الدَّقائقِ
أبا صادقٍ صَدّقتَ وعدَكَ فانطوتْ ** صَحائِفُ مِن وُدٍّ وحِلْمٍ صادِقِ
وخَطْبٌ أصابَ الأوفياءَ بطيبةٍ ** بكتكَ بصمتٍ بالدُّموعِ الدَّوافِقِ
فأحدثتَ في كلِّ القضايا مواقِفاً ** وأبليتَ في ما صابَها من مَآزِقِ
على حين كنا جالسينَ وصحبَنا ** أبو صادقٍ صدرُ المجالسِ والتّقي
***
بمَقهاكَ حَطّتْ وحشةٌ وكآبةٌ ** ومَجلِسِكَ المعهودِ حُلوِ البَوارِقِ
ومسجدكَ المكلومُ حزناً لفقدكم ** تلفّتَ ما بينَ المصلي ومُطرِقِ
وليستْ رجوعاً أمسياتٌ جمعنَكمْ ** أحاديثُ من عذبِ البشاشةِ ترتقي
يقولونَ راحتْ بَعدَكمْ كلُّ سهرةٍ ** بأرواحنا تبقى كذوقِ الرَّقائقِ
وأنتَ الذي من بينِ أبناءِ جيلنا ** صَحِبتَ كِبارَ القومِ خيرَ مُرافقِ
فسِرتَ على منهاجهم واقتفيْتَهمْ ** إلى طيبةٍ تعلو لمجدِكَ سامِقِ
وأنت الذي بيّنتَ زيفَ مخادِعٍ ** وحاربتَ حربَّ الحُرِّ كلَّ منافق
فمن قائلٍ قد كنتَ في العُسرِ جانبي ** يداً في مُلِماتي وعندَ مضايقي
ومن قائلٍ قد كنتَ واسط عقدهم ** لأخوتكَ الغُرِّ الكرامِ الغرانِقِ
***
وسرْنا وراءَ الرّكبِ صَمْتٌ يلُفُّنا ** إلى رحمةِ الرحمنِ يا خيرَ سابقِ
أأرثيكَ واللهِ الذي كتبَ الفنا ** فما زلتَ في عيني وفي لُبِّ ناطقي
تفوقتَ في فنِّ الحديثِ تفوقاً ** أصبتَ بهِ في كلِّ فنٍ محاذقِ
تُجادِلُ في كلِّ الفنونِ لطيبةٍ ** حَبتْكَ بحُبٍّ عبقريٍّ وواثِقِ
كريمُ السَّجايا بالمعارفِ عالمٌ ** وذو فطنةٍ في كلِّ فنٍّ وطارقِ
يحاورُكَ البحرُ الَّذي يَهَبُ العُلى ** لمَنْطِقِهِ يهوي أخو كلِّ ناطِقِ
***
إذا متُّ هذا اليومَ بعدكَ لم أجِدْ ** سوى بيتِ شعر عبقريٍّ وشائقِ
وإني أرى دمعاً يكادُ تَفجُّرَاً ** من العينِ من دمعٍ عليكَ بِحارقِ
ويسكنني موتٌ تبختَرَ قادماً ** ويدهشني عندَ اصطفاءِ البوارِقِ
أتتنا سماءُ الرَّبِّ بالنَّبأ الذي ** تساقطَ هولاً من غيومٍ طوارِقِ
***
رحلْتَ عن الدنيا وذكرُكَ مشعَلٌ ** كساريةٍ قد لوّحتْ لزَوارِقي
حَجَجْتَ وصلّيتَ الصَّلاة لوقتها ** وربَّيتَ أجيالاً بها العلمُ يرتقي
بَنوكَ لهم في العلمِ صولةَ عالمٍ ** يعيشونَ مرفوعي الرُّؤوسِ الشَّواهِقِ
سيكتُبكَ الأحباب أطيبَ طيبةٍ ** دُفنتَ بأعلاها كأرفعِ باشقِ
تُحيطُ بكَ الأعوانُ في كلِّ مجلسٍ ** كأني أراكَ اليومَ لا لم تُفارِقِ
سلامٌ على روح ترفرفُ فوقنا ** سقتها سماءُ اللهِ من بحرِ خالقِ
أتتكَ بهذا الثوبِ ثوبِ زعامةٍ ** فجرّدْتَهُ لكنّ بهِ خيرُ لائقِ
***
كتبنا كثيراً في فنونٍ عديدَةٍ ** وأوّلُ مرثاةٍ لأصدَقِ صادقِ
وليسَ الذي ولّى من الدَّهر راجعاً ** وما غابَ عن عينٍ لنا بمفارقِ
غداً يورقُ الصفصافُ في قلبِ حيّنا ** ونرحلُ عن أرضِ الجدودِ ونلتقي
وإنّكَ من قومٍ أنوفٍ وطيبةٍ ** على جبلٍ من راسخٍ القول سامقِ
أأرثيكَ واللهِ الذي كتبَ الفنا ** فما زلتَ في عيني وفي لُبِّ ناطقي
وقد يعجزُ الإنسانُ حتى عن البُكا ** ويبكي وحيداً عند فقد البواشقِ
على أنّهُ الموتُ الذي ليسَ غيرُهُ ** دعاكَ الى خيرٍ رفيقٍ مُرافقِ

د. سامي ادريس

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة