حينما واستني بحوارها تحت الثلج

تاريخ النشر: 23/09/17 | 15:54

أذكرُ ذات مساءٍ، حينما كنت أسيرُ في جوٍّ عاصفٍ وباردٍ على رصيفِ شارعٍ مُشجّرٍ بأشجارِ التنوب، في بلدٍ أحببتها منْ أولِ يومِ خطوت فيها، فأنا في ذاك الوقت أتيتُ إليها ذات زمن ولّى بهدفِ الدراسة، وخرجتُ في ذاك المساء بثيابٍ خفيفة كعادتي، وبدأتُ أرتجفُ من شدّةِ البرْدِ، فأسرعتُ بخطواتي علّني أتدفّئ من سيْري، فرأتني امرأة كانتْ تسيرُ خلفي، وسبقتْني بخطواتِها السّريعة، ونظرتْ صوبي وقالتْ لي: يبدو بأنّكَ تشعرُ ببرْدٍ، فقلتُ لها، بلى، لمْ أدر بأنّ الجوَّ هنا متقلّب، كما أنني لا أُحِبّ ارتداءَ الملابس الثقيلة، فسألتني عن حالي ودارَ بيننا حوارٌ، وشعرت بأن نسيت البرد من حوار معها، ولم أعد أرتجف من روعة الحوارِ، الذي كان هادئا من كلماتها الرائعة عن عذابات الناس، رغم أن الثلج حينها كان يهطل علينا بغزارة، وشعرتُ بدفءٍ من حوارٍ هادئ، وحينما وصلتُ إلى مدخل الدّكّان، وقفت وشكرتُها على تكلمها معي في أمور عدة، فابتسمتْ تلك المرأة، وذهبتْ في طريقها، أما أنا فدخلتُ إلى الدّكّان لشراء ما أحتاجه من طعامٍ، وبعدما اشتريتُ حاجياتي عدتُ أسيرُ وحيدا تحت الثلجِ بخطواتي السّريعة، وقلتُ في ذاتي: ما أروع ذاك الحوار، الذي دار بيني وبين تلك المرأة، التي علمتْ بأنّ الوحدةَ قاتلة، فواستني بحوارها علّني أقتل وحدتي ولو لحين ..

عطا الله شاهين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة