ليلة شتائية بامتياز
تاريخ النشر: 22/12/19 | 9:20لم يذكر أنه مكثَ ذاك الرجل مسرورا في بيته ذات زمنٍ، كتلك الليلة، التي قضاها بجانب مدفأة حطبٍ، مع صديقته المرأة، التي عرضتْ عليه مساعدته في كتابة بحث استصعب عليه، ووجدته متنكدا منه، فقالت له الليلة سأتي بمراجع وكتبٍ لأساعدكَ في كتابته إذا لم يكن لديك أيّ مانعٍ، فردّ عليها حسنا، أنتظركِ.. كانتْ الرّياح في تلك الليلة عاصفة، وبدا الجوّ باردا، رغم ذوبان الثلوج قبل أيام مضت، لكنّ المطر في تلك الليلة هطلَ بجنون، رغم أن الرّجل استبعدَ مجيئها في هذا الجوّ البارد والماطر، وحين قرعتْ البابَ، هرع الرّجُل ليرى من الطّارق؟ دخلتْ الصديقة، وكانتْ مبللةً تماما، وفي يدها كيسٌ مليء بالمراجع، كانت ترتجف من ماء المطر، لكنها جلست قبالة المدفأة وتجفّفتْ بعد حينٍ، وقالت له: لا تزعجني، فتركتها وذهبَ ليرى ما يبثه التفاز من أخبار، لكنه ملل من مشاهدته للأخبار، وبالصدفة بينماكن يقلّب المحطات الفضائية عثرَ على فيلم عربي، وبدأ يشاهده باهتمامٍ، أما الصديقة، التي كانت منهمكة أمام المدفأة وجدها بدأت تتعب من الكتابة، فاقترح عليها أن تستريح على الأريكة، واحتسيا سوية قهوة، وعادت إلى عملها، أما هو فعاد لتكملة مشاهدته للفيلم، ولكنه ونعس ونام على الأريكة، بعد أن تركَ الصّديقة منهمكة في كتابة بحثٍ لأول مرة وجد صعوبة في كتابته، يذكر بأنه قال لها قبل أن ينعس: أنا متعبٌ، وأوّد الاستلقاء قليلا، لكنها لم تردّ عليه، فعلِمَ بأنها منشغلة في ترتييب أفكارها، ولم يرِد تشتيتها إياهاـ فتمدد على الأريكة، ونام حتى الصباح، ففنهض من نومه مسرورا على غير عادته وقال لربما النوم كان مريحا أمام المدفأة، التي وجدتها في الصباح منطفئة، وقال: أين الصّديقة؟ فبحث عنها، لكنه لم يجدها، فاتصل بها على الهاتف، فردّت عليه، ومن نبرة صوتها علِمَ بأنها سارت تحت المطرِ، فقال لها: لماذا لم ترْقُدِي بجانب المدفأة؟ فقالت: لقد صمّمت عندما أتيتُ إلى عندكَ أنْ أنهي عملي، وأعود إلى بيتي مهما كانت حالة الجوّ، فقال لها: ولماذا سمعتكِ تهمسين بهمساتٍ غريبة الليلة الماضية أم أنّ الرّياح كانت تهمس، فقالت: أنتَ يبدو بأنّك كنتَ تحلم يا صديقي، فأنا رحلتُ بعدما رأيتك نائما، فشكرها وأغلقَ الهاتف، وقال: معقول كنت أحلم، ربما، لكنني أذكر بأنها كانتْ ليلة شتائية بامتياز، وجوّ الغرفة كان دافئا على غير عادته، لربما كنتُ أحلم، مثلما تفوّهتْ به الصديقة للتّوّ، لكنني أشكّكُ في حديثها..
عطا الله شاهين