قراءة في قصة”في بلدنا انتخابات” للأديب سهيل كيوان
تاريخ النشر: 06/08/18 | 19:00فصه ” في بلدنا انتخابات ” قصة معدة للأطفال ، للكاتب المعروف سهيل كيوان ، رسومات ملونة للفنانة منار نعيرات ، اصدار مؤسسة الاسوار ، مركز ثقافة الطفل ، 2017 ، تقع القصة في 24 صفحة من الحجم المتوسط ، غلاف عادي .
تتناول القصة موضوع الانتخابات للسلطة المحلية في قرية عربية ، يصف كيف تعج القرية بالحركة في ظل انتخابات وشيكة الكل يدلو بدلوه، يحاور ويناقش ، ويحلل ، ويتوقع ، اللافتات عل قارعة الطريق ، وعلى سطوح المناول والشرفات ، مجاملات ، وزيارات ومهرجانات وحلقات بيتية .
في القرية المرشح الأول “أبو شاهر” شعاره ” أبو شاهر على مصلحة البلد ساهر ” رصيده تجربة كبيرة ومشاريع كثيرة ، ينوي إقامة مدرسة ونافورة وتمكين النساء ودعمهن ، وتوسيع مسطح القرية ، أما المرشح الثاني ” أبو نادر شعاره ” أبو نادر نحو التقدم سائر ” في نظره القرية بحاجة الى خبير مختص بالحسابات للتوفير ، واحترام الصغير والكبير ، وانصاف الفقراء أمام الأغنياء . وكلا المرشحان زار العائلة لعرض برنامجه الانتخابي وتم استقبلهما بحفاوة .
الام ترفض أن تفصح لابنها الصغير عن توجهها السياسي، موضحة ان الانتخابات سرية وديمقراطية ،و الحي ينقسم بين المرشحين .
أخيرا أقبل يوم الانتخابات ، يوم عطلة رسمية ، صناديق الاقتراع موجودة في المدارس والمؤسسات الحكومية ، السيارات تنقل الناخبين على عجل ، وبكثافة متزايدة ، وخاصة كبار السن منهم ، كان القرية تلبس ثوب العيد من شدة الفرحة ، المرشحون قلقون طبعا لكن مع تفاؤل ورغبة بالفوز .
ليلة فرز الأصوات يجمع الناشطون متابعون عبر الهواتف النقالة الذكية النتائج التي تصل تباعا ، بعد فرز 5 من لصناديق كانت النتيجة لصالح مرشح الرئاسة ” أبو شاهر ” هنا علت صيحات الفرح بين مؤيديه ، لكن بقي صندوق واحد ، هنا انقلبت النتيجة رأسا على عقب ، فقد اسفرت النتيجة النهائية عن فوز المرشح ” أبو نادر ” بالرئاسة بفارق 40 صوتا ، هنا علت صحيحات المعسكر المنافس . لكن الطرف الاخر تقبل النتيجة برحابة صدر لأن الأغلبية قررت . وتشكل وفد لتقديم التهاني للفائز والتقطت الصور التذكارية وانتشرت في المواقع الاجتماعية وعلى الشبكة العنكبوتية .
رسالة الكاتب
– الانتخابات سرية وشخصية وديمقراطية ويجب ان تظل بهذه الصورة .
– على كل مرشح توضيح برنامجه الانتخابي بشفافية للجمهور.
– على الناخب أن يقرر وفق ما يمليه عليه ضميره وتصوره دون ضغوط اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية .
– يوم الانتخابات يجب ان يكون بمثابة نزهة وعيد لجميع المواطنين
– على الطرف الخاسر احترام النتيجة وتقديم التهاني للطرف الفائز ، وقبول الحسم الديمقراطي من أجل الحفاظ على روح الديمقراطية وعلى النسيج الاجتماعي .
– عند فرز النتائج على جميع الأطراف ف التريث الى حين فرز جميع الأصوات .
– من المهم ان يهتم الطفل ويفهم موضوع الانتخابات .
ملاحظات حول القصة :
– ورد صفحة 16 ” والمرشحون قلقون بالفوز متفائلون ” من الصعب الخلط بين القلق والتفاؤل، بل من الطبيعي ان يقلق المرشح على مستقبله السياسي ، الاقتصادي والاجتماعي ، وعلى وضع أنصاره وفق النتائج .
– الكاتب سهيل كيوان في قصته المعدة للأطفال ، صور لنا سير الانتخابات في المجتمع العربي ، على انها اشبه بانتخابات في المدينة الفاضلة ، بعيدا عن الواقع المرير ، الاصطفاف العائلي ، التهييج الطائفي ، التجييش في الأعراس ،المقاطعات الاقتصادية والاجتماعية ، النفاق ، تضليل الناخب ، الوعود المكماهونية العرقوبية ، العنف الكلامي وحتى الجسدي الانتقام السياسي ، هدر المال الخاص ، والتبذير والبذخ ، الاستغلال السلبي للمنصات الاجتماعية . من منا لا يطمح بأن تكون الأمور وردية وديمقراطية بحتة وعرس ديمقراطي .
– اقتصر الترشيح على اثنين من أبناء البلدة ، حبذا لو تنافس 3-5 مرشحين ، لتمكن الناخب من التعرف على برامج اكثر ، وكانت امامه إمكانيات اكثر للاختيار بعيدا عن القطبية الثنائية .
– لم تظهر أي امرأة كمرشحة للرئاسة أو للعضوية ، اقتصر دورهن بالقصة على التصويت ، وان كان هذا هو الواقع في جل البلدات العربية .
– لم يبرز دور المتنافسين على عضوية السلطة المحلية ، رغم دورهم الكبير في حسم النتائج وتسيير العمل البلدي .
– عدم ابراز التنافس على أساس تيار سياسي او فكري او أيديولوجي انما بين شخصين وفق برامجهما .
– صحيح ان القصة وردت من لسان الأطفال ، لكننا لم نشعر بان لهم دور مركزي في القصة .
خلاصة :
تطرق الأديب المعروف سهيل كيوان ، لموضوع شائك وهام لنا كعرب ، وهو انتخابات السلطات المحلية ، ومن الضروري اطلاع أطفالنا عليه في جيل مبكر ، لأنهم عماد المستقبل ، والتربية السليمة في الصغر ، توفر الكثير من المشاكل وتمنع الانزلاق اليها .
ليس المسهل التطرق الى هذا الموضوع ، لحساسيته ، ومن الممكن تأويل القصة والحكم عليها بعيد عن أدب الطفل ، الكاتب من خلال طرح الموضوع أراد إيصال رسائل معينة .
القصة لغتها سلسة وملائمة للأطفال رسوماتها جميلة ومعبرة ، تحمل رسائل إيجابية للمجتمع ، لكننا كنا نتوقع من الكاتب القدير سهيل كيوان ، المزيد من التعقيدات في بناء الحبكة ، فقد جاءت القصة بوتيرة واحدة بعيدا عن المفاجئات مثل نهر يسير بخطوات ثابتة ومتكررة حتى يصل مصبه ، النهاية متوقعة والاحداث يتوقعها القارئ ، بينما في قصص أخرى للكاتب مثل ” علبة حلاوة ” و ” أغلى من الذهب ” لجأ الكاتب الى النهايات الصادمة والغريبة الى حيل ذكية تخدم بناء القصة .
بقلم ” سهيل إبراهيم عيساوي