حينما أسكتتْ هدوئي بدفئها المجنون
تاريخ النشر: 04/10/17 | 12:44أذكر ذات مساءٍ، حينما كنت أسيرُ في جوّ عاصفٍ وباردٍ على رصيفِ شارعٍ مشجّرٍ بأشجارِ التنوب، في بلدٍ أحببتها منْ أولِ يومِ أتيتُ إليها بهدفِ الدراسة ذات زمن ولّى، وخرجتُ في ذاك المساء بثياب خفيفة، وبدأتُ أرتجف من شدة البردِ، فأسرعتُ بخطواتي علّني أتدفّئ من سيْري، فرأتني امرأة كانتْ تسير خلفي، وسبقتني بخطواتِها السّريعة، ونظرتْ صوبي وقالت لي: يبدو بأنّكَ تشعر ببرْد، فقلت لها، بلى، لمْ أدر بأنّ الجوَّ هنا متقلّب، وأنا لا أُحِبّ ارتداءَ الملابس الثقيلة، ودارَ حوارٌ بيننا في الطريق، بينما كنا نسيرُ بجانب بعضنا البعض، وفجأة سقط الثلج، فقالت يبدو بأنّكَ لستَ من هنا، فقلتُ لها: بلى، أنا لست من هنا أنا ضيفٌ هنا جئت للدراسة عندكم، فرحّبت بي وأخذتني تحت معطفِها، وسرنا سويةً تحت الثلج، وشعرتُ بدفء مجنون، وأسكتتني من ذاك الدفء، وهدأتُ حينها ولم أعدْ أرتجف، ولم أكنْ مشاغبا كعادتي، وحينما وصلتُ إلى الدّكّان شكرتها، فابتسمتْ وذهبتْ في طريقها، أما أنا فدخلتُ إلى الدّكّان لشراء ما أحتاجه من طعامٍ، وبعدما اشتريتُ حاجياتي عدتُ أسير تحت الثلج بخطواتي السّريعة، وقلتُ في ذاتي: دفئها أسكتَ هدوئي، رغم أنني كنتُ أشعر تحت معطفها غير ذلك..
عطا الله شاهين