لقاءٌ طالَ انتظاره تحْتَ ضوءٍ أحمر
تاريخ النشر: 04/10/17 | 10:00في الحُجرةِ كان ضوءٌ أحمر وصمتٌ مجنون، لكنّ صمتَ الحُجرة تبدّد ذات مساءٍ من همساتِ عاشقيْن اعتادا أن يلتقيا في ذات الحُجرة.. عادا إلى بلدهما بعد انتهاء الحرب فيها، وذهبا فورا إلى تلك الحجرة، التي كانت أول حُبّ لهما.. فبعد طول انتظارٍ التقيا أخيرا في حجرةٍ أحبّا أن تكون مضاءةً بضوءٍ أحمر.. فهما لم يلتقيا منذ أنْ افترقا ذات مساءٍ على مراكب الهجرةـ، التي كانت تهرّب المهاجرين إلى بلدان عدة .. فهي ذهبتْ إلى بلدٍ أحبّت فيها ديمقراطيتها، أم هو فذهب إلى بلدٍ أحبّ فيها طيبة أهلها، لكنّ الحربَ طالت، وطال انتظارهما، وحين علِما كلاهما ذات يومٍ بأنّ الحربَ انتهت في بلدهما، هاتفته محبوبته بكلّ تلهّفٍ وقالت له: أتدري انتهتْ الحربُ يا حبيبي، فهيا لنعد إلى بلدنِا المدمّرة، فحُبّ الوطن يجذبني، فردّ عليها بكلّ تأكيدٍ فلا حُبّ أقوى من حُبِّ الوطن، فهيا لنعد إلى تلك الحجرة لنبكي فيها بعد أن أحكي عن اشتياقي المجنون لكِ.. فكلاهما كانا تواقيْن للقاءٍ انتظراه طويلا .. وعندما دخلا إلى الحُجرةِ ذاتها استغربا بأنّها لم تدمّر، فتعانقا بصخبٍ حزين تحت ضوءٍ أحمر وحزنا على استشهادِ الأهالي وخرابِ البلد.. كان لقاءهما الأول والصّاخب منذ سنين.. انتظر كلاهما هذا اللقاء.. ففي لقائهما عادت الهمسات، لكن بصخبها الحزين.. تحْتَ الضوء الأحمر تعانق العاشقان بكلّ حزْنٍ، وبكيا على خرابِ البلد، لكنّ على حائط الحُجرة ارتسمتْ لوحةٌ لهما من ضوئها الأحمر في عناقٍ بدا وكأنّه سرمديّ.. تحت الضوءِ الأحمر كان اللقاءُ الغير عادي، الذي طالَ انتظاره..
عطا الله شاهين