يبحث عن السعادة وهي بين يديه

تاريخ النشر: 14/09/15 | 17:25

ورد عن بعض السلف أنه التقى شابا صغيرا في أحد مساجد بغداد، وكان يبدو عليه الحزن والضيق. فسأله عن حاله، فقال الشاب: أشعر بتعاسة شديدة من هول ما أصابني؛ فقد ماتت أمي وأنا طفل رضيع، فتزوج أبي من أخرى، فلم تزل به حتى نبذني، وراح يعاملني بقسوة، فلما أصبحت في العاشرة أرسلني إلى تاجر حبوب كي أعمل عنده، وكان يأخذ ما أكسبه ولا يعطيني منه شيئا، سوى طعام قليل وملابس رثة. وذات يوم قررت الفرار من البيت، فخرجت ذات ليلة وهمت على وجهي، حتى أخذني التعب، فجلست في ظل شجرة قرب النهر، وما لبثت حتى نمت من شدة التعب، ولم أستيقظ إلا على صوت العسس يناديني. ثم أخذوني إلى دار الشرطة وحبسوني أياما دون أن أعرف السبب، ثم اتهموني بأنني لص يسرق من البيوت. وبعد جهد أقنعتهم بأنني لست اللص الذي يبحثون عنه، فتركوني، وخرجت وسرت هائما حتى وصلت هذا المسجد. فهل رأيت في حياتك أتعس مني يا سيدي؟

ابتسم الرجل وقال: يا بني أنت تبحث عن السعادة وهي بين يديك؟ فقال الشاب: وكيف ذلك، وأنا لا أملك مالا ولا دارا، والخوف يلاحقني في كل مكان؟ فقال الرجل: ألم تسمع قول الله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ).. فعليك يا بني بالإيمان والعمل الصالح، فهما طريقك إلى السعادة. ثم قال: خذني إلى أبيك علني أذكره وأعظه.

أمرني خليلي بسبع
عن أبي ذر رضي الله عنه أنه قال: “أمرني خليلي صلى الله عليه وسلم بسبع: أمرني بحب المساكين والدنو منهم، وأمرني أن أنظر إلى من هو دوني ولا أنظر إلى من هو فوقي، وأمرني أن أصل الرحم وإن أدبرت، وأمرني أن لا أسأل أحدًا شيئًا، وأمرني أن أقول الحق وإن كان مرًا، وأمرني أن لا أخاف في الله لومة لائم، وأمرني أن أكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله فإنهن من كنز تحت العرش” [رواه الإمام أحمد].

هذه هي الحياة الدنيا
قال شاعر في وصف الحياة الدنيا:
هي الدار دار الأذى والقذى
ودار الفناء ودار الغير

فلو نلتها بحذافيرها
لمت ولم تقض منها الوطر

أيا من يؤمل طول الخلود
وطول الخلود عليه ضرر

إذا أنت شبت وبان الشباب
فلا خير في العيش بعد الكبر

انتقام الله لأوليائه
عن محمد بن سيرين قال: كنت أطوف بالكعبة وإذا رجل يقول: اللهم اغفر لي، وما أظن أن تغفر لي. فقلت: يا عبد الله ما سمعت أحدًا يقول ما تقول. قال: كنت أعطيت لله عهدًا إن قدرت أن ألطم وجه عثمان إلا لطمته، فلما قُتل ووُضع على سريره في البيت والناس يجيئون يصلون عليه، فدخلت كأني أصلي عليه؛ فوجدت خلوة فرفعت الثوب عن وجهه ولحيته ولطمته فأيبس الله يدي اليمنى، فأصبحت كالخشبة لا تتحرك. قال ابن سيرين: فنظرت إلى يده فرأيتها يابسة، وعثمان الخليفة الثالث المظلوم فوّض أمره إلى ربه، فقضى الله أمره ونفذ قدره وجعل من ظلمه عبرة، والله عزيز ذو انتقام.

هذا من كرم أخلاقهم!
قالت بنت عبد الله بن مطيع لزوجها طلحة بن عبد الرحمن بن عوف، وكان أجود قريش في زمانه: ما رأيت قومًا أَلْأَم من إخوانك؟ قال لها: مَه ولِمَ ذلك؟ قالت: أراهم إذا أيسرت لزموك، وإذا أعسرت تركوك. فقال لها: هذا واللهِ من كرم أخلاقهم؛ يأتوننا في حال قدرتنا على إكرامهم، ويتركوننا في حال عجزنا عن القيام بحقهم!

دعها تصيح..!
سُئل عُمر بن قيس عن الحصاة من حصى المسجد يجدها الإنسان في ثوبه أو حذائه أو جبهته، فقال: ألقها، فقال الرَّجل: زعموا أنها تصيح حتى تُرد إلى المسجد؛ فقال عُمر: دعها تصيح حتى ينشق حلقها؛ فقال الرَّجل: سبحان الله! ولها حلق؟ قال: فمن أين تصيح إذن؟!

لا نقدم الابن على الأب!
قَدِم مبشر نصراني إلى مجاهل إفريقيا يدعو إلى النصرانية، واجتمع برئيس قبيلة وثنية، وذكر لهم أن عيسى يغفر الخطيئة ويخلص من العذاب، فقال رئيس القبيلة: ومن هو عيسى هذا؟ قال: هو ابن الله. فتشاور الرئيس مع وجهاء القوم، وسألوا المُنَصِّر: هل والد عيسى موجود؟ قال: نعم! قالوا: رَأينا من غير اللائق أن نُقدِّم الابن على أبيه وهو حيٌّ موجود.

ظننتها مثل أمي
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: كبرتُ وكبرتْ معي أحلامي وعشت فكثرت عَقَباتي.. ظننت أن الدنيا مثل أمي عندما كنت صغيرًا؛ أُغْضبها وتُرْضيني، وأبكي فترحمني وتواسيني؛ (خلق الإنسان في كَبَد).
اطلب خير الدنيا وخَفِّفْ من قسوتها بالدعاء والصلاة والاستغفار.

الشيخ عصام دحلة

;

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة