تحليل لقصائد صفاء "الفلسطينية الرقيقة سيدة العشق والأقحوان"
تاريخ النشر: 17/08/12 | 14:59د. سامي إدريس : مشهد لإتمام القصيدة
المعنى الذي أجدده اليوم أنه لا توجد قصيدة كامله تقول لك كل التفاصيل وتحكي الحكاية من (طقطق لسلام عليكم) أو من ( دقّة بدقة ولو زدنا لزادَ السقا). وعلى القارئ المتماهي العاشق أن يتمَّ هو بنفسه القصيدة، وقد أخذت تتسع وتنمو وتتبلور قصيدة السطر الواحد والتي تقول كل شئ ويبقى في الهواء أشياء معلقة من بقاياها… من عطرها وأريجها الذي نفحته في سمائنا.. فنأخذ في تلمّسه ونتوه خلفه مسحورين مبهورين.
إنه لتطور ملحوظ يأخذ منحىً جديداً أثارني وأرجع اليَّ ذائقتي المترنحة في تحليل جميل الشعر في شعر صفاء أبو فنة. ولم ننسَ أنها وبحق فراشة هذا الوادي بل ملكة فراشاته، بل سيدة العشق والاقحوان كما تقول في إحدى قصائدها، وتنعت نفسها بالفلسطينية الرقيقة. فليس غريباً على الفراشة أن تستشف عبق الحنين من أنفاس الربيع الذي لم يمضِ بعدُ، فالشاعرة ما تزال في ريعان ربيعها وشبابها.. تقول كأنها على عجلةٍ من أمرها وتمضي:
” دَعني أسْتَشِفَّ من لهيبِ أنْفَاسِكَ عَبق الحَنِين “!!
وماذا بعد .. سندعكِ تستشفين من لهيب أنفاسه عبق الحنين!وماذا بعد يا فراشة الوادي؟ إنَّ حكايةً من حكايا ألف ليلة وليلة يمكننا أن نطرزها على ثوب الليل والحنين واللهيب .
النارُ المقدسة لم تعلن انطفاءها بعدُ
نارُ العشق المقدسة لم تعلن انطفاءها بعدُ، ولهيبُ أنفاس الحبيب تدلنا على أنه كان قريباً جداً جداً أيتها الفراشة ، حتى خفتُ عليك من وهجه .. واستعمال الفعل أستشفُّ .. له دلالته إذ كيف تستشفُّ عبق الحنين من لهيب أنفاسة.. لتسدلل على كمية الحنين الكامنة بين ضلوعه والتي تود الانفجار والانطلاق نحوها. واللهيب هو بحد ذاته استعمال للنار الملتهبة التي لم تعلن انطفاءها بعدُ، وقد قرأتُ للشاعرة بهذا المعنى فأخافني أن يحدث لها هذا الانطفاء وقد أنزل هذا الشعر على قلبي الواسع ملائكة الحزن في قولها:
” اليوم أعلن انطفاءاتي
ونشيج قلبي تنزفه العَبرات ! “
وقولها:
حَزِنْتُ حُزْنًا لِحُزنِ حُزْنِي ..
ولكنها هنا تعود فتلتهب مرة أخرى.
وفي قصيدتها ( مليكتي) تقول:
يا سيدةَ العشقِ والأقحوان..
أنْهَاركِ مَفْروشة الندى بالزّهرِ المُعَطر
وعَيناكِ تنام فيها حفناتُ الثّرى وزعتر برّيٌ ولوزُ أخضر..
لأجلكِ يا مليكتي..
تَزْهو الرَياحّينُ بأُنوثَتَها وقصبات السُكَّر
وسَتائِر عاجية تقرفصُ عَسجَد ومرمر
وأسواركِ العتيقة تُرَافقُ رِحلةَ رياحٍ وبحر
يا فِلِسطينيتي الرقّيقة..
تحيّاتي العَطِرة د. سامي إدريس
ها أنا أسْتَقي من يَنابِيعِ ابداعاتِكَ كؤوس الصَفاء.. النقاءِ
أُستاذِي الفَاضِل عَمِيد لُغَة الضاد وعَمِيد الأبتَثيّة .. إنّ وَصفكَ رقيقٌ.. جميلٌ وعَذب .. دُمتَ شُعْلة للأدب .. الثَقافةِ .. ومَنارة للعِلم والمَعرِفة