معركة الساعات الأخيرة في المشهد المصري ؟؟!!

تاريخ النشر: 22/06/12 | 8:04

كثيرة هي الجوانب التي لفتت الانتباه في المشهد السياسي المصري منذ ثورة 25 كانون ثاني/يناير وحتى الآن … ففي الوقت الذي كان القمع السلطوي والتنكيل الحكومي والارهاب الامني في عهد مبارك والعهود التي سبقته ، تقف على قمة الظواهر التي رافقت كل مراحل العمليات الانتخابية والحياة السياسية في مصر ، رأينا بعد الثورة تحولاً في ظاهِرِهِ منسجمٌ مع أهداف الثورة والتغيير التاريخي الذي تم ، إلا أن في باطنه ما يهدد بإجهاض الثورة ، لا بأساليب القمع التي كانت وعلى مدى أكثر من ستة عقود سيدة الموقف ، ولكن بأسلوب ما تواترت على تسميته تحليلات الخبراء ” بالانقلاب الناعم ” على منجزات الثورة ، والذي تقوده كما في الماضي المؤسسة العسكرية المصرية التي كانت شريكة مباشرة لنظام الفساد والاستبداد في مصر منذ ثورة 52 وحتى ثورة كانون ثاني/يناير… هنا وقبل أن استطرد ، أؤكد على ضرورة التفريق بين الجيش المصري المعروف بوطنيته وبدوره في حماية الأرض والعرض ، وبين طبقة العسكريين الممثلة اليوم في مؤسسة ” المجلس الأعلى للقوات المسلحة ” بصفتها المؤسسية ، وليس بصفة أشخاصها ، الذي تسلم السلطة في مصر بعد تنحي الرئيس مبارك بفعل الأمر الواقع وبدون أية شرعية من أي نوع ، ليتحولوا بعدها إلى السلطة المطلقة في مصر ، بعد أن ضمن التعديل الدستوري الأخير مكانها فوق الدولة وفوق القانون وفوق رئيس الجمهورية وفوق المحاسبة ، ووضع في يده سلطة تحديد من وكيف ولماذا في كل مؤسسات الدولة الأساسية المختلفة في مصر …

مثل ذلك يقال في أجهزة إعلام وقطعان من المسبحين والمهللين ، تجندت في أغلبها لخدمة النظام السابق ومن يعمل على إعادة إنتاجه من جديد من فلول النظام وحلفائهم من أركان “الدولة العميقة” القديمة التي ما زالت تسيطر بمالها ورجالها على مفاصل الدولة ، ابتداء من المجلس العسكري وانتهاء بأصغر موظف منتفع في إحدى الدوائر المحلية في قرية نائية في بلاد النيل … هذا الإعلام ومما يجنده من ألسنة وأقلام جزء منه واضح في دعمه لنظام مبارك في هيئته الجديدة ( الفريق أحمد شفيق ) ، وكراهيته المعلنة لقوى الثورة ومنها حركة ” الإخوان المسلمون ” ، وجزء آخر ينتمي إلى الثورة ، وهو من بعض وليس كل القوى اليسارية والليبرالية والعلمانية ، لكنه وبسبب إحباطه الشديد لفشله في انتخابات مجلسي الشعب والشورى ، وكذلك في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية ، شق طريقه بشكل خدم النظام القديم ومن يعمل على إعادة إنتاجه بحجة أن فلول النظام القديم والإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة هم ( وجهان لعملة واحدة !!!! ) .. كانت وسيلتهم إلى الإضرار بالثورة المباركة – من حيث علموا أو لم يعلموا – الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات أو إبطال الأصوات ، وهذا في رأيي ما جعل الفارق بين مرشح مصر الثورة ( البروفسور محمد مرسي ) ومرشح نظام مبارك والمجلس العسكري ( الفريق أحمد شفيق ) ، بسيطا لم يلامس حدود المليون صوت ( 2% فقط ) … هذا بالضبط ما جرّأ المجلس العسكري على استباق الأحداث وخروجه على الشعب المصري بالتعديلات الدستورية الجديدة التي جاءت لتفريغ الانتخابات الرئاسية التي جاءت بمرشح الثورة حسب كل الدلائل ، من مضمونها ( والتكويش والاستحواذ ) على مقاليد السلطة في مصر ، وتحويل مؤسسة رئيس الجمهورية المنتخب إلى مجرد ديكور لا صلاحيات حقيقية له بعد أن استبقى ” العسكري ” لنفسه سلطة التشريع وميزانية الدولة وجعل من نفسه سلطة مستقلة ليس لرئيس الجمهورية أي سلطان عليه وهو الذي من المفروض أي رئيس الجمهورية ، أن يكون القائد الأعلى للقوات المسلحة ، وبعد أن منح نفسه حق الفيتو على أن قرار لهيئة وضع الدستور التي من المتوقع حلها على يد المحكمة الإدارية كما حصل في المرة الأولى ، والذي يعني فرضه لمواد تكرس دوره فوق القانوني واللادستوري ، وتمنع الثورة من تحقيق أهدافها من خلال وضع دستور مشوه لا يرقى إلى تطلعات الثورة والثوار …

أصبح واضحا أن هنالك أيدٍ خفيه خارجية وداخلية ( فلول نظام – إسرائيل – أمريكا ) أساسا ، اتفقت على تنفيذ مخطط رهيب وخبيث ، ألغى بديل الحل الأمني والعسكري لما يراه من موقف شعبي مصري لا يلين ، واستبدله بحل ” الانقلاب الناعم ” الذي يعتمد أولا ، عامل الزمن كلاعب أساسي لإنهاء الثورة وإخماد لهيبها . وثانيا ، إشغال الناس في ممارسات ظاهرها تحقيقٌ للإرادة الثورية كالانتخابات البرلمانية والرئاسية التي استنزفت القوى المادية والمعنوية للأفراد والجماعات والأحزاب ، ليفاجأ الشعب بعدها ” بتبخر !!! ” إنجازاته كحل مجلس الشعب ، بحجج واهية من خلال استعمال جهاز القضاء الذي ما زال يحكم بذات الأشخاص الذين عينهم مبارك سواء في القضاء الإداري أو محكمة النقض أو المحكمة الدستورية . وثالثا ، تشويه صورة الثورة من خلال تعيين العسكري لحكومة برئاسة رجل من رجالات مبارك ( الجنزوري ) والتي قامت بتنفيذ سياسات اجمع أعضاء مجلس الشعب على فشلها ، فانعكس ذلك على أمن ومعيشة والشعب المصري ، فكثرت الشكاوى التي تم توجيهها إلى مجلس الشعب على اعتباره ” الحاكم !!!!! ” للبلد ، وهو ادعاء باطل طبعا ، مما دفع بصناع الثورة إلى أحضان حالة من الإرباك والبلبلة التي لم تكن في صالح مضي الثورة قوية في تحقيق أهدافها .

السؤال الذي يطرح نفسه في هذه الظروف هو : هل ستنجح الثورة المضادة في إرجاع الأوضاع إلى الخلف رغم ضبابية الصورة ، وكثرة السموم الإعلامية التي تصبها أبواقه عبر وسائل الاتصال المختلفة ؟!!! أم أن الشعب في أغلبيته الساحقة ما زال متنبها لخطورة المؤامرة ، وسيقف لها بالمرصاد ، وسيمضي ليحقق كل أهداف ثورته مهما كلفه ذلك من تضحيات أرجو أن تكون محدودة جدا ؟؟!!!

لا شك عندي من خلال الاحتشاد الذي رأيناه وما نزال في ميدان التحرير بالقاهرة ، والذي أتوقع أن يمتد إلى ميادين المدن المصرية الكبرى كلها كما كان المشهد مع بداية الثورة ، إذا أصرت قوى الظلام إلى شَدِّ البلاد إلى الخلف ، لا شك في أن شعب مصر واع تماما لما يحاك ضده ، وسيقود البلاد إلى عهد جديد، ينفي خَبَثَ العهود الاستبدادية القديمة ، ويؤسس لنهضة سياسية جديدة تطلق الحريات، وتلغي الاحكام العرفية الجائرة، وتحارب الفساد ، وتُؤَمِّنُ تداول السلطة بشكل سلمي ، وتحقق التنمية على كل المستويات وعلى كافة الأصعدة . عندها يفرح المؤمنون بنصر الله …

بقلم الشيخ إبراهيم صرصور – رئيس حزب الوحدة العربية/الحركة الإسلامية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة