عادة سادت ولكنها تآكلت "زواج البدل أو زواج المبادلة"

تاريخ النشر: 28/05/12 | 7:51

زواج البدل أو زواج المبادلة كان وما زال في مجتمعاتنا والقروية منها بالذات،وهو اليوم أضعف منه مما كان عليه في السابق،وفي تقديري أنه في طريقه إلى الزوال وذلك لكثرة المآسي والمشاكل التي خلفها هذا الزواج عندما يفشل ويؤدي إلى الطلاق والذي هو أبغض الحلال إلى الله.

وزواج البدل هذا أو زواج المبادلة هو نوع من المقايضة أي زوجني أختك لأزوجك أختي أو زوجني ابنتك أو أختك لأزوجك ابنتي أو أختي،وأعترف أنني ابن لزواج البدل,فأبي ابن باقة الغربية رحمه الله كان قد تزوج من أمي المرحومة وهي من قرية جت الشعراوية حسب هذا النظام،وبالمقابل تزوج خالي المرحوم من عمتي أخت والدي وشاءت الصدف أن عمتي عفيفة مرضت ليلة حناها وأصيبت بحمى شديدة قضت عليها بعدة أيام من زواجها،وكان أن خلف موتها المفاجىء هذا معضلة لوالدي تمكن الحكماء من القرية حلها بعد أن غرم والدي بمبلغ من المال كتعوبض هو بمثابة مهر بادعاء أن والدي”بادل”بأخت”مريضة”.

والذي عرفته لاحقا من والدي المرحوم ومن أقاربه وأترابه أنها كانت شابة معافية،وسليمة،ولكن هذا قدرها ولا راد لقدر الله تعالى،وبالمناسبة فأن جدي لوالدي كان قد تزوج بنفس الطريقة ومن جت الشعراوية كذلك،أما والد جدّي فقد بادل بأبنته وهكذا فعل الذي تبادل معه حيث بادل هو كذلك بأبنته.

وإذا كانت العديد من حالات زواج البدل ناجحة وموفقة جدا،بل ودامت وأبقت على علاقات طيبة وحسنه فيما بين المتبادلين مع استمرار التواد والتواصل،ولكن نجاح هذه الحالات من زواج البدل واستمرارية الحياة الزوجية ما بين الطرفين لا يعني بالضرورة أن هذا النوع من الزواج طبيعي وهو المرجو فهو يفتقر إلى عنصر الاختيار الحر،ويكون أحيانا ضحية فرض الرأي والقبول بالأمر الواقع.

فمشاكل ومتاعب هذا النوع من الزواج أكثر وأكبر وخامة وكارثية،على الأبناء والبنات وعلى الزوج ومن حوله،وهنالك الكثير من الحالات التي أضطر فيها أحد أطراف المقايضة أو التبادل،التخلي عن زوجته أم أولاده أي تطليقها ارضاءا لأهله وإشباعا لرغباتهم لأن الابنة أو الأخت البديلة،قام زوجها بتطليقها بعد أن لم يحالفهم التوفيق في حياتهم الزوجية،أي أن أحد طرفي البدل يعيش مع زوجته بوئام ووئام يدفع ثمن خلاف أخته أو ابنته مع زوجها فيقدم على هدم حياته الأسرية وتحطيمها ارضاءا لأهله وإشباعا لغرائزهم ونزواتهم.

أنها الطامة الكبرى أن يطلق المرء زوجته وهو راض عنها وكل ذلك من أجل إشباع غريزة الانتقام والثأر ليصبح الزوج والأسرة بأكملها ضحية الانتقام!!

وأذكر في هذا السياق أن قرر أحدهم وكان هذا في أربعينيات القرن الماضي المتأخرة الطلاق من زوجته البديلة لأخته لعدم الانجاب،وعندما طلب من أخته البديلة أن ترجع إلى بيت أهلها مطلقة كبديلتها،رفضت الأخت هذا الطلب وأصرت على البقاء في بيت زوجها الذي ارتبطت به وعاشت معه بمودة ووئام،فاعتبرها الأهل متمردة عليهم ومتحدية لهم كذلك،وكان رد زوجها مطابقا لزوجته،فكانت القطيعة المطلقة لها وله من أهلها وأهله وحرما من الميراث وخاصة الزوج فقد حرمه والده وحرم أبناءه من ميراثه وخاصة ما يتعلق بالأرض،وتم تطبيق الحرمان بحذافيره.

وكان لتبادل العرائس نظام خاص،خاصة عندما تكون العروسان من بلدين مختلفين وزفافهما في نفس اليوم وهذا النظام يخضع لمبدأ “سلم واستلم” ولكن كيف وأين تتم عملية التسليم والاستلام؟

ففي وقت يتفق الطرفان عليه سلفا تنطلق”الفاردتان”ومع كل”فاردة”جاهتها أي وجهاء البلدة وشيوخها،ومن الشباب مفتولي العضلات احتسابا من وقوع ما لا يحمد عقباه لتحطا أي الفاردتين في نقطة الالتقاء والتي هي عادة منتصف الطريق ما بين البلدين،وكان يعتبر وادي”أبو نار”الحد الفاصل ما بين قريتي باقة الغربية وجت المثلث،ومن الطبيعي أن يكون هذا الوادي هو نقطة الالتقاء,ومن ثم إجراء عملية التبادل,ولكن الذي حصل أن أغلبية المبادلات تمت عند الصلموني(مكان المدارس الثانوية في باقة اليوم),وأحيانا كانت تعترض عملية التبادل مشاكل ونزاعات سببها:

من يسلم أولا لاعتقاد البعض أن من يسلم عروسه أولا يعتبر أقل شأنا وقيمة من الطرف الآخر،وسردت سيدة فاضلة على مسامعي حادثة تبادل عرائس فاشلة ابتدأت أولا بنقاش حول من يسلم أولا لتنتهي بطوشة خطفت فيها فاردة القرية المجاورة عروس بلدنا وعادت بها وببديلتها إلى القرية المجاورة،وأضافت السيدة الفاضلة:وعندما سمع أبي رحمه الله بالخبر وكان شرطيا في حرس الحدود أيام الانتداب البريطاني،والذي سمي آنذاك حرس “الزنار الأحمر”،امتشق والدي سلاحه واصطحب معه بعض الشباب المتحمس وتوجهوا نحو القرية المجاورة ودخلوها وقد أشهر والدي سلاحه دون استعماله، وكان أن أعادوا بذلك الحق المسلوب أي العروس البديلة.

‫3 تعليقات

  1. دائمًا يأتي لنا عديلي أبو إياد بقصص وحكايات من تراثنا وماضينا فيها العبر والدروس والتشويق!

  2. انا متزوجه بدل وام لثلاثة ابناء رغم مرور عشرون عاما على هذا الزواج ما زلت اشعر بان اخي حرم من حرية اختيار شريكة حياته وانه دون عن اخوتي اهلي من
    زوجوه
    لم يحصل بيننا مرة مشاكل ولم يحدث ان ربط احدا بين عائلتي وعائلة اخي لكن لو عاد بي الزمان ما تزوجت بهذه الطريقه ولن ازوج بنتي بهذه الطريقه لو بقيت عندي مدى الدهر
    ارى الانسان لا قيمه له وانه سلعه للمتاجره والمقياده دون تطرق للمشاعر رغم انني وزوجي من اسعد الازواج حتى اننا اكثر اتفاقا من ازواج بالفيد

  3. السلام عليكم الاخ الكريم تطرق لظاهرة الزواج البدل والتي يبدو انها اخذه بالزوال. لكن يمكن القول انه رغم فشل العديد من الزيجات الا انها كانت تحد من ظاهرة العنوسة. واليوم التغييرات والتطورات التي نعيشها وخاصة الاقتصادية تساعد في زوال هذا النوع من الزواج. . كذلك سمعت عن حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم لا شغار في الاسلام والشغارهو المبادلة بالزواج لكن لم اتاكد من مدى صحة الحديث

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة