لَن تُغلِق إسرائيل مكاتب الجزيرة

بقلم: الإعلامي محمد السيد

تاريخ النشر: 02/04/24 | 19:01

ليست المرة الأولى التي تلوح فيها إسرائيل بضرورة اغلاق مكاتب وسائل إعلامية تعمل فيها بحجة التحريض ونقل مشاهد تأجيجية وحتى دعم جماعات مسلحة ضدها. وأول ما استُهدفت هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطينية وتم منع برامج معينة كالذي قدَمتُه من القدس على الهواء كل جمعة بإسم “صباح الخير يا قدس”. لكن لم تُقدم إسرائيل على اغلاق اي محطة غير فلسطينية او تمنع عملها ، بل على العكس تُقَدِّمُ لها التسهيلات وتمنحها البث وتتواجد مكاتبها في غرب مدينة القدس في الجانب الإسرائيلي “اليهودي”. طيلة فترة عملي الصحفي الميداني الذي تجاوز العقدين كنت وزملائي من قناة الجزيرة وغيرها ننقل الأحداث من الأراضي الفلسطينية ومن إسرائيل ، وكنت أسعى للحصول على بطاقة مكتب الصحافة الحكومي التي تُخولك الحركة بحرية في كافة المواقع لكن الرفض كان حاضراً دائماً ولم تمنحني تلك الجهة البطاقة لأنني كنت أمثل تلفزيون فلسطين رغم انني كنت مراسلاً لقنوات فضائية أخرى، في حين كانت كافة الفضائيات العربية وفي مقدمتها الجزيرة تحصل على البطاقات لمراسليها جميعهم حتى يومنا هذا ويتحركون بحرية في إسرائيل. إسرائيل لم تكتفِ بإغلاق محطات فلسطينية بل إقدمت على قصفها وتفجيرها كتلفزيون فلسطين الرسمي الذي كان يحوي معدات وأرشيف غني جداً وقتلت الصحفيين الفلسطينيين وفقط الفلسطينيين. إسرائيل تتحدث بلسانين ، التيار الغوغائي وجُلُهم من اليهود العرب وتيار التطرف الذي يمثله اليهودي العربي بن غفير الذي لا يعرف لغة الحوار او النقاش بل يُناصِب العداء لكل ما هو عربي ويتغذى على المناكفات مع زملائه العرب في الكنيست الذين يزيدون من شعبيته، هذا التيار يدعو لوقف كل نشاطٍ إعلاميٍ عربي فبهذه الحالة يكسب أمرين معاً أولاً تُعطى له مساحة أوسع في الإعلام العبري الذي يُتابعه مؤيدوه وتُفرد له مساحات واسعة في الإعلام العربي المُستَهدف ، والتيار الآخر الرسمي الذي بيده الأمر في النهاية والذي يريد ثمناً لوجود الإعلام العربي وفي مقدمته اجراء مقابلات مع شخصيات اسرائيلية تحت عنوان الرأي والرأي الآخر حتى لو كانت الشخصيات ليست سياسية فحسب بل حتى أمنية. عن أي إغلاقٍ يتحدثون وقد قامت محطات عربية بعد مؤتمر مدريد بفتح شاشاتها تدريجياً للإسرائيلي الذي باتَ يُخاطِبُ المواطن والمواطنة العرب في صالونات بيوتهم ويطرح وُجهة نظره بقوة ، فلم يعُد ذلك العدو القاتل والبُعبع انما هو بَشَرٌ مثلكم ، يتحدث عن السلام مبتسماً ليس من خلال وسيط بل مباشر في كل بيت. هذا ما قاله رئيس وزراء إسرائيل الإسبق في مدريد بحضور وفود العرب كلها “صنعنا السلام مع مصر وأعدنا لهم سيناء لكن لا تطبيع معهم”، “نحن لا نريد سلام بدون تطبيع” وقيل انه غُداةَ ذلك الموقف بدأ الحديث عن إنشاء محطةٍ عربيةٍ على غرار التلفزة الأمريكية والبريطانية يكون دورها الأساس التطبيع من خلال استضافة الإسرائيلي إلى جانب العربي دائماً. إسرائيل لن تُقدم على إغلاق الجزيرة لأنها المستفيدة عربياً وعالمياً منها ومن شقيقاتها العربية، صحيحٌ ان لهذه الفائدة ثمن يتمثل بالمشاهد الموجعة التي تنقلها الجزيرة وغيرها ، لكن إسرائيل لا يهمها الرأي العام بقدر إيصال رسالتها إلى العرب، فكم من قرارات صدرت ضدها منذ اكثر من سبعة عقود ولم تُنفذ حتى اليوم. [email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة