سجن الأمير عبد القادر ومن معه في سجن لامبواز
معمر حبار
تاريخ النشر: 05/07/25 | 7:13
Amel Chaouti: “Les Algériennes du château d’Amboise. La suite d’émir Abd el Kader”, Édition Sedia, 1er semestre, 2016, Alger, Algérie, Contient 176 Pages.
مقدمة القارئ المتتبّع:
ميزة الكتاب، أنّ الكاتبة بذلت جهدا، ووقتا لزيارة سجن لامبواز. والمقبرة التي دفن فيها 25 جزائري سجين. والبلدية. والمتحف الذي يضم الوثائق النّادرة، والثّمينة، والمهمّة التي تتعلّق بمرحلة وظروف سجن الأمير عبد القادر ومن معه من زوجه، وإخوته، ونساء قادته، والخدم، والأطفال، والرضع. رحمة الله عليهم ، ورضي الله عنهم وأرضاهم جميعا.
ترى الكاتبة أنّه ضاع 15 ألف مخطوط له علاقة بالأمير عبد القادر. 12
الكاتبة مقيمة بفرنسا. 19
تقول: جدي اسمه الأمير عبد القادر. 30
لم يكن من أهدافي الكتابة عن الأمير عبد القادر. والأمير عبد القادر شخصية مشوّهة لدى الجزائري، والفرنسي. 37
قالت: لا حظت أنّ فترة سجن الأمير عبد القادر تمّ حذفها من البرامج التعليمية في الجزائر. 71
تكذّب الكاتبة وبقوّة، وشراسة مقولة أنّ للأمير عبد القادر زوجة واحدة فقط. ولم يعدّد، وهي: خيرة بنت علي. 80
الجزائريين لا يفضّلون الأسطورة بشأن الأمير عبد القادر. 80
ثمّ تضيف: وبما أنّكم ترفضون الأسطورة حول الأمير عبد القادر. لماذا تجعلون من الأمير عبد القادر زوجة واحدة فقط؟ رغم أنّ القانون الجزائري يبيح التّعدد. 81
السّبت بتاريخ: 16 أكتوبر 1852. تمّ إطلاق سراح الأمير عبد القادر ومن معه من مرافقيه. 123
الأمير عبد القادر وليس “عبد القادر بن محي الدين:
أقول: ظلّت الكاتبة وطوال صفحات الكتاب تقول، وتردّد: “عبد القادر بن محي الدين”. ولم تذكر مرّة واحدة -أقول مرّة واحدة- لقب الأمير عبد القادر.
وحين تذكر “الأمير”. تذكره بمفرده، ودون ذكر الأمير عبد القادر.
لم تذكر الكاتبة أسباب ذلك. ولم أقف من خلال قراءتي للكتاب على الأسباب غير المعلنة.
ذكرت اسم “الأمير” لأوّل مرّة في صفحة 44. ودون ذكر الأمير عبد القادر.
مع العلم، “لامورسيار” يخاطب الأمير عبد القادر بعبارة: “سيدي الحاج عبد القادر بن محي الدين”. 45
عنوان الكتاب:
استعملت الكاتبة -وحسب ترجمتي- مصطلح: “توابع الأمير عبد القادر” كعنوان للكتاب.
أختلف معها في اختيارالعنوان. وأرى أنّه لا يناسب عظمة الأمير عبد القادر. الذي لا يرى أنّه المركز وما دونه تابع. بل يعامل الخدم، وأسرى العدو معاملة السّيّد. كيف بمن معه من مرافقيه.
للأمانة، الكاتبة متمكّنة في اللّغة الفرنسية. والمسألة لا علاقة لها باللّغة. لأنّي أنظر إلى المصطلح من الناحية الحضارية وليس اللّغوية. ومن هنا كان هذا الاختلاف. وإلى أن يظهر شرح جديد لها مخالف لما ذهبنا إليه.
واضح جدّا أنّ الكاتبة نقلت العنوان عن عبارة مكتوبة باللّغة الفرنسية على مدخل المقبرة في صفحة 13، وهي: “هنا، يرقد خمسة وعشرون من توابع الأمير المتوفين ما بين 1848 و1852”.
يمكن -في تقديري- استعمال مصطلحات: مرافقوه، عائلته، ومن معه. وغير ذلك.
واستعملت الكاتبة في ثنايا الكتاب مصطلح: مرافقوه -ses compagnons
والسؤال: لماذا الفرنسيين المحتلين اختاروا هذه التسمية التي لا تناسب الأمير عبد القادر؟ وما الهدف من وراء ذلك؟.
توحيد الآيات:
جاء في صفحة 15: وضع الأمير عبد القادر نفس آيات سور القرآن الكريم على قبور الجزائريين المسجونين الذين ماتوا. حتّى لا يكون هناك تمييز بين أحد. ولأنّه لا يعترف بالاعتبارات الهرمية التي تفرّق النّاس بين النّساء، والأطفال، والضباط في هذه الدنيا.
أضيف: وهذا ما يعزّز ما ذهبت إليه من رفضي لمصطلح: “توابع الأمير عبد القادر”.
الأمير عبد القادر لم يستسلم:
تستعمل الكاتبة، وباستمرار مصطلح: “استسلام الأمير عبد القادر؟!” 21.
أقول: قراءاتي المتأخرة دفعتني لاستعمال مصطلح: الظروف التي فرضت على الأمير عبد القادر وضع السّلاح.
الفرق واضح بين المصطلحين. وسبق أن تعرّضنا لذلك في مقالاتنا العديدة حين تطلّب المقام ذلك.
الأمير عبد القادر ليس أسطورة:
تقول الكاتبة عن الأمير عبد القادر: الفرنسيين هم الذين “حوّلوا العدو إلى بطل أسطوري”. وتستغرب موقف فرنسا. وإن كانت لا تستغرب تعظيم الجزائريين له. 22-23
سجن لامبواز وليس قصر لامبواز:
أقول: من الأخطاء الشائعة -حسب قراءاتي- قول “قصر لا مبواز؟!”. كما جاء في صفحة 39 وغيرها. والحقيقة هو “سجن لا مبواز”.
تعرّض سيّدنا الأمير عبد القادر لإهانة، وإذلال في سجن لا مبواز. وتجاوزت محنته كونه سجين.
إنّي على يقين أنّ الأمير عبد القادر لم يضع ضمن الاحتمالات أنّ الاستدمار الفرنسي سيخونه، ويحوّل طلبه من السفر إلى الإسكندرية، أو عكا إلى سجن لا مبواز حيث الذّلّ والهوان.
واضح جدّا أنّ الأمير عبد القادر ألقى السّلاح لأجل الذين معه من زوجه، وقادته، والأطفال، والرّضع. والذين لم يستطيعوا مواجهة الخيانة، والحصار، والمطاردة التي كانت تلاحقهم في الداخل والخارج.
ظلّ الأمير عبد القادر في سجن لا مبواز ذلك الشجاع، والبطل، والعظيم، والكبير الذي لا ينحني، ولا يمد يد لعدو الأمس ولا سجّان اليوم.
إطلاق سراح الأمير عبد القادر من المجرم نابليون. ليس كرما، ولا منّة منه ولا من فرنسا المحتلّة، ولا فرنسا الحالية. بل واجب لأنّهم حاربوه وهو صاحب الأرض. وخدعوه وهو الوفيّ مع العدو قبل الصديق، وسجنوه وهو العزيز الكريم في أهله ووطنه الجزائر.
وذكرت الكاتبة أنّ الأمير عبد القادر ومن معه. كان تحت قانون السجين. 77
قالت: الفرنسيين لا يطيقون استعمال “سجن الأمير عبد القادر بلمبواز”. وكما أنّ الجزائريين لا يطيقون إطلاق “الخيانة؟!” على سيّدنا الأمير عبد القادر. 77
سجن وليس نزهة:
قالت: عدد كبير من الجزائريين رجالا، ونساء ماتوا في سجن لامبواز. 87
تستنكر الكاتبة على الجزائريين، والفرنسيين الذين تجاهلوا 4 سنوات من السجن، والمهانة التي تعرّض لها الأمير عبد القادر، ومرافقوه في سجن لامبواز. ثمّ التّحدث عن السّماح له “بالنزهة في القصر؟ !”. وبناء على رأي طبيب. إنّ هذا لظلم كبير، ومهانة بحدّ ذاتها. 89
الخونة الصبايح:
استعان المجرم “لامورسيير” بـ 200 صبايحي لمحاصرة الأمير عبد القادر. والضابط المغربي هو الذي أخبره برجوع الأمير عبد القادر بعد التضييق الذي تعرّض له من المغرب. وبمساعدة المحتلّ الفرنسي للجزائر. 43
الإسكندرية، أو عكا:
اشترط الأمير عبد القادر الذهاب إلى الإسكندرية، أو عكا. ودون ذكر مكان آخر. 44
هدف الاحتلال هو: إجبار الأمير عبد القادر على ألا يذهب للمشرق العربي. وإقناعه بالعيش في فرنسا. 109
المرافقين للأمير عبد القادر عبر ميناء مرسى الكبير لفرنسا:
61 رجل. و 26 امرأة، ومنهم حوامل وعلى وجه الوضع. و6 فتيات. و9 فتيان. وعدد كبير من الرضع. والمجموع 87 من المرافقين، والحاشية. 47
نزلوا بفرنسا بتاريخ: 29 ديسمبر 1847. على السّاعة: 2 و30 دقيقة. وكان الجوّ باردا جدّا. 55
لم يكن في استقبالهم سوى الجنود الفرنسيين. واستغرق السفر أربعة أيّام. واقتيدوا إلى lazaret de saint-mandrier. للخضوع للحجر الصحي لمدّة عشرة أيّام. 55
رسالة الأمير عبد القادر للمحتلّ الذي سجنه ومن معه:
رسالة الأمير عبد القادر لفرنسا بتاريخ: 10 جانفي 1848. أي بعد مرور 21 يوم من مجيئه، وسجنه. يذكّرهم بوعده له بالسّفر إلى الإسكندرية، أو عكا. 56
أقول: احتلّت الجزائر سنة 1830 من طرف فرنسا. انطلاقا من تولون. وتمّ سجن الأمير عبد القادر بتولون بتاريخ: 1847. ص58
الموت لدى الأمير عبد القادر:
ويقول في رسالته: “لا يتحدّث لغتهم، ولا عاداتهم، ولا قانونهم، ولا دينهم، ولا حتّى ملابسهم. ألا تفهمون أنّ هذا هو الموت”. 60
أضيف: ومن هنا كان قولنا بأنّه سجن لامبواز وليس قصر لامبواز.
الأمير يختار الذهاب إلى الإسكندرية عوض البقاء فرنسا:
رسالة الأمير عبد القادر الثّانية بتاريخ: 3 فيفري 1848 إلى نابليون: “اخترت في البداية الإسكندرية التي لا أعرف فيها أحدا. وليس لي فيها أقارب. لأنّها طريق إلى مكة، والمدينة التي أودّ الذهاب إليها. والموت فيها. وبما أنّك خيّرتني بين البقاء في فرنسا، أو الإسكندرية. فإنّي أفضّل الذهاب إلى الإسكندرية على البقاء في فرنسا. لأنّ ديني لا يسمح لي بالبقاء في فرنسا”. 61
إلى الشام:
إطلاق سراح الأمير عبد القادر بتاريخ: 1852. للتّوجه إلى الشام بسورية. ووفى بوعده بأن لا يقاتل أبدا فرنسا المحتلّة. وقد دافع عن فرنسا ضدّ الأتراك أثناء الحوادث الدموية سنة 1860. ص72
العزلة، ومهانة، وذلّ السجن:
قال السجناء الجزائريين خلال سجنهم في سجن لامبواز: لم نكن نعرف عن الجزائر شيئا. ومنعنا من كلّ شيء. فعانينا العزلة. 92
رفضت النّساء أن يكشف عليهن الطبيب الفرنسي في سجن لامبواز. وكذلك رفضن الدواء المقدّم من طرفه. 92
قالت النّسوة: لم نكن نعتقد يوما أنّ أبناءنا يولدون في فرنسا. ولهم إخوة، وأخوات من حليب فرنسا. 93
لا أحد يزورنا في السجن. وحالاتنا النفسية منهارة. والمحتلّ لا يفعل أيّ شيء لتحسين أوضاع المساجين الجزائريين. وخسرنا عدّة مرافقين سنة 1849. والبرد زاد من تفاقم الوضع. وطلباتنا بشأن إطلاق سراحنا لم تكن تصل.
مقبرة البلدية، ومقبرة سجن لامبواز:
قالت جزائرية بعد أن دفنوا ابنها في المقبرة المسيحية: حاولت أن أقنع أبي لكيلا يدفنوا ابننا في وسط المسيحيين. لكن كلمة أبي لم تكن مسموعة كما كانت في أرضنا الجزائر. 97
بعد أن دفنوا اثنين من الأطفال الجزائريين في المقبرة البلدية المسيحية بفرنسا. تدخل الأمير عبد القادر وطلب من فرنسا أن يمنحوه قطعة أرض يدفن فيها الجزائريين. فلبت فرنسا طلبه. بأن تكون المقبرة في سجن لامبواز. 97
الجزائريات السجينات يرفضن أن يكشف عليهنّ الطبيب الفرنسي:
رفض النسوة الجزائريات أن يفحصهن الطبيب. وقدم لهن الدواء وفق ما تصفه راهبة للطبيب. والتي لا تحسن اللّغة العربية. 100
لم يسمح للطبيب الفرنسي أن يدخل للنّساء الجزائريات المريضات السجينات ليفحصهن. 107
تأخّر الأطفال في المشي بسبب سوء التغذية، وظروف السجن من برودة ورطوبة، والتغيير الجذري للحياة التي لم يتعوّد عليها الجزائري. 107
المدرسة لإرغام الجزائرئريين لقبول العادات الفرنسية:
فكرة تحويل الجزائريين إلى قبول الحضارة، والعادات الفرنسية تعود لسنة 1837. ص111
وفي أكتوبر 1850 سعت الأستاذة eugène allix لإنشاء مدرسة للفتيات الجزائريات، وقالت: “إذا حوّلتم لحضارتنا 100000 فتاة جزائرية من كلّ طبقات المجتمع، والأعراق في الجزائر، هؤلاء الفتيات سيصبحن بقوّة الواقع، النّساء المفضّلات للرجال المهمين من طبقاتهم، وستضمنون وإلى الأبد احتلال الجزائر وسيكونون الأداة الفاعلة لاحتلالها مستقبلا”. 111