غزّة أرضيّة (5)

علي هيبي

تاريخ النشر: 05/01/24 | 11:09

وأعدّوا

غزّةَ هاشمْ
كمْ منْ مرّةٍ
تجابهينَ رغمَ ترامي الجنودْ
على طولِ ضيقِ الحدودِ
وتكسرينَ القيودْ
في ضيقِ وقتٍ
وما ضِقْتِ ذَرعًا
غزّةَ هاشمْ
ما قلْتِ “آخْ”
ولا شبابُكِ الغضُّ شاخْ
ولا جملًا منْ جمالِ محاملِكِ ناخْ
غزّةَ هاشمْ
كمْ مرّةٍ كنْتِ مقبرةً للغزاةِ
ولكلِّ احتلالٍ غادرٍ وغاشمْ

الملكُ لله

ما دامَ ملوكُنا
تحتَ ركامِ رذالتِهِمْ
تحتَ رميمِ عظامِهِمْ
بلا حراكْ
موتى لوْ سُئلَ النّعشْ
للفظَهُمْ
مثلَما البحرُ
يلفظُ ميّتَ الأسماكْ
فلماذا يحكمونَ
موتى بلا كرامة
ولماذا يا اللهُ
لا نأخذُ بالثّورةِ
بالقوّةِ
منْهُمْ هذا الحكمَ
ونقيمُ على رؤوسِهِمِ القيامة
يا صاحبَ العرشْ
ونقعدُ بكرامتِنا أحياءً
فوقَ العرشْ

سلاحُ الهندسة

ما دامَتِ المثلّثاتُ الحمراءْ
تقومُ منْ زوايا دورِها
بلا حدودْ
وما دامْتِ المثلّثاتُ الصّفراءْ
تؤتي ثمارَها
بعدَ نضجِ الجلودْ
فلا خوفَ على المربّعاتِ السّوداءْ
منَ أحزمةِ النّيرانِ والبارودْ
ومهما أوغلَ الذّئابُ والجنودْ
في التّدميرِ والتّهجيرْ
وأزهقوا الأرواحَ وأراقوا الدّماءْ
وتغوّلوا في الافتراسِ والدّمارْ
واضحًا كالشّمسِ في ميعةِ الضّحى
سيظلُّ الموقفُ بلا غبارْ
وعاليًا سيبقى الشّعارْ
“أوقفوا الحربَ واخرجوا”
أمامَ كلِّ مرتبكٍ وحائرْ
أمامَ كلِّ ضلعٍ قاصرٍ
أوْ أرنبٍ خائنٍ وخائرْ
الحلُّ في فعلِ زوايا المثلّثاتِ
وفي مضائقِ الأحياءِ
عندَ بيدرِ الحسابْ
لنفصلَ القمحَ
عنِ الزّؤانِ والتّرابْ
في مدينةِ الأشاوسِ الغضابْ
وليسَ في حسابِ الرّبحِ والخسائرْ
ومنْ مربّعِ الدّمارِ
ومنْ كمائنِ الكفاحِ
ومنْ أصواتِ أنفاقِ الضّمائرْ
ومنْ محاورِ التّحريرْ
ومنْ نورِ البصائرْ
سوفَ تدورُ على البغاةِ
والمسدّساتِ الدّوائرْ

رسالةُ ردٍّ إلى معين بسيسو

“في ليلٍ لا يعرفُ الضّاربُ فيهِ خلاصَهْ
انطلقَتْ يا “فتحُ” رصاصَه”
طالَ اللّيلُ يا شاعري الكبيرْ
طالَ ليلُ الفتحْ
لا أحدَ يضربُ فيهِ
ولمْ ينزفْ منّا ألمٌ
والتأمَ الجرحْ
ما عدْنا نعرفُ لونّ الدّمْ
انحبسَ الدّمُ وطالَ الهمْ
لا رصاصْ
لا ضربَ
ولا خلاصْ
وصارَ مذاقُ الفمْ
بطعمِ القيءِ
بطعمِ السّمْ
لا صباحَ
لا سلاحْ
أينَ كنّا
“أنا إنْ سقطْتُ فخذ مكاني
يا رفيقي في الكفاحْ
فاحملْ سلاحي لا يخفْكَ دمي
يسيلُ منَ السّلاحْ”
وأينَ صرْنا
أينَ الكفاحُ
وأينَ الرّفاقُ
وأينَ السّلاحُ
وأينَ الصّباحْ
كنّا نارَ رماحِ الطّعانِ والقعقعة
وصرْنا رمادَ براميلَ
تقعقعُ بلاشيئيّةِ الجعجعة
كنّا المانعينَ إذا أردنا
وكنّا الطّاعمينْ
ونفعلُ فعلَ الكرامْ
وصرْنا الجائعينَ النّادمينَ
نلوذُ ونلتذُّ بصحنِ بقايا الطّعامْ
نتسوّلُ فتاتَ الرّغيف عندَ اللّئامْ
كنّا زئيرَ الأسودِ
وصرْنا كلابَ النّباحْ
كنّا على الشّهداءِ نبكي بصدقٍ
ونضمّدُ بالحبِّ والحريرِ الجراحْ
وصرْنا نذرفُ كاذبينَ
دموعًا كالتّماسيحِ
كانَ لنا طولٌ وصولْ
كانَ لنا حيلٌ وسيلْ
في كلِّ ساحٍ وساحْ
وعادَ بلا فتحٍ ولا حيلْ
ذاكَ الضّاربُ ليلًا
على أدراجِ البكاءِ
والضّياعِ وقبضِ الرّياحْ
وطالَ وطالَ اللّيلْ
كأهلٍ في رقيمْ
وفتحُ رجلٌ باردٌ سقيمْ
أوْ امرأةٌ أنجبَتْ قديمًا
لكنَّها اليومَ عاقرٌ عقيمْ
لا رصاصَ
لا سلاحْ
لا خلاصَ
لا صباحْ
يا شاعري الكبيرْ
فلننتظرْ لا تحريرَ
هذا اللّيلْ
لا تحريرْ
يا شاعري الكبيرْ
ما لنا غيرُ بؤسٍ ويأسٍ
وبئسَ المصيرْ

انتصروا فضحكوا

النّساءُ
والرّجالُ
والأطفالْ
في خيامِ نزوحِهِمْ
يجوعونَ ويضحكونْ
هلْ يضحكونَ لنا
رغمِ نزوحِهِمْ وجوعِهِمْ
الأطفالْ
رغمَ معاناةِ القهرِ ولسعِ البردِ
ورثِّ الأسمالْ
يضحكونَ
وربّما يسخرونَ رغمَ الجوعْ
الأطفالُ بضحكِهِمْ
بجوعِهِمْ
والنّساءُ
بخوفِهِنَّ
بصبرِهِنَّ
كالرّجالْ
سيدحرونَ الاحتلالْ

الوحدة

لغزّةَ رسالةٌ قديمةٌ
وغلافٌ جديدْ
رسالةٌ قديمةٌ جديدةٌ
لمَنْ يريدْ
أنْ يحطّمَ الأسوارْ
ويكسرَ القيودْ
ويطردَ التّتارْ
ويجعلَ منْ ورائِهِمْ سدًّا
ومنْ أمامِهِمْ جدارْ
ويعمّرَ بالإسمنتِ والكرامةِ الدّيارْ
غزّةُ الجديدةُ الآنَ
والغلافُ القديمُ
بأسُها كفولاذٍ شديدْ
كانَتْ في غفلةٍ فكشفْنا غلافَها
فبصرُها اليومَ حديدْ
صارَتْ كيانًا واحدًا جديدْ
لا جدرانَ فاصلةٌ
لا غلافَ ولا حدودْ

نظامُ خيانةِ الجملة

تحجّرتِ الرّوحْ
وماتَتِ النّفوسُ
وجفّت مواردُ الجروحْ
وغاضَتِ النّبوعُ
وغامَتِ الرّبوعُ
وذهبَتْ ريحُنا
وتاهَتْ رياحُ ثورةِ الفؤادْ
لأنَّنا فقدْنا الاستعدادَ
وما استطعْنا منْ رباطِ الخيلِ
للقتالِ والجهادْ
وشاخَ شرخُ الشّبابْ
يا شيوخَ قبائلِ الأعرابْ
صرْنا لا شيءَ في المكانِ
ولا ذكرَ لنا في الزّمانِ
صرْنا ورقةً في مهبِّ ريحْ
وأشباهَ رجالٍ
كلُّ واحدٍ منْهُمُ كسيحْ
صفرًا على الشّمالِ في الحسابْ
وشبهَ جملةٍ صرْنا
أوْ جملةً بلا فائدة
بلا معنى ولا خطابْ
ليسَ لها محلٌّ
منْ إعرابْ

صورتان
رأيْتُ في غزّةَ تحتَ القصفِ
وفوقَ الرّمالْ
أحدَ النّاسِ يقودُ عربةً
كانَ يجرُّها سعيدًا
بما فيها منْ كلّ الأثقالْ
ورأيْتُ عربةً يجرُّها حمارْ
سعيدًا كانَ قائدُها
رغمَ ما ينوءُ تحتَهُ
منَ الأوزارْ والأحمالْ
وآخرَ رأيْتُهُ يضحكُ
عربتُهُ كبيرةٌ
يقودُها ثلاثةٌ منَ البغالْ
ورأيْتُ عربةً هائلةً مخيفةً
كانَتْ بحجمِ دولةٍ
كثيرةِ العديدِ والعتادْ
والجنودِ والنّعالْ
تدجّجَتْ بالنّارِ والحديدِ والأحقادْ
كانَ يجرُّها جنرالْ
كلُّهُمْ وغيرُهُمْ
نزحوا منَ الشّمالِ للجنوبْ
ثمَّ عادوا منَ الجنوبِ للشّمالْ
يضحكونَ كلُّهُمْ
فلماذا أنتَ وحدَكَ متجهّمٌ
أيُّها الجنرالْ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة