أبجديتك !

يوسف جمّال - عرعرة

تاريخ النشر: 21/12/23 | 9:50

بمناسبة احتفالاتنا باللغة العربية ..

أبجديتك
لغة منحوتة على الصخر
فنٌ يزيِّن جدران المُغر
حروف مخلَّدة في السِّفر
ينابيع تنبع من أعماق الفكر
حبّ يبرق من لظى الجمر
****************
أبجديتك ..
اخترعها أهل صور
و رموها في البحور
طافت زبداً بحراً بعد بحر
ووصلت الى مينائك
وكتبناها حلماً
على سطور امتدادك
سطر بعد سطر
ونقشناها قدراً
على أسفار أقدارك
سِفراً بعد سِفر
************
أبجديتك
نفح عطر الزعتر
ترداد المواويل على البيدر
جذوع الزيتون الأخضر
أفقنا الطويل
تراب أرضك الأسمر
حلم قطوف عنب الخليل
الأصفر
***************
أبجديتك ..
منحوتة على جبل التوباد
وقف بقربه قيس وصاح :
أينكِ يا ليلى !
تعبتُ الطواف في البلاد
أضناني الهوى والسهاد
أنظري الى دمي
يقطر من أعماق الفؤاد
فردّت الفيافي
منشدة القوافي
ورددها أطفال المنافي
وهم يأكلون الخبز الحافي
***************
أبجديتك
حملناها على الموج ومشينا الطريق
وطفنا بها من مضيق الى مضيق
من بحر عكا الى بلاد الإغريق
من بحر يافا الى شواطئ البلطيق
فمنّا من مات واقفاً ومنّا من غريق
ومنّا من مات في وادٍ عميق سحيق
ومنّا مازال يعاني وعرات الطريق
****************
أبجديتك ..
مكتوبة بأحرف شمسيَّة
على ظلِّ خروبتنا
في مكان هجيع أبي
في وقت الهجير
مرسومة على أفقنا المنشور
على صفحات حلمنا المهدور
على ترديد صغار العصافير
على دموع طلوع البواكير
*************
أبجديتك ..
مكتوبة على صحائف بابل
على حدائقها المعلَّقة
على رقائع المعلقات السبع
قيلت في سوق عكاظ
تحت وهج الشمس المحرقة
منقوشة على أبواب القدس المغلقة
وعلى مخيَّمات جنين المطوَّقة
وعلى رؤوسنا المصلوبة بين
السندان والمطرقة
****************
أبجديتنا..
أعرابية من عشائر العربان
نصبت خيمتها في مضارب ذبيان
مرّت من بين الفيافي و الكثبان
عاشت من زمان الى زمان
رحلت من مكان الى مكان
وقفت قروناً في وجه الطغيان
تدافع عن بيتها بجروح اليدين
**********
أبجديك ..
رافقت عروس النيل في الفيضان
وزرعت لها في طميِّه الغيطان
نقلتها قوافل أبي سفيان
الى نواحي بيسان
وأسرعت الى الطيران لتزفَّ الخبر
الى أديرة الرهبان
وعذابات الصلبان
*********
أبجديتنا
كانت صحيفة يلوِّح بها نوح فصاح :
وهو يطوف على عباب الطوفان
من يرافقني الى أعالي الشطآن
من سيحتمي معي من الحيتان
من سينقذ نفسه من الغرقان
**************
فطارت ريشة في منقار حمامة
الى جبل الزيتون
وضعتها في عشها زمناً
وبعد أن أفرخت
حملتها الى مغارة المسيح
ومشت معه تحمل الآلام
وتكتب حروف دمها
عل تراب الطريق
****************

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة