عدي فلسطين وعدي العراق والناس الغنم
بقلم: الإعلامي أحمد حازم
تاريخ النشر: 25/10/22 | 19:32كثيرون هم الناس في هذا العالم الذين يوشون بالمناضلين والوطنيين خدمة للأعداء. والتاريخ مليء بحكايات الخيانة، ومجتمعنا الفلسطيني هو جزء من هذا التاريخ، أمثلة عديدة (أحقرها) التنسيق الأمني مع إسرائيل، فعناصر الأمن (أوبعضهم لكي لا نظلمهم جميعاً) هم الذين يبلغون الجيش الإسرائيلي عن مكان وجود المقاتلين ضد الاحتلال. وهل ننسى حكاية المقاتلين الفلسطينيين الذين لجأوا الى كنيست المهد في العام 2002 والذين كما قيل وقتها أن مسؤولاً فلسطينيا أوشى بهم؟
والتاريخ له حكاية أيضاً مع المناضل الأممي تشي جيفارا، الذي كان يقاوم سلطات بوليفيا ، والذي أوشى به راعي غنم. وعندما سأل الضابط راعي الأغنام الذي وشى بالمناضل تشي جيفارا: لماذا وشيت بجيفارا وهو الذي يقول إنه يقاتل من أجلك ومن أجل بقية فقراء هذا العالم؟ فأجابه الراعي: “لقد كان يخيف أغنامي سيدي.”
الراعي البوليفي كان فعلاً على حق. فالمناضل من أجل الوطن يخيف “الغنم” من الناس الموجودين في الأمة، وهؤلاء موجودون في السلطة الفلسطينية والدول العربية وفي مجتمعنا العربي أيضاً. هؤلاء الناس (الغنم) هم في الحقيقة بشر مثلنا شكلاً، يخيفهم المناضل ولذلك يوشون به.
عدي التميمي الذي قامت إسرائيل مؤخراَ باغتياله ليس من الناس (الغنم) بل من أحرار الناس، والذي أوشى به واحد من الناس الغنم. عدي التميمي هو أحد أبطال فلسطين، الذين دخلوا التاريخ من أبوابه الواسعة. لم يكن عدي الفلسطيني مدججا بالسلاح مثل جنود لابيد وبينيت ونتنياهو، كان يحمل فقط مسدساً. هل تعرفون لماذا؟ لأن حمل السلاح ممنوع على الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية. حتى السكين والعصا من المحرمات على الفلسطيني. حمل السلاح ممنوع على الفلسطيني عربيا وإسرائيلياً، لكن عدي لا يعترف بالممنوع، فحمل سلاحه المتواضع وشق طريقه مقاوما غير آبه بالعرب ولا باسرائيل.
لقد استشهد عدي الفلسطيني معززاً مكرماً على الصعيدين الرباني والشعبي، وستفتخر الأرض الفلسطينية بدم ابنها البار عدي، لكن ديدان الأرض ستخجل من النبش في جيف (أزلام) التنسيق الأمني ومن دار بفلكهم. لقد مات عدي شهيداً بينما سيموت الواشي عبداً، وما أكثر العبيد في المجتمع الفلسطيني إن كان قي السلطة أو في مجتمعنا. من يزحف فوق الأرض لإرضاء المحتل، ستزحف إليه ملائكة التعذيب ومن يزحف فوق الأرض لمقاومة المحتل، ستزحف إليه ملائكة الرحمة تحت الأرض. عدي التميمي الفلسطيني الدم والهوية، انتقل الى جوار ربه، لكنه ترك وراءه الآلاف أمثاله، صحيح ان هؤلاء لا يحملون اسم “التميمي” لكنهم يحملون اسم فلسطين.
هناك أيضا عدي العراقي، ابن المناضل صدام حسين الذي مات من أجل فلسطين، والذي رفض خيانة فلسطين مقابل البقاء على قيد الحياة. عدي العراقي أوشى به خائن من “الناس الغنم” مقابل حفنة من الدولارات. وهؤلاء الخونة يبيعون كرامتهم بالرخص، وأصحاب الكرامة الوطنية لا يتخلون عنها مقابل الملايين من دولاراتهم.
بقي علينا القول ان هناك (عدي) آخر لا ينتمي للعرب جنسية، لكنه من فئة العرب المناضلين الوطنيين الشرفاء، اسمه تشي جيفارا. صحيح انه ماركسي وأفكاري تختلف عن أفكاره، لكنه بالتالي أعلن عن دعمه الكامل للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، وهذا هو القاسم المشترك بيننا. جيفارا رفض الاستسلام في مواجهته الأخيرة مع وحدة من الجيش البوليفي رغم مقتل كل رفاقه. أفلا يستحق لقب عدي بوليفيا؟
وأخيراً….
رئيس الحكومة الإسرائيلية لابيد صرح بأن “القائمة المشتركة الثنائية” لن تدخل في حكومة يشكلها، مما يعني أن “موحدة” منصور عباس مرضي عنها. لماذا يا ترى؟ سؤال بحاجة الى جواب.