وقفات مع كتاب: الشرح الوافي للتفعيلات والقوافي (4) / تأليف: يوسف أبو خيط

بقلم: الشَّاعر العَروضي محمود مرعي

تاريخ النشر: 15/09/22 | 13:00

وقفات مع كتاب: الشرح الوافي للتفعيلات والقوافي (4) / تأليف: يوسف أبو خيط-
الطِّيرة

بقلم: الشَّاعر العَروضي محمود مرعي

كلام الـمؤلِّف بين مزدوجين (())

أعترف أنَّني عَلى امتداد مطالعتي في العَروض الَّتي تمتدُّ ثلاثة عقود ثُمَّ تخصُّصي
فيه، لـم أقرأ عبثًا
في علم العَروض كَهٰذا الكتاب، والَّذي لـم أجد- بعد قراءته- أنَّ مؤلِّفه يمتلك معرفة
تؤهِّله
للخوض في علم العَروض، ولا يعدو الكتاب أن يكون لشخص هاوٍ لـم يحالفه الحظُّ
ففشل فشلًا
ذريعًا، ومنذ بداية الكتاب أدركت أنَّ الـمؤلِّف وضع العربة أمام الحصان وحاول
السَّير، ولأنَّ
الحصان يجرُّ العربة ولا يدفعها فقد اختلط الأمر عَلى الـمؤلِّف، فجاء بشرح القوافي
بداية
الكتاب، وحقُّه أن يكون في آخر الكتاب، وجاء بشرح الزِّحافات والعلل في آخر
الكتاب وحقُّه أن
يكون في بداية الكتاب قبل شرح البحور والأوزان، أضف إِلى ذٰلِكَ ما وقفتُ عليه
من أخطاء
فاضحة في شرحه للأوزان، لا يقترفها من كانت له خبرة في علم العَروض،
فالـمؤلِّف يكتب في
العَروض ويُنَظِّر، وحين يكتب القصيد يكسر أوزانه ويخلط الأوزان ببعضها، ولا
يفعل شاعر خبر
الأوزان مثل هٰذا الفعل.

أقول لكِّل مؤلِّف: وقت الامتحان يكرم الـمرء أو يهان، ولن يفيدك لو مدح أهل
الأرض جميعًا كتابك، بينما حين نقرأه نجده عكس ما كتبوا عنه.

2

يقول الـمؤلِّف: (( 7- يباح في الشعر ما لا يباح في النثر ، من تقديم وتأخير
وتصرف في بنية الكلمة وضبطها ، بشرط عدم الإخلال بالمعنى ، فإن أخل بالمعنى
فلا تبيحه الضرورة)).
الكلام هنا عائم وغائم، وكان عليه توضيح الـمقصود، وما يجوز تقديمه وتأخيره،
كَذٰلِكَ التَّصرُّف في بنية الكلمة وضبطها، وَهٰذِهِ لـم أقف عَلى قصده منها، خاصَّة أنَّه
أضاف ((بشرط عدم الإخلال بالمعنى)) والكلمة إذا غيَّرنا بنيتها وضبطها تغيَّر
معناها، لٰكِنْ ما معنى قوله (عدم الإخلال بالـمعنى) وأيُّ معنى يُقْصَدُ هنا، والشَّاعر
يتصرَّف في معانيه كيف يشاء. وقوله (فإن أخل بالمعنى فلا تبيحه الضرورة)
الجملة كلُّها زائدة لا حاجة لها لأنَّه قال (بشرط عدم الإخلال بالـمعنى)، لٰكِنْ ما
علاقة الضَّرورة بِهٰذا؟ إِلَّا أن يكون قصد التَّحريك والتَّسكين، وَهٰذا مكان شرحه في
باب ضرائر الشِّعر، وليس هٰكَذا عشوائيًّا.
((ثانيًا: بعض المصطلحات، التي سنتعامل معها
– العلل والزحافات: هي المساحة التي تطرأ على بحور الشعور، وهي معروفة
محددة، حسب ما ورد في الشعر العربي القديم، في عصر الاستشهاد)).
قوله (بعض الـمصطلحات الَّتي سنتعامل معها) ما هٰذا؟ من يكتب في العَروض
يتعامل مع كلِّ مصطلحاته ويشرحها للقارئ، وليس بعض الـمصطلحات، وماذا لو
صادف القارئ بيتًا وفيه مصطلح لـم يشرحه الـمؤلِّف؟ ثُمَّ قوله (العلل والزحافات:
هي المساحة التي تطرأ على بحور الشعور، وهي معروفة محددة، حسب ما ورد
في الشعر العربي القديم، في عصر الاستشهاد)، كلام يدعو للتَّساؤل حول معرفة
الكاتب بما يكتب، هل يكتب عن خبرة في الأمر أم مجرَّد كتابة الكلام دون دراية؟
(العلل والزحافات: هي المساحة التي تطرأ على بحور الشعور/ يقصد بحور الشِّعر)
مساحة ماذا؟ وما علاقة الـمساحة هنا؟ الصَّواب: هي التَّغيُّرات الَّتي تطرأ عَلى
التَّفاعيل. (وهي معروفة محددة) إذا كانت معروفة ومحدَّدة فما الحاجة للشَّرح؟ ثُمَّ
هل طالبُ تعلُّم الشِّعر وفق كتابك يعرفها أو سبق له الاطِّلاع عليها، حَتّٰى تقول له
(معروفة ومحدَّدة)؟ ثُمَّ قوله (حسب ما ورد في الشعر العربي القديم، في عصر
الاستشهاد) لِـماذا حسب ما ورد في الشِّعر القديم حصرًا؟ ثُمَّ الشِّعْر القديم سابق عَلى
عصور الاستشهاد، وهل الـمعلَّقات نظمت في عصور الاستشهاد أم سابقة عليها
بقرون، وأنَّ عصر الاستشهاد اعتبرها من نماذج الاستشهاد في اللُّغة والنَّحو، أي إنَّ
عصر الاستشهاد استشهد بها وبدقَّتها، ما هٰذا؟ بل لِـماذا يقحم مصطلح (عصور
الاستشهاد) في أمر غير متعلِّق به؟

((الزحاف: يكون في ثواني الاسباب بالنقص بتسكين المتحرك او حذفه او بحذف
الساكن.

3

العلة: تغير الأسباب في الأسباب وراء ذلك فقط في العروض والارب. (بالزيادة او
النقص)
"انظر ديوان العرب")).
معروف أنَّ الزِّحافات (جمع زِحاف) نوعان مفرد ومزدوج، وهناك زحاف يجري
مجرى العَّلة وهناك علَّة تجري مجرى الزِّحاف، فأين التَّفصيل بشأنها؟ وهناك
زحاف لا يتعلَّق بثواني الأسباب، بل يدخل عَلى بداية التَّفعيلة الأولى في البيت
(الخزم) في الـمطالع، وهو زيادة عَلى حروف التَّفعيلة (×/××>×/ تُنْ/ مُسْتَفْعِلُنْ)
وهو زائد عَلى الوزن ولا يُحسبُ عند التَّقطيع، كقول محمود درويش في قصيدته
(بطاقة هُويَّة) (سَجِّلْ/ أَنا عَرَبي/فَعْلُنْ/ مُفاعَلَتُنْ/ ××/ >×>>×) كلمة (سَجِّلْ) زائدة
عَلى الوزن ولا تحسب عند التَّقطيع، وقد تكون الزِّيادة حرفًا أو أكثر وهناك من زاد
تفعيلة كقول صلاح الدِّين الصَّفدي (صفد، 696 هـ – 1296م/ دمشق، 10 شوَّال
764 هـ/ 23 يوليو 1363) في موشَّح له مخزوم:

كَلِّلي/ يا سُحْبُ تيجانَ الرُّبى بِالحُلي.. وَاجْعَلي/ سِوارَها مُنْعَطَفَ الجَدْوَلِ

فاعِلُنْ/ مُسْتَفْعِلُنْ مُسْتَفْعِلُنْ فاعِلُنْ.. فاعِلُنْ/ مُتَفْعِلُنْ مُسْتَعِلُنْ فاعِلُنْ

×>× / ××>× / ××>× / ×>× /.. ×>×/ >×>×/ ×>>×/ ×>×

الـموشَّح وزنه من السَّريع (مُسْتَفْعِلُنْ مُسْتَفْعِلُنْ فاعِلُنْ) وكلمتا (كَلِّلي، وَاجْعَلي/فاعِلُنْ)
زائدتان عَلى متن الوزن، ولا تُحسبان عند تقطيع الشِّعْر. (انظر: كتابنا- العَروض
الزَّاخر واحتمالات الدَّوائر2004/ج1: 445).

قوله (العلة: تغير الأسباب في الأسباب وراء ذلك) ما معنى تغيّر السَّبب في السَّبب؟
وما معنى كلامه أصلًا، والعلَّة تكون في الأسباب والأوتاد، نقصًا وزيادة، وليس
فقط في الأسباب، ثُمَّ كلمة (الأرب) وهو يقصد الضَّرب، والعلل منها علل نقص
ومنها علل زيادة، وهناك علَّة (الخَرْم) لا تتعلَّق بالعَروض والضَّرب، بل تدخل عَلى
أولِّ تفعيلة في صدر البيت الأوَّل من القصيدة، وقد وردت في أوّل تفعيلة في عجز
البيت الأوَّل أيضًا، وهي مختصَّة بكلِّ تفعيلة أوَّلها وتد مجموع (فَعولُنْ مَفاعيلُنْ
مُفاعَلَتُنْ)، كقول امرئ القيس من الطَّويل:

4

شاقَتْكَ أَحْداجُ سُلَيْمى بِعاقِلٍ.. فَعَيْناكِ لِلْبَيْنِ تَجودانِ بِالدَّمْعِ

فَعْلُنْ مَفاعيلُ فَعولُنْ مَفاعِلُنْ.. فَعولُنْ مَفاعيلُ فَعولُنْ مَفاعيلُنْ

سقطت فاء فَعولُنْ الأولى فبقيت عولن وقُلبت إِلى فَعْلُنْ (انظر: رفع شفوف الهودج
عن مقصورة الخزرجي، تحقيقنا للرَّامزة 2020/ص 203- 210 ففيه تفصيل
الخرم والتَّفاعيل الَّتي يعتريها).

ثُمَّ ما معنى الإحالة إِلى (ديوان العرب)، وما وظيفتك أنت وقد تصدَّرت للتَّأليف في
العَروض؟ وماذا يمكن للقارئ أن يستنتج من هٰذِهِ الإحالة؟ سيستنتج أنَّك لا تعرف!
وهل هناك من يكتب في العَروض ثُمَّ يحيل القارئ أو الطَّالب إِلى مصدر آخر غير
الكتاب الَّذي بين يديه؟ إذن، فلنختصر الطريق ونرشد القارئ أو الطَّالب إِلى
الـمصدر الآخر بدءًا، وكفى الله الـمؤمنين القتال.

الآتي يكشف عدم دراية الـمؤلِّف بالعَروض، وأنّه ربَّما انساق إِلى الـموضوع
حماسة، أو لأمر لا نعلمه، فهو يخلط أمورًا ببعضها، ولكلٍّ منها مكانه الخاصّ،
وسنفصِّلها:
((- التفعيلة: هي وِحدَةُ بناء البحر)).
الصَّواب: التَّفعيلة هي وحدة البناء في الشِّعر العربي، فهناك الـموشَّح، ومنه ما لا
يلتزم بنظام البيت رغم التزامه الوزن، وهناك البند أيضًا لا يلتزم نظام البيت ويلتزم
الوزن، وهناك شعر التَّفعيلة القائم عَلى التَّفعيلة وليس البيت.
((مثال: بحر الرجز – مسفعلن مستفعلن مُسْتَفْعِلْ)).
يقول: مثال: بحر الرَّجز، ثُمَّ يذكر 3 تفاعيل والأخيرة مستفعل فهل نقرأها مُسْتَفْعِلْ
أم مُسْتَفْعِلُ؟
أضف أنَّ هٰذا ليس الرَّجز التَّام، بل مشطور الرَّجز، لأنَّ بحر الرَّجز سُداسي، وليس
ثلاثيًّا.
مُسْتَفْعِلُنْ مُسْتَفْعِلُنْ مُسْتَفْعِلُنْ.. مُسْتَفْعِلُنْ مُسْتَفْعِلُنْ مُسْتَفْعِلُنْ
يقرأ البعض التَّفعيلة الأخيرة مُسْتَفْعِلُ مع إشباع حركة اللَّام، لأنَّ الضَّرب موضع
التَّرنُّم ومدُّ الصَّوت.

5

((- الشطر: نصف البيت)).
الشَّطر نصف تفاعيل الوزن، أمَّا كلمة البيت فقد نصادف وزنًا خماسيًّا وقد ورد في
الشِّعْر العربي، واختلفوا فيه بين مُجيز ورافض، ولدى الشَّيخ جلال الحنفي، رحمه
الله، نماذج كثيرة من هٰذا اللَّون. بقي القول إنَّ هٰذا التعريف مكانه ليس هنا، بل في
باب (ألقاب الأبيات) ففيها يتمُّ تفصيل الأمر.
((البيت – وينقسم الى قسمين: – الشطر للبيت الأول يسمي الصدر.
الشطر ألثاني يسمي للبيت ا لعجز)). لاحظ كلمة الثَّاني يكتب ال التَّعريف مع
همزة.
الصِّياغة هنا ركيكة، (الشطر للبيت الأول يسمي الصدر) هٰذِهِ معلومة مغلوطة وفق
صياغتها، ولن يدرك الـمعنى طالب العَروض والصَّواب: (الشَّطر الأوَّل من البيت
يسمَّى الصَّدر) وما معنى (يسمي) هل كان ينسخ من الشَّبكة دون تدقيق؟ ونفس
الأمر مع (الشطر الثاني يسمي للبيت العجز) الصَّواب: (الشَّطر الثَّاني من البيت
يُسمَّى العجز).
((- العَروض: آخر تفعيلة في صدر البيت.
الضرب : آخر تفعيلة في عجز البيت
-السبب الخفيف: المنشأ من حرف متحرك يليه حرف ساكن سكون. (/ 0)
(الصَّواب: النَّاشئ أو يتكوَّن من حرف متحرِّك يليه حرف ساكن/م.م).
– السبب الثقيل: يتكون من حرفين متحركين متتاليين (//)
– ( الوتد المجموع: يتكون من حرفين متحركين يليهما حرف ساكن. (// 0)
– (/ 0 /). الوتد المفروق: يتكون من حرفين متحركين بينهما حرف ساكن
ألفاصلة: الفاصلة وتتكون من نوعين)). (الصَّواب: الفاصلة نوعان، وليس تتكوَّن
من نوعين، الفاصلة تتكوَّن من كلمة ومن أحرف/م.م)
النوع الأول: – صغرى … ويتناسب من ثلاث متحركات متتاليات فساكن نحو حِبِرٌ،
خَبَرٌ ( /// 0) .
النوع الثاني: – كبرى … ويتصدر من اربع متحركات فساكن نحو حَرَكَةٌ، مُلِكَةٌ
(//// 0).)).
ما معنى يتناسب ويتصدَّر؟
الصُّغرى تتكوَّن من ثلاثة متحرِّكات فساكن ووزنها فَعِلُنْ: كُتُبٌ سَهَرٌ عِبَرٌ عِظَةٌ
غَلَطٌ سَفَرٌ كَتَبوا أَكَلوا شَبِعوا.

6

الكبرى تتكوَّن من أربعة متحرِّكات فساكن ووزنها فَعِلَتُنْ: سَمَكَةٌ بَرَكَةٌ كَتَبَةٌ حَمَلَةٌ
كَتَبَهُ أَكَلَهُ شَرِبَهُ غَسَلَهُ فَضَحَهُ.

وقد جمعوا الأسباب والأوتاد والفواصل في جملة: لَمْ أَرَ عَلى ظَهْرِ جَبَلٍ سَمَكَةً.
لَمْ: سبب خفيف. أَرَ: سبب ثقيل. عَلى: وتد مجموع. ظَهْرِ: وتد مفروق. جَبَلٍ: فاصلة
صغرى فَعِلُنْ. سَمَكَةً: فاصلة كبرى، فَعِلَتُنْ.
((القافية: آخر ساكنين في البيت، والمتحرك الذي قبل أولهما ، والرويُّ هو الحرف
الذي تُبنى عليه القافية ، يشير إلى حرفًا أصيلًا: أصلي في الكلمة ،
فمثلًا: تنظر الليلَ اشتياقاً يسعفُ القلبَ الكسيرَ
القافية: (سيرا) ، والروي: (الراء الأخيرة المفتوحة).)).
قوله (يشير إلى حرفًا أصيلًا: أصلي في الكلمة) الصَّواب: (إِلى حرفٍ أَصيلٍ) غير
دقيق فليس دومًا، فالهاء إذا كان ما قبلها ساكنًا أو ممدودًا فهي رويٌّ، سواء كانت
أصليَّة أم زائدة
كقول قيس بن ذريح:
بَكَيتُ نَعَم بَكَيتُ وَكُلُّ إِلفٍ.. إِذا بانَت قَرينَتُهُ بَكاها
وَما فارَقتُ لُبنى عَن تَقالٍ.. وَلَكِن شِقوَةٌ بَلَغَت مَداها
بكاها مداها قافية مردوفة بالألف والهاء رويّ، وهي زائدة وليست أصليَّة في
الكلمة.
وقول السِّبط بن التَّعاويذي ملتزمًا النُّون السَّاكنة قبل الهاء:
يا نائِبَ اللَهِ في الأَر (م) ضِ وَالخَليفَةَ عَنـهُ
فَنَحنُ نَلتَمِسُ الـرِّز (م) قَ وَالمَعونَـةَ مِنـهُ
اللَهُ آتـاكَ فَضـلاً.. وَرَحمَةً مِـن لَدُنـهُ
فَكَيفَ يُدرَكُ بِالشِـعـ (م) رِ مِن صِفاتِكَ كُنـهُ
فَراعِ مَن راعَـهُ الآ (م) نَ صَرفُ دَهرٍ أَعِنهُ
أَخنَت عَلَيهِ اللَيالـي.. وَعَزمُهُ لَـم يَخُنـهُ
قَد عاشَ في ثَروَةٍ دَهــ (م) رَهُ فَلا تُحوِجَنْـهُ
وَاِستُر مُحَيّاهُ عَن بَذ (م) لَةِ السُؤالِ وَصُنـهُ

7

كَذٰلِكَ في البيت الَّذي أورده (الكَسيرَ) والرَّويُّ في حال كانت حركته الفتحة تضاف
ألف الإطلاق والصَّواب (الكَسيرَا)، وألف الإطلاق واجبة الإثبات حَتّٰى في الاسم
الـمحلَّى بال التَّعريف.
((التصريع: ورود قافية العَروض (الصدر) مشابهه لقافية الضرب (العجز) ، في
التعامل مع العجز)).
التَّصريع ما اتَّفق فيه إيقاع العَروض والضَّرب زيادة ونقصًا، ويكون في مطلع
القصيدة، ولا يمتنع أن يأتي في ثنايا القصيدة.. وهناك فرق بين التَّشابه وبين
الاتِّفاق، كقول امرئ القيس في معلَّقته:
قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِلِ.. بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ
هٰذا مطلع الـمعلَّقة اتَّفق إيقاع العَروض مع إيقاع الضَّرب (وَمَنْزِلِ/ فَحَوْمَلِ)،وقد
ورد التَّصريع في ثنايا الـمعلَّقة مرَّة أخرى:
أفاطِـمَ مَهْلاً بَعْضَ هَذَا التَّدَلُّـلِ.. وإِنْ كُنْتِ قَدْ أزْمَعْتِ صَرْمِي فَأَجْمِلِي
(التْ تَدَلُّلِ/ فَأَجْمِلي) وَكَذٰلِكَ:
ألاَ أَيُّهَا اللَّيْلُ الطَّوِيْلُ ألاَ انْجَلِــي.. بِصُبْحٍ وَمَا الإصْبَاحُ منِكَ بِأَمْثَــلِ
(أَلا انْجَلي/ بأَمْثَلِ).

((القبض: حذف الحرف الخامس الساكن.
مثال: فعولن نحولها الى فعول –اما تفعيلة (مفاعيلن) فتقبض في حالة
الأضطرار)).
ما معنى حشر زحاف القبض هنا؟ مكانه في باب الزِّحافات والعلل. ثُمَّ الاضطرار
يكون في فَعولُنْ
ومَفاعيلُنْ، لأنَّ الزِّحاف كلُّه اضطرار أصلًا. وكلمة الاضطرار مصدر فعل خماسيّ
يكتب الفعل ومصدرة بلا همزة.
((الضرب: هو البناء الصحيح للتفعيلة الكاملة.
الضرب المقبوض: حذف الساكن الخامس أي السبب مفاعيلن تصبح مفاعلن أي
نحذف ساكن ألأول.
الضرب المحذوف: هو ما حذفنا اخر سببه الخفيف. مفاعيلن (// 0/0/0) = مفاعي
(// 0/0).)).

8

قوله (الضرب: هو البناء الصحيح للتفعيلة الكاملة) كلام خطأ، لأنَّ الضَّرب هو
التَّفعيلة الأخيرة في البيت، سواء جاءت صحيحة أو اعتراها طارئ من زحاف أو
علَّة.
قوله (الضرب المحذوف: هو ما حذفنا اخر سببه الخفيف. مفاعيلن) أيضًا هنا خطأ
فلو فرضنا مفاعيلن آخر سببها الخفيف هو النُّون وبحذفها تبقى مفاعيلُ، وَهٰذا
زحاف الكفّ حذف السَّابع السَّاكن.. أحيانا نتيجة ركاكة الصِّياغة يقع الـمؤلِّف في
أخطاء شنيعة، فقد كان قصده (الضرب المحذوف: هو ما حذفنا سببه الخفيف
الأخير، مفاعيلن مفاعي وتقلب فَعولُنْ/ م.م).
((تفعيلات بحور الشعر : –
فَعِلُنْ = (/// 0) .. فَعُولُنْ = (//0/0)..فاعِلاتُنْ = (/0//0/0)..مُسْتَفْعِلُنْ =
(/0/0//0)..مَفاعيلُنْ = ( //0/0/0)..مُتَفاعِلُن = (///0//0)..مُفاعَلَتُنْ =
(//0///0)..مَفْعولاتُ = (/ 0/0/0/0).)).
أوَّلًا لا توجد تفعيلة أصليَّة في تفاعيل الشِّعر العربي دون وتد، وتفعيلة فَعِلُنْ ليست
أصليَّة فلا يمكن عدُّها من التَّفاعيل الأصليَّة، أمَّا الأصليَّة فهي فاعِلُنْ وليس فَعِلُنْ.
ثُمَّ ترتيب التَّفاعيل يكون بالأصول والفروع، فهناك أربعة تفاعيل هي الأصول:
فَعولُنْ مفاعيلن مفاعلتن فاعِ لاتُنْ، وقد ترك الـمؤلِّف تفعيلتي فاعِ لاتُنْ وَمُسْتَفْعِ لُنْ
ذات الوتد الـمفروق، ربَّما نسخ من مصدر لا يعرفها. مع أنَّه تحدَّث فيما سبق عن
الوتد الـمفروق.
وترتيب التَّفاعيل العشر الصَّحيح كما ذكرها الشَّيخ ضياء الدِّين الخزرجي في
الرَّامزة:
فَعولُنْ مَفاعيلُنْ مُفاعَلَتُنْ وَفا (م) عِ لاتُنْ أُصولُ السِّتِّ فَالعَشْرُ ما حَوَى
فالأصول عنده أربعة، يتفرَّع عنها ستَّة أخرى والـمجموع عشرة أجزاء. والجزء هو
التَّفعيلة (رفع شفوف الهودج عن مقصورة الخزرجي/ص 11).
فالأصول هي التَّفاعيل الَّتي تبدأ بوتد، والوتد سيِّد فحقُّه التَّقديم:
فَعولُنْ يتفرَّع عنها فاعِلُنْ
مَفاعيلُنْ يتفرَّع عنها مُسْتَفْعِلُنْ فاعِلاتُنْ
مُفاعَلَتُنْ يتفرَّع عنها مُتَفاعِلُنْ
فاعِ لاتُنْ يتفرَّع عنها مَفْعولاتُ مُسْتَفْعِ لُنْ (رفع شفوف الهودج/ص 103).
(هذه صورة التَّفاعيل مرتَّبة في الجدول).

9

وقد ذكر الشَّيخ الصَّبَّان في منظومته الأصول والفروع، فذكر كلَّ أصل وما يتفرَّع
عنه:
فَعولُنْ مَفاعيلُنْ مُفاعَلَتُنْ وَفا (م) عِ لاتُنْ بِفَرْقٍ لُذْ وَكُلٌّ تَأَصَّلَا
وَفَرْعُ فَعولُنْ فاعِلُنْ وَالَّذي يَلي.. بِمُسْتَفْعِلُنْ مَعْ فاعِلاتُنْ تَكَفَّلَا
لِتاليهِ فَرْعٌ واحِدٌ مُتَفاعِلُنْ.. لِلاخِرِ مَفْعولاتُ مُسْتَفْعِ لُنْ تَلَا
بِفَرْقٍ لِهٰذا كُنْ زِحافُ تَغَيُّـرٍ.. لآخِرِ أَسْبابٍ وَجا الجُزْءُ مَا بَلَا
(انظر: مجموع الـمتون الكبير: 586. رفع شفوف الهودج عن مقصورة
الخزرجي/ص 103) ((الشعر.
الصحيح: – كامل التفعيلات (3 + 3 تفعيلات).
المجزوء: – ناقص تفعيلة (2 + 2 تفعيلات).
المشطور: – ناقص 3 تفعيلات (3 تفعيلات).
المنهوك: – تفعيلتان فقط. (2 تفعيلة)».
التَّعريف الأوَّل والثَّاني خطأ، فهناك بحور ثمانيَّة: الطَّويل البسيط الـمتقارب
الـمتدارك.
والصَّوابُّ، الصَّحيح هو ما استكمل تفاعيل البحر، سواء كان ثمانيًّا أو سداسيًّا أو
رباعيًّا، والـمجزوء ما نقصت منه تفعيلة من كل شطر.
الطَّويل: فَعولُنْ مَفاعيلُنْ فَعولُنْ مَفاعيلُنْ.. فَعولُنْ مَفاعيلُنْ فَعولُنْ مَفاعيلُنْ
البسيط: مُسْتَفْعِلُنْ فاعِلُنْ مُسْتَفْعِلُنْ فاعِلُنْ.. مُسْتَفْعِلُنْ فاعِلُنْ مُسْتَفْعِلُنْ فاعِلُنْ
الـمتقارب: فَعولُنْ فَعولُنْ فَعولُنْ فَعولُنْ.. فَعولُنْ فَعولُنْ فَعولُنْ فَعولُنْ
الـمتدارك: فاعِلُنْ فاعِلُنْ فاعِلُنْ فاعِلُنْ.. فاعِلُنْ فاعِلُنْ فاعِلُنْ فاعِلُنْ

10

لجميع هٰذِهِ البحور الأربعة يوجد مجزوء. وفي مجموعتي الشِّعريَّة (جنَّة الأرض
أنت 1997) قصيدة من مئة بيت عَلى مجزوء الطَّويل:
أنا القدس أُهْديكمْ سَلامي.. أنا القدس في غُلِّ العَبيدِ
فَعولُنْ مَفاعيلُنْ فَعولُنْ.. فَعولُنْ مَفاعيلُنْ فَعولُنْ
ولك أن تغيِّر (غُلِّ العبيدِ) إِلى (قَيْدِ اليَهودِ).
((* ملاحظه هامه: الوزن الدقيق هو الوزن الموسيقي لأن الكسر البسيط يمكن أن
نتلافاه (نصحِحُهُ) بالمدى او السكوت في الوزن (الرتم) الموسيقى إيقاع
الموسيقى)).
هٰذِهِ الـملاحظة ذكرناها في الـمقالة الأولى وأثبتنا خطأها، فالموسيقى الـمقترنة
بالآلة، يمكن أن نلحِّن حَتّٰى النَّثر عليها، وَلٰكِنْ حينها سنضطرُّ إِلى إشباع حركات
بعض الحروف وخطف أخرى لتجييرها إِلى الوزن العَروضي الَّذي هو الأصل
الثَّابت، فلا يمكن والحال هٰذِهِ أن تكون موسيقى الآلة الَّتي تُجيِّر الحروف لتوافق
الوزن العَروضي هي الوزن الدَّقيق، بل الوزن الدَّقيق هو الوزن العَروضي،
وكمثال فقط مُسْتَفْعِلُنْ هٰذا وزن عَروضي وكمقابل كُتُبُنا بالـمدِّ كوتوبُنا لتوافق الوزن
العَروضي، وقد استمعت إِلى تراتيل كنسيَّة ووجدت تطبيق هٰذا الأمر. لٰكِنْ لفت
نظري أنَّ الـمؤلِّف ذكر ما اقتبسناه في بداية الـمقالة ((يباح في الشعر ما لا يباح في
النثر ، من تقديم وتأخير وتصرف في بنية الكلمة وضبطها)) وَهٰذا ينقض قوله حول
الوزن الدَّقيق، لأنَّ الآلة يمكن تلحين النَّثر عليها، فهل وزن النَّثر الـملحَّن هو الوزن
الدَّقيق؟ والاقتباس يجيب عَلى السُّؤال (لا يباح).
والتَّلحين بالآلة متأخر عن الوزن العَروضيِّ فهل يعقل أن يكون اللَّاحق أصلًا
للسَّابق؟ أو أن يكون الخلف أصلًا للسَّلَف؟
ولا نظنُّ أنَّ الـمؤلِّف بلغ ما بلغه الأستاذ سليم الحلو صاحب كتاب (الـموشَّحات
الأندلسيَّة)، حيث يقول: «وبما أنَّ قوانين الـموسيقى مماثلة لقوانين العروض…»
(الـموشَّحات الأندلسيَّة: 99) هٰذا الكلام يدعم قولنا، فحين يغنِّي مغنٍّ (وِالنَّاسِ تِبْكِ
مِنْ غِيابِ الـمَطَرْ) نجده يُشبع حركة الكاف من (تِبْكِ/ تبكي) ليوافق الوزن
العَروضي، ويضيف سليم الحلو في موضع آخر «أهمُّ ما يجب مراعاته في صياغة
ألحان الـموشَّحات هو:- اختيار الـميزان الإيقاعي الـمطابق للميزان الشِّعري»
(الـموشَّحات الأندلسيَّة: 88)، والألحان موسيقى سواء في الـموشَّح أو غيره من
الغناء.
والـموشَّح في تعريفه الأدقّ «قصيدة نظمت من أجل الغناء»، وهو أعمّ وأشمل من
تعريف ابن سناء الـملك أنَّ الـموشَّح «كلام منظوم عَلى وزن مخصوص»، فكثير
من الـموشحات نظمت وفق بحور الخليل، كموشَّح «جادك الغيث». والـموسيقى
ظهرت في الحجاز ومن الخليفة عثمان بن عفَّان، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فأين هي من
الإنشاد الشِّغري والتَّغنِّي بالشِّعر، ويُنسب لحسَّان، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، القول:

11

تَغَنَّ بِالشِّعْرِ إِمَّا كُنْتَ قائِلَهُ.. إِنَّ الغِناءَ لِهٰذا الشِّعْرِ مِضْمارُ
ويُعَدُّ طويس «أوَّل من غنَّى بالمدينة، فعُدَّ أباالغناء بالإسلام، ويُظنُّ أنَّ طويسًا أدخل
الإيقاع إِلى الغناء العربي، وأنَّه أوَّل من غنَّى بالعربيَّة مصحوبًا بالآلة الـموسيقيَّة
الـمعروفة (بِالدُّفِّ)». (الـموشَّحات الأندلسيَّة:94). ما يهمُّنا أنَّ الغناء وفق ميزان
العَروض سابق بدهور عَلى الغناء الـمصحوب بالآلة، وهو الأصل وليس الفرع.
(يتبع)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة