الفساد السياسي في الدولة

تاريخ النشر: 09/04/14 | 14:43

بقلم: المعهد الاسرائيلي للديمقراطية

تكاد تكون كل دولة مصابة بفساد سياسي نوعا ما، مهما كان نظامها. بينما في الدولة الديمقراطية فان هذا الامر لا يتوافق مع المبادئ الاساسية للنظام، مثل سلطة القانون والمساواة امام القانون. لقد اصبح الفساد السياسي في السنوات الاخيرة احدى الآفات القاسية في الديمقراطية في البلاد، ويحتل مكان رئيسي في النقاش العام. يسود في البلاد الشعور بان الفساد قد تفشى في كل مجالات المجتمع والسياسة، وبالإمكان ايجاد تعبير لهذا في استطلاعات رأي الجمهور، التي يتضح منها ان الجمهور يقدّر ان البلاد يسودها فساد كثير، وكذلك في رد سلطات الحكم- تمحور نظام تطبيق القانون بشتى اقسامه في هذا المجال وإنشاء لجان تحقيق برلمانية مهمتها التحقيق في الكشف عن الفساد في الحكومة في البلاد.
تعريف الفساد
ثمة صعوبة اساسية في تعريف الفساد من الناحية التجريبية وقياسه، وذلك لان تعريف الفساد يتعلق بالقانون، بالأخلاق وبأعراف عامة في مجتمع ما. بالإمكان الاشارة الى ثلاثة انواع رئيسية من التعريفات:
أ.تعريفات شرعية، تحدد ان الاخلال بأعراف قانونية او رسمية هو فساد. حسب هذا التوجه، فان الفساد السياسي هو استغلال مسيء لمنصب عام من اجل نيل منافع او ربح شخصي.
ب. تعريفات “فلسفية”، وفقها الفساد هو عمل يحيد عن نظام اخلاقي معرف. وفقا لهذا التوجه، فان الفساد السياسي هو استخدام لا اخلاقي، ومن هنا ايضا غير شرعي، للمناصب والموارد العامة من اجل نيل منافع شخصية.
ج. تعريفات تتعلق بالإدراك العام وتعتمد بالأساس على استطلاع رأي الجمهور. انها لا تحدد او تحاول تحديد الفساد بشكل موضوعي، بل تحديد العمل الذي يُنظر اليه على انه فاسد بنظر غالبية الجمهور.
هنالك ميزة مشتركة واحدة للتعريفات العديدة الواردة في الابحاث وهي الاستغلال المسيء للمنصب العام من اجل احراز ربح شخصي.
على الرغم من الانشغال الكبير بالفساد السياسي في هذه الايام والشعور بان الفساد آخذ بالازدياد ويتغلغل في شتى الانظمة في البلاد، فهنالك ادلة جديدة والتي حسبها لا جديد تحت الشمس وانه ايضا في الماضي لم تكن اسرائيل بريئة من الفساد.
في سنوات الخمسينيات من القرن العشرين انتشرت مشكلة الفساد وعدم المحافظة على النزاهة بين اعضاء حزب الحكم ونشطائه. كانت سنوات الستينات والسبعينات عصر صعود اللاشرعية: تم الكشف عن المزيد والمزيد من الفساد في القيادة العليا السياسية، الاقتصادية والبيروقراطية، طرأ انخفاض على مكانة القانون وازداد عدد مخالفيه، ورفض المركز السياسي مواجهة تحديات مجموعات من خارج البرلمان.
يعكس النظام السياسي في الدولة الديمقراطية المجتمع، ولذا فمن المرجح ان كانت الاعراف غير المقبولة شائعة في الجهاز السياسي فإنها شائعة في المجتمع كذلك. وبالفعل فان وجود اعراف غير مقبولة في مستويات الحكم المختلفة تعكس ثقافة لا شرعية في المجتمع الاسرائيلي في مجمله.
تتواجد الادلة على الفساد واللاشرعية في البلاد منذ سنوات الخمسينيات وحتى اليوم، ويبدو ان انظمة القانون والتربية لم تعالج الامر كما يجب على مدار السنوات. مع هذا لا توجد لدينا ادلة مجربة وحاسمة على ان الفساد يزداد بالفعل، والشعور بان الامر كذلك يعتمد لدرجة كبيرة على التقارير في وسائل الاعلام. بكلمات اخرى، من الصعب المعرفة ان كان الفساد يزداد ام انه فقط يُغطى بشكل اكبر من قبل وسائل الاعلام. يحتمل ايضا ان الشعور بازدياد الفساد نابع من كثرة القوانين التي تُعنى بهذا الامر ومن ازدياد التطبيق لهذه القوانين. هذا الشعور والذي كما ذكرنا مشكوك في مدى صحته، يؤدي الى زعزعة ثقة المواطنين بالنظام السياسي وبشرعيته.

fsaad

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة