الحرية للبروفيسور عبد الستار قاسم
تاريخ النشر: 15/09/11 | 9:21بقلم شاكر فريد حسن
عبد الستار قاسم كاتب ومثقف وسياسي واكاديمي فلسطيني من دير الغصون قضاء طولكرم ، واستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح الوطنية في نابلس . وهو صاحب مواقف سياسية ووطنية واضحة وجريئة عبّر عنها وسجلها في مقالات كثيرة نشرت في الصحف والدوريات الفلسطينية والعربية داخل الوطن وخارجه ، وفي مواقع الانترنت العديدة.
ولعبد الستار قاسم سمعة طيبة ورصيد سياسي ونضالي كبير في تاريخ النضال الوطني الفلسطيني ضد الاحتلال التوسعي الاسرائيلي . وما يميزه انه دائم النقد وطرح الاسئلة الكبرى وانتقاد نهج اوسلو ومسلكيات جماعة اوسلو ، ورفض نهج التسوية والمفاوضات السياسية العبثية ، وقد عرى الفاسدين والمفسدين، ووقف بحزم ضد الفساد المستشري في اروقة السلطة الوطنية الفلسطينية ودوائرها المتعددة.
ونتيجة مواقفه الجريئة في مواجهة الفساد الفلسطيني تعرض قاسم للكثير من المساءلات والتحقيقات والملاحقات السياسية من قبل الاجهزة الامنية الفلسطينية، التي اودعته السجن اكثر من مرة ،في محاولة للجم صوته واسكاته وتدجينه. ولكنه في كل مرة كان يخرج من السجن اقوى واكثر عناداً وشراسة في تعرية وفضح نهج التفريط ومواجهة الفاسدين وجماعات التزمير والتطبيل .
وبالامس القريب جرى اعتقال عبد الستار قاسم وفصله من جامعة النجاح الوطنية ، التي يعمل فيها محاضراً في قسم العلوم السياسية ، وذلك على خلفية مقال له انتقد فيه ادارة الجامعة لتنفيذها قراراً صادراً عن محكمة العدل العليا التابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية باعادة طلاب كانوا فصلوا من الجامعة بسبب اعمال شغب .
ورغم اطلاق سراحه بقرار من رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس (ابو مازن) وانهاء الاشكال باعادته الى الجامعة وفق اتفاق ابرم بينهما ، الا ان مسألة اعتقاله وابعاده لا تزال تتفاعل في الشارع الفلسطيني وبين النخب الاكاديمية والمثقفة الفلسطينية ورجالات الفكر والعلم والتربية ، لما لهذه القضية من ابعاد وانعكاسات وتأثيرات على العملية التربوية والحريات الاكاديمية وحرية الرأي والتعبير في المستقبل . ومن منا نحن الفلسطينيين اكثر حاجة لهذه الحرية وايماناً بها ، وكنا ننشدها طوال مرحلة الاحتلال البغيض وعانينا من غيابها ..؟!.
ان ما جرى مع الاستاذ الجامعي البروفيسور عبد الستار قاسم يندرج في اطار محاولات كم الافواه وقمع الاصوات الشريفة الحرة المخلصة ومحاصرة العقول النيّرة ، واسكات الاقلام النظيفة ، التي تسهم في فضح وكشف حقيقة الفساد والمحسوبيات وتقف ضد نهج التفريط بالحقوق والثوابت الوطنية الفلسطينية .
اننا لا نتضامن فقط مع عبد الستار قاسم، بل نرفض ونشجب بشدة اعتقاله ، الذي يتكرر من وقت لآخر ، بسبب مواقفه وارائه وقناعاته الايديولوجية والسياسية . ومن العار ان تتحول الجامعات الفلسطينية الى سجون ومعتقلات لاصحاب الفكر الحر والعقول المضيئة ، بعد ان كانت منارات للثقافة الديمقراطية وحرية التفكير والتعبير ، وبدلاً من تكريم هذا المفكر والمناضل السياسي والاستاذ الجامعي، الذي عاش عقوداً في رحاب جامعة النجاح الوطنية، وتخرجت على يديه اجيال عديدة ، وافنى عمره في خدمة قضية شعبه ، فانها تقوم باعتقاله وابعاده وفصله . وفي ذلك يصدق القول :” لا كرامة لنبي في وطنه” .
واخيراً نقول بصوت عال :” الحرية للبروفيسور عبد الستار قاسم”.
كم شعرتُ بالألم والضيق وأنا أقرأ وأسمع هذه العبارة:
“لا كرامة لنبيّ في وطنه”!
كم نحن بحاجة إلى غربلة تراثنا والتخلّي عن الكثير مما ورد
فيه من مقولات وأمثال تستهر بعقولنا وبقناعاتنا المتنوّرة الملتزمة!
آن الأوان لنمنح المبدعين والمتميّزين من أبناء شعبنا الاحترام والتقدير
في حياتهم، فالشعوب لا ترقى ولا تتقدّم إلا بفضل هذه النخب المتألّقة المبدعة!