لماذا لم اعد أحضر الندوات والنشاطات الثقافية

تاريخ النشر: 09/02/14 | 1:21

في الماضي البعيد الجميل كانت حياتنا تعج وتزخر بالنشاط الثقافي والأدبي الهادف الواعي، وكانت الندوات والأمسيات الثقافية، التي كان يشارك فيها نخبة طليعية واسعة من مثقفينا ومبدعينا، تستقطب أعداد هائلة من المشاركين من مختلف الشرائح والأعمار والأجيال. وكانت تعتمد على العمل الجماعي المخلص والأيمان الصادق والتخطيط الصحيح والسليم، وبدوافع وطنية وثورية وإيمان عقائدي غريزي، بعيداً عن أي ضجيج أو صخب، وعن أي دوافع وأهداف شخصانية وذاتية، وهدفها بالأساس تفعيل العمل الثقافي وتحريك الحياة الاجتماعية وبث الوعي بين الأجيال الصاعدة والناشئة، وخلق جيل مثقف متنور وواع.

لكن للأسف أن واقعنا اليوم مختلف تماماً، فقد تغير كل شيء بفعل ثقافة الاستهلاك والعولمة، وتبدلت المفاهيم والقيم والمعايير الاجتماعية، وبرزت النرجسية، مما افقد الندوات قيمتها وبريقها ووهجها، فغدت ذات أهداف حزبية وسياسية صرفة ولها دوافع مخفية، وتحولت إلى منصات استعراضية وتمثيلية حباً بالظهور والتقاط الصور لنشرها في المواقع الالكترونية والصحف المحلية..! وفضلاً عن ذلك فإن الندوات لم تعد تجذب الجيل الشبابي الجديد، وما قيمة الندوة إذا لم يحضرها الشباب الصاعد، الذين هم أحوج للتوعية والتثقيف والتسلح بالثقافة والمعرفة والوعي..؟!

ثم فإن المشاركين في هذه الندوات هم نفس الوجوه والشخوص، وكذلك المتحدثين الذين يتجاوز عددهم في أحيان كثيرة عدد الحاضرين والسامعين.

انطلاقاً من كل ذلك، واحتجاجاً على هذا الواقع السيئ والرديء قررت منذ سنوات، كما فعل الشاعر اللبناني أنسي الحاج، الانزواء في صومعتي ومقاطعة الندوات والمهرجانات الثقافية التهريجية وعدم حضورها والمشاركة فيها، وذلك حفاظاً على نقائي وعقيدتي وإيماني ووفاءً لمبادئي وقيمي التي أومن فيها، وتكريس وقتي في القراءة التزود بالمعرفة والكتابة ونشر الكلمة، لما لها من وظيفة اجتماعية وفعل تعبوي تحريضي ودور فاعل وهام في بلورة وتنمية الوعي ونهضة الشعب والمجتمع وبناء الإنسان. وكم كان الشاعر والقاص والمفكر الفلسطيني الكبير ابن قريتي مصمص، أحمد حسين، صادقا ومحقاً حين قال :

شعب المصيبة نحن في عصر زنت فيه الحضارة وانزوى الشرفاء

نعم هذا هو حال الشرفاء والأنقياء ينزوون كي لا يتلوثون ولا يسقطون أو يدجنون..!

‫2 تعليقات

  1. مصيب جدا في رايك ومصيبة كبيره للمستوى الثقافي او اللا ثقافي الذي نمر به (اتمنى اننا نمر ولسنا مقيمين), ليس فقط العولمة والنرجسية وكدلك الهيبوكريزية المنافرة/المفارقة بين ما نقول وما نعني وبين ما نفهم وكيف نعمل. والمضحك انا نفعل هذا بوضوح تام ونقول: وين المشكله؟!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة