نصائح أب لأبنه بمناسبة بداية السنة الدراسية

تاريخ النشر: 22/08/16 | 13:46

اما يا بني .. وقد بلغت من العمر سنا،تستطيع فيه ان تسبح في بحار العلم والمعرفة.. وتستطيع بصنارتك وشباكك،ان تصطاد بما يقدمه هذا البحر، من غذاء للروح والجسم.. فخذ قاربي ومجدافي، وصنارتي وشبكتي واقتحمه.. ولكن لا بد لي – يا بني – ان اضع في جعبتك بعض النصائح، لعلها تكون لك عونا، في خوضك غمار هذا البحر:

النصيحه الاولى: تعلم من التاريخ .. تاريخ وطنك !
يا بني – لقد كان ميلادي في ايام سوداء قاهرة.. لقد فتحت عيني،لارى نور الشمس، فوجدته كان قد سرق.. احتميت في حضن امي، فسمعت دقات تنطلق من قلب مكسور، لقد سرقوا مرعى بقرتنا “ست البنات”،وتركوها جائعة عاجزة عن ملئ درتها بالحليب، كي تعوض جفاف ثديي امي،اللذان ضمرا من ندرة الطعام،بعد ان استولوا على القمحات،والعدسات،والبصلات .. نظرت الى وجه ابي، فقرأت على الوديان والحفر والاخاديد المرسومة عليه،كل احاسيس القهر والظلم والعجز والذل والهوان.!
.. وولدت هذه الدولة على انقاض،رضاعتي وطفولتي .. ولدت في الزمن المغتال.!
اما انت – يا ولدي – فقد اسعفك الحظ، ان ترى عيناك النور، في زمن استطعنا فيه،نحن الذي بقينا في وطننا، ان نرسو في قاع الوادي.. نمسك باظافرنا المهترئة بقاعه،كي لا يجرفنا تياره الجارف.!
فيا ولدي- خذ قدر ما تستطيع من اسباب العلم والمعرفة، فانك ان ملأت عقلك منها، فان ثقلك سيزيد، ولا تستطيع تيارات وامواج البحر، ان تجرفك وترميك في بلاد المنافي والتشريد.
اما يا بني- وقد جاءت الدولة العبرية.. فصبغت كل ما حولنا باصباغ غريبة، فقلبت الاسماء والمسميات، واصبحنا نشعر اننا غرباء في وطننا،فاصبحت الروحة מנשה..!!،ومرج بن عامر יזרעל،وحليب بقرتنا اصبح יוגרת..!! وفطير زعتر امي اصبح حراما علينا..!!
وحشرونا في صفوف لم نر فيها النور، لا تدخلها الشمس، وعلمونا فنون العصا قبل ان نتعلم فنون المعرفة، وارسلوا الوانا من المعلمين، لا ينطقون الا بما يقوله السلطان، وذلك خوفا على معاشهم ومعيشتهم، فانشدنا مهللين لنعم دولتنا الفتية،ورقصنا على انغامها الغريبة.
فتاريخنا معهم – يا بني -،علمنا دروسا وعبرا، نستطيع بها أن نعمق جذورنا، في أعماق هذه الأرض، ونحمي ثمار فروعنا عليها .

وصيتي الثانية..أخرج من سجن التغريب .!
اخرج من سجن التغرب والتغريب،التي تريد دولتنا العبرية نفيك فيها، وامح الالوان القاتمة الغريبة التي تريدة الدولة ان تصبغ بهاعيونك، وعد الى الروحة،ومرج بن عامر، والكفرين، وعكا ويافا، واصنع من زعتر بلادنا، فطيرا للروح والجسد، وغن لجبالها،وسهولها،وهضابها،ولنسمات وديانها، اخرج من مناهجهم، وابن لك منهجا جديدا،يكمل ما سطره اجدادنا،على صفحات اراضيها وسمائها. والله
-اني اعرف – اني ادعوك لتركب مركبا صعبا زاخرا بالمشاق،ولكن هذا قدرك الذي ولدت فيه ومن اجله.

النصيحة الثالثة..لا ترقص على أنغامهم ..!
لقد قالوا اننا شعب بلا وطن، و نريد ان نقيم لنا دولة في وطن بلا شعب..هكذا روجوا لجريمتهم في العالم..!!
هكذا علمونا في المدارس، قالوا لنا في مناهجهم، وعلى لسان المعلمين الذين اشتروا السنتهم بتهديد قطع الارزاق.
ذبحوا ارواحنا، واجبرونا على الرقص حول النار،وادخلونا الى حلبة المصارعة، نتصارع وندمي اجسامنا وارواحنا،وهم يشربون كاسات تشظينا.
فيا ولدي اخرج من منهاجهم، وطف في ارجاء الوطن، واقرأ تاريخه المسطر باحرف من نور على شمسه التي لا تغيب، وعلى الجبال التي لا تركع، وعلى السهول التي تنطق اخضرارا، زر ضريح القسام،وصل ركعتين، واحفن قبضة من تراب مرج بن عامر، واصنع منها خبزا، فهي “مغمسه” بدماء الفلاحين،الذين خرجوا يدافعون عنه بالشاعوب.
وزر بحر عكا، واجلس واستمع الى امواجه، وهي تحكي سيرة الصيادين،الذين دافعوا عن شاطئه،وكبر مع مأذن القدس، التي ارتفع منها نداء “النشاما”،الذين هبوا للدفاع عن اسوارها.
لا تبك- يا ولدي -وانت تقرأ وطنك، فوطننا تشبع بدموع البكاء..!! فهو يحتاج منك،ان تجلس معه، وتستمع الى حكاياته..!!
النصيحة الرابعة : تسلح بالعلم ..!
واعلم يا ولدي انهم بالعلم والمعرفة استطاعوا ان يستولوا على الوطن. ويبنوا دولة تصنع عزها وغناها من حجارة انقاض بيوتنا ودمائنا المسفوحه. سلطوا علينا كشافات علمهم،فاعموا ابصارنا وشلوا حركتنا.
فخذ يا ولدي باسباب العلم والمعرفة،قدر ما تستطيع.. لملمه من كل الطرقات والاروقه، ان البقاء في هذا العالم هو للاقوى علما. وانغمس في شعاب البحث العلمي،حتى تجد لك ولشعبك مكانا في هذا العالم. لقد تخلفنا عن الركب، وابتعدنا عن قافلة الشعوب المتقدمة، وطالت واتسعت المسافة،التي تفصل بيننا وبينهم.
ومن –يا ولدي- غيرك وغير ابناء جيلك،سيلحقنا بركب الشعوب المتحضرة..!!؟

واخيرا يا ولدي..!
لا تستمع الى تجار الموت، ومسوقي جهنم،فهؤلاء طبقة متطفلة،تعيش على هامش الدين . يقضون ايامهم ولياليهم،’ “يلوكون” صغائر الامور، وينذرون الناس بعظائم الامور، لقد شغلهم ابليس حتى استولى على حقولهم، ان الله ورسوله اعظم وارحم من هؤلاء المتطفلين، وان الله اكبر واعظم من ان يحاسب عباده الصغار والضعفاء،على زلاتهم واخطائهم الصغيرة.
فأحب الله ورسوله –يا ولدي-،ولتكن علاقتك معه علاقة مباشرة،فلا يكون بينك وبينه وسيط او وكيل.

يوسف جمّال – عرعرة

yoserjmal

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة